-
إيران تلوّح بعصا العطش.. منعاً لعودة العراق إلى الحاضنة العربية
أعلنت بغداد في الحادي عشر من يوليو الجاري، قطع إيران المياه بشكل تام عن العراق، وقال وزير الموارد المائية العراقي، مهدي رشيد الحمداني، أن "الإطلاقات المائية من إيران بلغت صفراً"، مشيراً إلى "اتخاذ حلول لتخفيف ضرر شح المياه في محافظة ديالى"، بجانب التلويح إلى اللجوء إلى المجتمع الدولي في حال مواصلة الوضع على ما هو عليه.
كما بعثت وزارة الموارد العراقية مذكرة للجانب الإيراني، تدعوه فيها إلى الالتزام بالبروتوكولات والاتفاقيات التي بين البلدين بشأن المياه المشتركة، فيما يعتمد العراق في حاجاته المائية على المياه الواردة من تركيا وإيران وسوريا، فيما تلبي الأنهار والسواقي المائية القادمة من إيران، ثلث حاجة العراق، بالذات من الأنهار والروافد الكُبرى، مثل نهر الزاب الأسفل، الذي يُغذي بحيرة دوكان التي تتدفق بدورها لتغذي نهر دجلة.
دعوات عراقية متكررة
وكرر العراق على مدار الفترات السابقة، دعواته للدول المجاورة، تحييد المياه عن المناكفات السياسية، ففي بداية أبريل الماضي، طالبت بغداد بإشراك أطراف دولية، للحماية من مخطط الفقر المائي الذي تخطط له تركيا وإيران، إذ دعت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، لإشراف دولي على أي اتفاق جديد بخصوص حصة العراق المائية مع تركيا وإيران، يضمن التزامهما بكل ما يعقد من تفاهمات بذلك الخصوص.
اقرأ أيضاً: في ميانمار.. جيش مُنقلب يفشل بإخضاع شعب مُنتفض
وصرّح وقتها، رئيس اللجنة سلام الشمري، في بيان، بأن "العراق مستعد لأي اتفاق جديد يضمن حصته المائية المشروعة مع تركيا كدولة منبع لدجلة والفرات وإيران للكثير من روافد النهرين"، مؤكداً على "أهمية إشراك الأمم والمتحدة وأي طرف دولي للإشراف على أي اتفاق مع الدولتين يضمن عدم التنصل من الاتفاقية، وإبعاد العراق عن شبح الجفاف وإدخاله في أتون أزمات جديدة".
ويعاني العراق من تناقص خطير بالمعدل السنوي لتدفق مياه نهري دجلة والفرات منذ ما يقرب الـ15 عاماً، وزاد من تلك المعاناة تشييد الجانب التركي لستة سدود ضخمة حتى الآن، ضمن مشروع "الغاب" الهادف لتشييد 22 سداً على حوضي النهرين، والذي كان قد أعلن عنه في تسعينيات القرن الماضي، فيما تعاظمت أزمة المياه، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، نتيجة قيام الجانب الإيراني بإنشاء مشاريع وسدود على أنهر وروافد مشتركة مع العراق.
ليس فقط المياه
ولكون الأحداث مترابطة، فلا يمكن إخراج محاولات حصار العراق مائياً من دائرة المشاريع الإقليمية، بين حلف طهران من جهة، والحلف العربي من الجهة الثانية، إذ تسعى إيران منذ العام 2003، إلى إخضاع العراق بكلّه للنفوذ الإيراني، ولم تترك طريقة لتنفيذ ذلك، إن بالترغيب وإن بالتهديد، ولا يبدو أن حرب المياه الإيرانية على العراق خارج ذلك الإطار.
ففي منتصف مايو الماضي، أشارت مصادر سياسية في العاصمة العراقية بغداد، إلى أن حراكاً خفياً ينظمه مسؤولون إيرانيون، وآخرون في سفارة طهران، لوقف أو عرقلة مشروع الربط الكهربائي بين العراق والدول الخليجية، وذلك بعد بلوغ المشروع مراحل متقدمة، حيث كشفت وزارة الكهرباء، أن العراق أنجز قرابة 81 بالمئة من مستلزمات ومتعلقات هذا الربط، مع وجود مباحثات ومفاوضات مع هيئة الربط الخليجي لإنشاء خط بطول 300 كم، حيث سيكون بواقع 220 كم داخل الأراضي الكويتية و80 كم داخل الأراضي العراقية.
اقرأ أيضاً: رغم المجازر والاستعانة بالغرباء.. عين تيغراي تكسر المخرز الإثيوبي
وذكر مصدر سياسي فضل عدم الإفصاح عن هويته، لـموقع "سكاي نيوز عربية" إن "مسؤولين إيرانيين كانوا يرافقون وزير الخارجية محمد جواد ظريف، حاولوا التأثير على مجريات مشروع الربط الكهرباء، عبر استمالة مسؤولي قطاع الطاقة في العراق، ومنحهم تعاقدات جديدة، بأسعار مخفضة، مقابل وقف المشروع، أو إبطاء وتيرته، وهو ما دفع وزير الكهرباء ماجد حنتوش إلى زيارة إيران، بعد أيام على زيارة ظريف، للتأكيد على مضي المشروع وفق الخط المرسوم له".
العراق بين الحاضنتين الفارسية والعربية
وتعزز تلك الافتراضات، فكرة سعي طهران إلى إجبار العراق على البقاء في الحاضنة الفارسية، ولعل ما دفعها إلى مضاعفة الحصار المائي، القمة العربية التي عقدت في بغداد، نهاية يونيو الماضي، وجمعت ثلاث دول هي مصر والعراق والأردن، في العاصمة بغداد، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حيث تصدر مشروع “الشام الجديد” المشترك بين الدول الثلاث، أعمال القمة بما شمله من تعاون في مجالاتٍ اقتصادية واستثمارية.
وكان قد أطلق الكاظمي تعبير “الشام الجديد”، لأول مرة خلال زيارته للولايات المتحدة أغسطس الماضي، وقال حينها لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إنه يعتزم الدخول في مشروع استراتيجي يحمل هذا الاسم، موضحاً أنه مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات.
اقرأ أيضاً: النمسا.. بين يقظة السلطات وأساليب الإخوان الملتوية للتسرّب داخلها
ويعتمد المشروع على التكامل بين مصر بالعمالة والعراق بالنفط والأردن بالموقع الجغرافي بينهما، حيث يستهدف هذا التحالف حصول كل من مصر والأردن على النفط العراقي بأسعار منخفضة، وذلك عبر مد أنبوب نفط عراقي من البصرة إلى ميناء العقبة بالأردن ومن ثم إلى مصر، بجانب السعي لتصدير الكهرباء المصرية للعراق والأردن، ومن ثم تطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، والتعاون في قطاعات الصحة والبنية التحتية وإعادة الإعمار، وزيادة التبادل التجاري بين الدول الثلاث.
فيما قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، لـوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن “القمة ستعمق وترسخ العلاقة بين الدول الثلاث (العراق – مصر – الأردن)”، مبيناً أن “جامعة الدول العربية تنظر بإيجابية للتعاون الثلاثي بين الدول الثلاث”، مضيفاً أنّ “القمة الثلاثية، ستعلي من مصلحة الشعوب العربية وكيفية تحقيق القدر الأكبر من الانسجام والتوافق والتنسيق في المصالح الاقتصادية والسياسية العربية”، وهو لبّ ما تدركه طهران وترفضه في ذات الآن، ليرفع معها قادة نظام الملالي في إيران، شعار العطش للعراق أو الخضوع.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!