-
هل وصول بدر جاموس لرئاسة هيئة التفاوض.. بهندسة وترتيب روسي؟
قبل تنصيبه رئيساً لهيئة التفاوض السورية، في 12 حزيران/ يونيو الحالي، ومنذ سنوات انخراطه في تشكيلات المعارضة السياسية، يتم تداول علاقة بدر جاموس المتينة مع الخارجية الروسية، من قبل جمهور المعارضة والثورة السورية، الأمر الذي وضعه تحت المجهر وبدأت تكثر حوله الإشاعات بارتباطه مع الدولة التي حرصت بكل قواها السياسية والعسكرية على بقاء النظام السوري على رأس السلطة حتى اللحظة.
وفي 28 أيار/ مايو الفائت، رشح الائتلاف الوطني المعارض "بدر جاموس" لرئاسة هيئة التفاوض السورية في المرحلة المقبلة خلفاً لأنس العبدة.
من يكون "بدر جاموس"؟
تشير السيرة الذاتية المدونة على موقع الائتلاف المعارض لـ "بدر جاموس" أنه من مواليد بلدة التل بريف دمشق عام 1968، وتخرج كطبيب أسنان من مولدوفا، ثم تابع الدراسات العليا وحصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية، كما عمل مستشاراً لرئيس الجامعة الدولية ثم عين قنصلاً فخرياً للجمهورية العربية السورية لمدة عشر سنوات.
ويتقن جاموس اللغة الروسية والإنكليزية، وترأس مجلس إدارة شركة رويال فاركو في مالدوفا.
اقرأ المزيد: تعيين بدر جاموس المقرّب من الروس رئيساً لـ "هيئة التفاوض السورية"
وكان جاموس، قد شارك بمؤتمرات تنظيم المعارضة وقوى الثورة السورية، ابتداء من مؤتمر أنطاليا بتركيا، كما شارك بمؤتمر الإنقاذ، إضافة إلى اللقاء التشاوري الذي تم بموجبة تأسيس المجلس الوطني السوري، لينتخب فيما بعد عضواً في الأمانة العامة للمجلس الوطني، وصار مديراً لمكتب التعليم فيه.
بعد ذلك شارك في تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وترأس لجنة التعليم العليا فيه، وقد شغل منصب الأمين العام للائتلاف سابقاً، وفقاً لموقع الائتلاف المعارض.
روسيا تفاوض نفسها
عقب نشر خبر تسلم بدر جاموس، رئاسة هيئة التفاوض السورية، تكررت عبارة "روسيا تفاوض نفسها" من نشطاء الثورة السورية والعديد من سياسيي المعارضة، بسبب ما يتداول بأن جاموس تربطه علاقة متينة مع الخارجية الروسية التي تهندس علاقة موسكو بدمشق.
وفي وصفه لارتهان المعاضة السورية، نشر الطبيب وليد البني، وهو معارض ومعتقل سياسي سابق، وينحدر من بلدة التل مسقط رأس بدر جاموس، على صفحته في فيسبوك يقول: "فصائل مسلحة متعددة الولاءات تحمل فكراً ظلامياً قاعدياً ومعارضة سياسية فاسدة تمثلها مؤسسات تابعة، ويتحكم بها شخصيات أدمنت العمالة والارتزاق منذ كانت تبصم للطاغية بالدم (بدر جاموس مثالاً) تمولها وتفسدها وتأمر قياداتها أنظمة كارهة للديمقراطية وحقوق الشعوب في الطرف الآخر"، في إشارة إلى الحكومة الروسية.
قد تكون الأدلة غير متوفرة حول هذه الرواية، لكن المؤشرات حاضرة، فمن جهة "جاموس" وبحسب سيرته الذاتية، يتقن اللغة الروسية، وكذلك كانت الدولة التي يحمل جنسيتها جاموس، مالدوفا، ضمن الاتحاد السوفياتي، بل ومن المرجح أن تكون الدولة التالية بعد أوكرانيا، التي تشملها الأطماع الروسية.
كما يتمركز 1500 من قوات "حفظ السلام" الروسية في إقليم ترانسنيستريا الانفصالي، الموالي لموسكو، وتعتبر اللغة الروسية إحدى اللغات المحكية إضافة إلى المالدوفية والرومانية.
بكل الأحوال، الروس اخترقوا المعارضة السياسية السورية، من لحظة زج "منصة موسكو" في هيئة التفاوض، وتمثيلها للمعارضة في اللجنة الدستورية، واليوم رئيس الهيئة مقرب من الروس، فهذه جميعها مؤشرات تضع جاموس، في خانة الصديق الحليف للسياسات الروسية، إضافة إلى البراغماتية المفرطة التي يتمتع بها بالتعاطي مع الدول المتداخلة في الشأن السوري، مثل تركيا وبعض الدول العربية.
أولويات الجاموس
يرى جاموس، في حديث له قبل أيام لوسيلة إعلامية محلية، إلى أن "تغيير ملف التفاوُض، والوضع الدولي الذي هو ليس في صالحنا بسبب الفيتو الروسي، واليوم هناك فرصة حقيقية لتحقيق تقارُب مع حلفائنا". دون أن يذكر من هم الحلفاء، سواء أكانت روسيا أم الدول العربية، لأن تركيا هي بالأصل تحتضن المعارضة، بل والآمر الناهي في كياناتها الرسمية كالائتلاف والحكومة المؤقتة وجيشهما (الوطني). مبيناً أنه في الفترة الأخيرة "هناك عزوف عربي عن الملف السوري، وتراجع في اهتمام الولايات المتحدة بالملف السوري، والنظر للوضع في سوريا من زاوية مصالح واشنطن في الاتفاق النووي الإيراني، أو لظروف لها علاقة مع السوريين أنفسهم". وهنا كان عليه أن يكون أكثر شفافية ويقول، (لظروف تتعلق بالمعارضة السورية وذهابها بعيداً في مسار أستانا مع تركيا وروسيا وإيران).
اقرأ أيضاً: الائتلاف يعلن عدم رضاه عن تطبيع بعض الدول مع النظام السوري
كما عولَّ رئيس هيئة التفاوض الجديد، على "فشل التوصل لاتفاق في الملف النووي الإيراني، وكذلك الخلاف بين الأردن وإيران في الجنوب السوري، وتراجع الدور الإيراني في لبنان، إضافة إلى قناعة بعض الدول العربية بأنه لا يمكن التطبيع مع النظام لأن بشار الأسد هو رجل إيران في المنطقة ولن يتخلى عن علاقته معها".
في الحقيقة المملكة العربية السعودية، لم تبدِ موقفاً واضحاً من مسار أستانا، لكنها لم تكن راضية إطلاقاً عما يجري في العاصمة الكازاختسانية، عبر تسليم مناطق واسعة للنظام بحجة عودة مؤسسات الدولة السورية. الأمر الذي أدى لتوغل تركيا وفصائلها وتقدم روسيا وقواتها وانتشار إيران وميليشياتها وعودة نظام الأسد وعسكره مناطق كان يحلم بالعودة إليها.
روسيا عدوة السوريين.. صديقة لـ "جاموس"
قبل 10 أعوام زارت المعارضة السورية موسكو، لحثّ الجانب الروسي في لعب دور في إيجاد حل للقضية السورية. وحينذاك صرَحت مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري "بسمة قضماني" في مؤتمر صحفي عقد في موسكو بُعيد لقاء المعارضة مع المسؤولين هناك، أن "روسيا دولة أساسية للبحث في حل سياسي للقضية السورية".
وفي إطار الحوار مع النظام، شددت قضماني، آنذاك، على رفض الحوار مع النظام، وقالت إن "كافة أطياف المعارضة السياسية قالت بأعلى صوت منذ تأسيس المجلس الوطني السوري لا حوار مع النظام".
لكن بعد التدخل الروسي في سوريا، في سبتمبر 2015، أصبحت موسكو في الطرف المعادي لتطلعات الشعب السوري، وكان لطائراتها الدور الأكبر في دكّ المناطق الثائرة وقصف المنشآت المدنية، مثل المشافي والمدراس والأسواق الشعبية، بل وساهمت من خلال مسار أستانا العسكري بالتوافق مع شركائها الإيرانيين والأتراك من إعادة مساحات شاسعة لسيطرة النظام وما تزال تقف صداً أمام تمرير أي قرار في مجلس الأمن ضد نظام بشار الأسد، باستخدامها حق النقض "فيتو" 18 مرة.
ليفانت - خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!