-
أربيل الوجه المشرق للعراق
يوماً بعد آخر يظهر رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني براعته في جمع الفرقاء السياسيين العراقيين وغير العراقيين على أرضية مشتركة من خلال تطوير نشاطاته الدبلوماسية والثقافية وزياراته المكوكية المستمرة لعواصم الدول الإقليمية والدولية لترسيخ السلام وتطوير العلاقات السياسية والتجارية مع العراق والدول الإقليمية والعالمية، وكذلك من خلال مشاركاته الفاعلة في المنتديات والمؤتمرات الموسعة التي تعقد بشكل دوري بإشرافه وتحت رعايته بغية ترسيخ ركائز السلام والمحبة والعلاقة الإنسانية المتطورة بين الشعوب العراقية والإقليمية، وفق هذا النهج الدبلوماسي المرتكز على الحوار والتواصل الحضاري وفكرة نبذ الخلافات الطائفية والعرقية التي ينتهجها رئيس الإقليم.
فقد باشرت مؤسسة "روداو" الإعلامية العملاقة تحت رعايته بإقامة أكبر منتدى حواري في أربيل العاصمة، وربما في الشرق الأوسط للسنة الثانية على التوالي، لاستضافة واستقبال نخب متخصصة في العلوم والتربية والسياسية والثقافية من جميع أنحاء العالم "أمريكا وروسيا وتركيا والأردن والإمارات العربية... لوضع الأسس الصحيحة لعلاقة حضارية راقية بين مجتمعات وشعوب المنطقة، ونشر السلام في ربوعها.
استمرت أعمال المنتدى على مدى يومين (1 ــ 2 مارس 2023) حافلة بالنشاطات السياسية والعلمية المكثفة. تناولت سلسلة من البحوث السياسية القيمة تحت عنوان (نقاط التحول ومستقبل الشرق الأوسط)، تضمنت الجلسات الأولى مواضيع علمية عن الطاقة "التغييرات في أمن الطاقة ومنافسة الطاقة في الشرق الأوسط" لنائب وزير الطاقة الأمريكي السابق وروبن ميلز والرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة ثم أعقبتها محاضرة لـ "جيمس جيفري" رئيس برنامج الشرق الأوسط "بعنوان "ما هو توجه تركيا بعد 100 عام من تأسيسها، ومواضيع أخرى مهمة تناولت حزمة من القضايا الشائكة التي يعاني منها العراق والعراقيل التي تواجه أمنه واستقراره، أسبابها ودوافعها؟ وكذلك بحث ودراسة "الاستمرارية والتغييرات في السياسة الإيرانية" للدكتور "حقي إيغو" و"إيروين فان فين" رئيس برنامج الشرق الأوسط في وحدة أبحاث النزاعات.
والحقيقة إن الإقليم شهد تطوراً ثقافياً وسياسياً وعمرانياً ملحوظاً منذ 2003، هذه النشاطات الثقافية والمظاهر الحضارية التي تميزت بها العاصمة أربيل بشهادة ميدانية من قبل المراقبين والوفود العربية والأجنبية، قابلتها مظاهر الجهل والتخلف والعودة إلى حقبة القرون الوسطى في بغداد؛ الوجه الآخر القبيح للعراق الجديد، لا شيء في مدينة الرشيد وأبو جعفر المنصور ينم عن الازدهار والتقدم ومواكبة العصر، الفساد والفوضى ضاربة أطنابها في مؤسسات الدولة التي تتحكم فيها ميليشيات طائفية تشكل دولة قوية داخل الدولة الرسمية الهشة.
هذا البون الحضاري الشاسع بين مجتمعين مختلفين وقوميتين متباينتين داخل دولة واحدة، شكل صراعاً مريراً ودامياً مستمراً في كثير من مراحل تأسيس الدولة العراقية. لم يكن سهلاً على الحكام الطائفيين في بغداد وهم يرون أربيل تتقدم في ميادين الحياة وتنال إعجاب العالم بينما عاصمتهم تغوص في الفوضى والفساد العارم وتعتبرها المنظمات الدولية أسوء مدينة في العالم لا تصلح للعيش الإنساني! وكان لا بد لحكام بغداد أن يعملوا على إيقاف عجلة النهضة الحضارية لأربيل ويضعوا حداً لتطورها المستمر بكافة الوسائل المادية والمعنوية ومن خلال استهدافها عسكرياً وسياسياً وخنقها اقتصادياً وقطع الميزانية ورواتب الموظفين عنها ولم يتركوا طريقاً شيطانياً إلا وسلكوه لإزالة هذا الكيان المتطور الذي تحول إلى "وصمة عار" على جبينهم تذكرهم دائماً بعجزهم وفشل سياساتهم في إدارة الدولة وتحقيق أبسط متطلبات الحياة الكريمة للمواطنين، وهم في محاولة دائمة لإسقاط المدينة أو إجبارها على الاستسلام وإعادتها صاغرة إلى السلطة المركزية الحديدية الشبيهة بالنظام البعثي البائد أو أكثر منه شراسة ووحشية.. عند ذلك وبذلك تكون أربيل وبغداد سواء بسواء، كلاهما يمثلان الوجه القبيح للعراق الجديد "ما حدا أحسن من حدا!" على قولة الإخوة اللبنانيين.
ليفانت - محمد واني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!