الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل بدأت مرحلة خفض التصعيد في أوكرانيا
كمال اللبواني

بعد التهديد المفتعل للمنشآت النووية في أوكرانيا، يمكن القول إننا وصلنا ذروة التصعيد المضخم بالتهويل، الذي تتعمده روسيا لإجبار الغرب على تقديم تنازلات في أوكرانيا، لصالح بوتين، الذي أراد تصدير أزماته الداخلية بتحقيق مكسب خارجي وتأمين مصادر اقتصادية جديدة لاقتصاده العاجز بسبب تسلّط المافيات عليه.

فروسيا ليست فقيرة بل غنية جداً، ولكن اقتصادها تحول لمزارع لعصابات إجرام  وتبذير، والشعب الروسي شعب منتج، لكنه محروم من الحرية والإبداع.. نعم أزمة روسيا في نظامها المافيوي الذي ورث النظام الشيوعي المنهار، فكان تحوله للرأسمالية يمر عبر سلطة الفاسدين السابقين الذين تحولوا لعصابات تحكمت بالسوق والإنتاج والسياسة.

بتنامي المقاومة الشعبية المتلاحمة مع الجيش الأوكراني حول المدن، تحوّلت نزهة بوتين العسكرية لحرب استنزاف مكلفة عسكرياً ومادياً وأخلاقياً وإنسانياً، وبوجود العقوبات الصارمة التي خنقت الاقتصاد الروسي ومسّت حياة كل مواطن، أصبحت المعركة أيضاً بين نظام بوتين وبين شعبه الذي خدعه طويلاً بأمجاد ورخاء لم ولن يتحقق بعد أن حوّل روسيا لمزرعة له ولحاشيته، ثم وضعها في مواجهة مع العالم والحضارة والإنسانية، لا يمكن لشعب عظيم كالشعب الروسي القبول بها، إلا مرغماً تحت نير الاستبداد.

استطاعت أوكرانيا، بدعم غير متوقع من الغرب، الذي أثبت قدرته على الفعل المشترك، أن تمد ساحة المعركة في طول الأرض الروسية وعرضها، وهكذا وصلنا لمرحلة التوازن بالرغم من فارق القوة والحجوم، مما سينعكس على طاولة المفاوضات التي ستشهد معارك ضارية تمتد لفترة طويلة لكن على صعيد ساخن، وجبهات مفتوحة وأزمة إنسانية واقتصادية وعالمية، وخوف حقيقي من تدهور الأمور وانزلاقها لمواجهات أوسع بل تستخدم أسلحة أكثر دماراً.

نحن اليوم نعبر الذروة ونتجه نحو التفاوض لخفض التصعيد التدريجي مما سيريح الشعب الأوكراني قليلاً ويزيد من قدرته على الصمود، في ذات الوقت الذي تستمر العقوبات في فتكها بالمجتمع والاقتصاد الروسي وتحالف المافيات الحاكمة له. وبذات الوقت تعزيز التحالف الدولي للعالم الحر وترسيخ قدراته وتوسيع برامجه ليمنع أي مغامرة عسكرية قادمة يقوم بها نظام متهور يملك السلاح.

عندما تزمن وتستعصي المفاوضات، كما هو متوقع، سوف يسعى الغرب لتسخين الورقة السورية لزيادة الضغط على روسيا وحلفائها. وهذا مهم جداً التخطيط له والإفادة منه في سبيل تسريع عملية الحل في سوريا، وهذا ما تدركه إيران بعد مشاهدتها لقدرة الغرب على فرض نفسه على روسيا ذاتها، ولذلك سوف تتخلى بشكل جدي عن محاولتها امتلاك سلاح دمار شامل، وعن نشر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

أخطر نقطة في إضعاف روسيا، أن يكون المستفيد منها في سوريا هو إيران أو حلفائها من الإسلام السياسي، أو حتى تركيا، لذلك من الهام والحيوي تخطيط التصعيد بحيث لا يؤدي لتلك النتائج وهذا يتطلب مؤسسات جديدة لثورة الشعب السوري.

نعم خلال مرحلة الصراع والتفاوض في أوكرانيا سيكون الشرق الأوسط مسرحاً لردّات الفعل، والحل في أوكرانيا سيشمل الحل لبقية الملفات أيضاً، إنها العولمة.

 

ليفانت - كمال اللبواني

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!