-
ميليشيات مسلحة تابعة لتركيا تحوّل معبد من العصر الحديدي بعفرين لمعسكر تدريب
ضمن مسار تدمير الميليشيات السورية التابعة لتركيا للأماكن الأثرية وسرقة الآثار منها في مدينة عفرين شمال شرق سوريا، كشفت منظمة حقوقية عن عمليات تجريف وتحطيم، إلى جانب تدريبات عسكرية بالقرب من موقع عين دارة الأثري في عفرين.
ونشرت منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تقريراً وصوراً خاصة، تحت عنوان "عفرين: تدريبات بالذخيرة الحية لفصائل مدعومة من تركيا في معبد من العصر الحديدي"، تظهر التغييرات التي حصلت بالقرب من موقع "عين دارة" الأثري، وعمليات التجريف التي حصلت في حرم المكان.
هذا وسبق أن نشرت شبكة أخبار "نداء سوريا" المعارضة، بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر 2019، شريط فيديو يظهر فيه تدريبات عسكرية بالذخيرة الحيّة أجرتها وحدة من القوات الخاصة التابعة للجبهة الوطنية للتحرير.
وضمن الفيديو يظهر مقاتلون يستخدمون أسلحة خفيفة ومتوسطة كالقنابل اليدوية وقذائف الآر بي جي في تنفيذ هجمات صورية/شكلية من على قمة إحدى التلال التي صادف أن تكون لموقع أثري في عفرين يدعى تلة “عين دارة/عين دارا” والتي ينتصب فوقها معبد يعود للإمبراطورية الحثية يعتقد أن تاريخ بناءه يعود لعام 1300 قبل الميلاد.
كما تعرض المنظمة عدة صور من الفيديو، وتشير إلى صورة مأخوذة من مقطع الفيديو الذي قامت بنشره شبكة نداء الإخبارية تظهر جنوداً يقتربون من المعبد من الجهة الشمالية الغربية، بجانب صورة أخرى مأخوذة لمعبد عين دارة في عام 2010.
وتقول المنظمة: "يزيّن هذا المعبد سلسلة من النقوش البازلتية المشغولة حسب الطراز الحثّي السوري المتميز للغاية، وعلى بقية مساحة التل توجد مواقع تنقيب أثرية أخرى إلى جانب تمثال كبير لأسد مصنوع من البازلت والذي تم اكتشافه عام 1955".
وتضيف: "من الواضح أنَّ المعبد كان بحدّ ذاته الهدف الصوري في تدريبات إطلاق النار تلك التي نفذتها الجبهة الوطنية للتحرير. حيث يلاحظ في الفيديو، ابتداءً من الدقيقة 0:37 كيف أنَّ المقاتلين الذين يتمركزون في نقطة تفتيش تقع إلى الشمال الشرقي من معبد عين دارة، يوجهون نيران بنادقهم نحو أعلى التل"
كما تظهر المنظمة صوراً من مقطع الفيدو، منها زاوية تظهر بشكل واضح كل من سياج الأمان الذي يطوق الموقع الأثري وطريق ترابي محفور حديثاً يؤدي إلى قمة التل. في الدقيقة 1:34 يظهر مجموعة من الجنود يقتربون ويتسلقون التل من الجهة الشمالية الغربية. بين الدقيقة 2:12 و الدقيقة 2:36 يظهر مقاتلو الجبهة الوطنية للتحرير وهم يقتربون من المعبد من جهة الخلف ويقومون بإطلاق النار والقاء القنابل اليدوية في بناء الهيكل نفسه.
ذلك بجانب مقاتل في الجبهة الوطنية للتحرير يلقي قنبلة يدوية على مقربة من المعبد، وقنبلة يدوية أخرى تمّ رميها من قبل مقاتل من الجبهة الوطنية للتحرير كان متمركزاً بجوار المعبد خلال التدريبات، إلى جانب مقاتل آخر من الجبهة الوطنية للتحرير يطلق النار من بندقيته إلى داخل المعبد.
وتقول المنظمة: "هذه ليست المرة الأولى التي يتعرّض بها موقع عين دارة الأثري للضرر خلال الحرب. فالمعبد الذي يقع على بعد أكثر من كيلومتر من أقرب مستوطنة كان قد استُهدف بقصف جوي في شهر كانون الثاني/يناير 2018 وذلك خلال الثلاثة أيام الأولى من عملية “غصن الزيتون” التي قامت تركيا بشنّها على المنطقة".
هذا وكان قد توصّل تحقيق أجرته “مبادرات التراث الثقافي ASOR إلى أنَّ الانفجارات كانت قد ألحقت أضراراً بالغة بالجزئين الأوسط والجنوبي الشرقي للمعبد، بما فيهم من تماثيل ومجسمات شهيرة.
وقد أشار التقرير نفسه إلى تورّط القوّات الجوية التركية في الهجوم، الذي رجّح أن يكون قد استخدم فيه ذخائر الهجوم المباشر المشترك الموجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي GPS، الأمر الذي يجزم أنّ منطقة المعبد كانت قد استهدفت بشكل مباشر.
في حين المنظمة، صورتين مأخوذتين بواسطة الأقمار الاصطناعية الأولى بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2017، والثانية بتاريخ كانون الثاني/يناير 2018، تُظهران التغيرات التي حدثت في الموقع الأثري، ويبدو واضحاً مكان الغارة الجويّة التي شنّتها القوات التركية في الأيام الثلاث الأولى لعملية “غصن الزيتون” والتي بدأتها تركيا مع فصائل المعارضة السوريّة بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2018.
كما أنَّ تل عين دارة كان أيضاً مسرحاً لبعض أعمال البناء مؤخراً. حيث أنّه ومنذ شهر كانون الأول/ديسمبر 2018 تم تجريف الأرض في أعلى التل حول المعبد ما جعلها مغطّاة بالتراب، كما تظهر صورتين مأخوذتين بواسطة الأقمار الاصطناعية، الأولى بتاريخ 22 آب/أغسطس 2018، والثاني بتاريخ 21 آب/أغسطس 2019، تُظهران التغيرات التي حصلت في محيط المعبد الأثري، والذي يبدو واضحاً أنّه تعرّض لعملية تجريف.
وتعرض المنظمة صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة تُظهر عمليات التجريف التي تعرّض لها جزء من موقع عين دارا الأثري. وقد التقطت بتاريخ 21 آب/أغسطس 2019. وتظهر آثار سيارات البناء بشكل واضح على الوجه الشمالي الشرقي للتل من خلال صور الأقمار الصناعية التي تم التقاطها خلال هذه الفترة، ويظهر فيها ذلك الطريق المذكور أعلاه، والذي تم حفره في الفترة ما بين 22 و 24 أيار/مايو 2019. وفي 10 تموز/يوليو 2019، اتَّهمت وزارة الثقافة السورية تركيا باستخدام الجرافات لسرقة وتدمير المواقع الأثرية في منطقة عفرين، ونشرت ثلاث صور لمعبد عين دارة.<5>
وتعتبر منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أن هذا الحادث هو مثال آخر على الاستخفاف السافر لتركيا وحلفاؤها بالتراث الثقافي المحلي في عفرين. وإنَّ تدمير هذه المواقع التراثية يعتبر جريمة حرب في نظر المحكمة الجنائية الدولية، وقد أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل هذه الأفعال مؤخراً في عام 2017. وفي الوقت الذي لم يتوضح فيه بعد الغرض من مشروع البناء الجاري تنفيذه على تل عين دارة، فإنَّ حقيقة استخدام المعبد الذي يعود تاريخه إلى العصر الحديدي كساحة تدريب من قبل الجماعات المسلحة المدعومة من قبل تركيا هو بحد ذاته دلالة تبعث على القلق.
ومن الجدير بالذكر أنه يقع موقع عين دارة على بعد حوالي 5 كيلومترات إلى الجنوب من مدينة عفرين، وإلى الشرق مباشرة من نهر عفرين. تمَّ التنقيب عنه خلال الفترة الممتدة من منتصف القرن العشرين حتى أواخره. ويعتبر المعبد الذي يعود تاريخه للعصر الحديدي -والذي لازال يحافظ على ملامحه التاريخية- أبرز معلم أثري في هذا الموقع وينتصب فوق تل يبلغ طوله 30 متراً، يعرف باسم “تل عين دارة/عين دارا”.
ليفانت - سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!