الوضع المظلم
السبت ٢٤ / أغسطس / ٢٠٢٤
Logo
هيمنة
إبراهيم جلال فضلون (1)

تغير ترتيب القوى الاقتصادية بين الشرق والغرب، وتكالب أغلبيتهم رغبة في التخلص من هيمنة الدولار صاحب العلاقة المعقدة مع الجغرافيا الاقتصادية والمعاملات الدولية، خاصة في ظل حالة الاستقطاب العالمي الراهنة مع ظهور تكتلات وتحالفات اقتصادية جديدة، كبريكس وغيرها، حتي بدأت الصين ثاني أكبر القوى الاقتصادية العالمية في التخلص من الدولار (تدويل اليوان) في معاملاتها التجارية الخارجية منذ مطلع العقد الماضي، لما تسببه الدولار الأمريكي من مشكلات متزايدة للاقتصادات في جميع أنحاء العالم، فتكالب العالم ضده لإيجاد عملات احتياطية بديلة، إذ نجحت الصين في تقليص هذه الفجوة بدرجة كبيرة فتراجعت حصة الدولار في المعاملات الخارجية الصينية إلى قرابة 54% خلال السنوات العشر التالية، ثم إلى نحو 42% نهاية الربع الأول من العام الجاري، بعدما كان للدولار مكاسباً عام 2010 باستحواذه على أكثر من 84% من المعاملات الصينية العابرة للحدود، مقابل حصة أقل من 1% بالنسبة لعملتها المحلية.
أما الأن وقد حدث الطلاق التجاري احتل اليوان المرتبة الخامسة، بحصة سوقية تزيد على 2% متقدما قليلا على الدولار الكندي اعتبارا من عام 2022، وفقا لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك سويفت (SWIFT) فاستخدم ما يقرب من 42% من المدفوعات عبر الحدود الدولار الأمريكي في التسوية في حين استخدم نحو 36% اليورو، وظلت حصة اليوان مستقرة كونها لا تستخدم خدمة الرسائل سويفت.
ولعل من أبرز التحديات التي تواجه العملة الأمريكية هي العقوبات المفروضة على روسيا واستخدامها الروبل الروسي بعد الحرب الروسية الأوكرانية في المعاملات وانضمامها إلى قائمة الدول المنتجة للنفط الخاضعة للعقوبات حاليا،
بجوار اليوان الصيني مما يؤثر على الاستخدام الدولي للدولار كمخزن للقيمة، وخاصة مع تراجع الاعتماد على عملات كانت شائعة في هذه المعاملات مثل اليورو والين، فكانت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية نهاية عام 2022، لإقامة علاقة تكافلية مع بعض من أكبر موردي النفط للصين، وهو ما يُعبر عن طموحات الصين المتعلقة بالبترو اليوان وأن الصين ترغب في "نموذج جديد للتعاون الشامل في مجال الطاقة" وأن "منصة تبادل النفط والغاز الطبيعي في شنغهاي سيتم استخدامها لتسوية اليوان في الصين"، وهي علاقة اقتصادية لا يحتاج الدولار الأمريكي والنظام المالي الغربي إلى لعب أي دور فيها. فهل يمكن تحقيق الاختراق الذي تتوق إليه الصين في مجال تدويل الرنمينبي، ووضع البترويوان كتحدي للبترودولار؟
لعل المنافسة الجيوسياسية المتصاعدة بين واشنطن وبكين ستظهر حتماً في نظام احتياطي العملات العالمي ثنائي القطب أيضًا، مع تزايد انقسام العالم بين قطبين، فلم تعد الولايات المتحدة هي المهيمنة وحدها فيما يتعلق بالاستثمار أو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فصارت الصين هي الشريك التجاري الأكثر أهمية بالنسبة للغالبية العظمى من البلدان، وينطبق هذا بشكل خاص على تجارة السلع الأساسية، ففي عام 2021، بلغ إجمالي التجارة التي تشمل الصين (الصادرات والواردات الصينية) أكثر من 6 تريليونات دولار أمريكي، أو نحو 27% من التجارة العالمية، ولكي يتمكن الدولار من اكتساب حصة سوقية كبيرة في التجارة الدولية، فسوف يكون لزاما على الصين أن تقنع عملائها ومورديها للسلع الوسيطة بأن الدفع باليوان أكثر كفاءة من الدفع بالدولار. وهذا كثير لأسباب ثلاث أولاها اقناع الدول للتعامل به
وهذا لم يحسم بعد.. كما أنه لا يمكن اختبار القيمة الدولية لليوان وفقاً لظروف السوق، وأخيرا، فإن ضوابط رأس المال في حد ذاتها من المحتمل أن تؤدي إلى تقليص فائدة الاحتفاظ باليوان.. والحل هو اعتماد التكتلات أو على الأقل دولة ثالثة للتجارة فيما بينها (على سبيل المثال، روسيا وإيران) وأن تتخلى هذه البلدان عن أسعار الصرف المحددة في مقابل الدولار أو اليورو، وهذا لم يحدث بعد.. وبالتالي فإن استقراء هذا الاحتمال للتنبؤ بنهاية الدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية ووسيلة التبادل المفضلة في المعاملات الدولية يبدو بعيد المنال.

ليفانت: إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!