الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • من طهران.. رائحة الموت تصل أوروبا وتسدّ الأبواب في وجهها

من طهران.. رائحة الموت تصل أوروبا وتسدّ الأبواب في وجهها
حقوق الإنسان


لا تنتهي العوامل والأسباب التي تدفع إلى استهجان النظام القائم في إيران، فطهران ولاية الفقيه منذ العام 1979، وهي تسعى لتصدير أفكارها وثورتها المزعومة إلى الخارج، ما يعتبر أهم أسباب الخلاف بينها وبين محيطها الإقليمي، فيما يشكّل ملف حقوق الإنسان أحد أهم عوامل رفض الغرب التعامل معها بشكل واسع، وحصره في بعض الملفات المرتبطة بالاتفاق النووي الموقع في العام 2015.


الإعدامات غير الإنسانية


ومن تلك الملفات التي تثير حفيظة الغرب وتدفعه لتجاهل طهران وتحجيم التعامل معها، قضية الإعدامات المتكررة، والتي تطال مختلف نشطاء الرأي والأقليات الإثنية والدينية في البلاد، بجانب الاعتقالات والإعدامات التي تقع خلال التظاهرات المطالبة بالتغيير، ما يدفعها في بعض الحالات لإلغاء جولات مقررة مسبقة، وهو ما ذكرته وكالة “نوفا” الإيطالية، في الرابع عشر من سبتمبر الماضي، عندما قالت إنّ إيران تبحث تأجيل الجولة الأوروبيّة لوزير الخارجية، محمد جواد ظريف، على خلفية إعدام طهران المصارع نافيد أفكاري، حيث نقلت الوكالة عن مصادر إيرانية مطلعة قولها إنّ زيارة لظريف كانت مقررة إلى روما ستؤجل على الأرجح.


وحول سبب التأجيل، أشارت الوكالة، آنذاك، إلى أنّ إعدام أفكاري الذي أجّج قضية حقوق الإنسان في إيران، ولم يكن ليشكّل ظرفاً ملائماً لجولة ظريف، مما دفع السلطات الإيرانية إلى اتخاذ هذا القرار، فيما كان المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، قد توقّع في تصريح له، أن يتم إلغاء الجولة بالقول: “كانت هناك بعض الخطط بهذا الصدد.. لكن بسبب المشاكل اللوجستية المتعلقة بفيروس كورونا لا يوجد قرار نهائي بعد، ومن المستبعد أن يكون هناك قرار خلال هذا الشهر أو الأسابيع المقبلة”.


وبذلك حاول المسؤول الإيراني الالتفاف على السبب الحقيقي للتأجيل، على اعتبار أنّ كورونا لم يكن ظرفاً طارئاً حين الإعداد للجولة، حيث كانت ستشمل الجولة كلاً من إيطاليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا، في محاولة لإقناع الأوروبيين بضرورة إحباط الجهود الأمريكية لإعادة العقوبات على إيران.


وبالتوازي، استدعت الخارجية الإيرانية السفير الألماني في طهران وسلّمته رسالة احتجاج، على خلفية تغريدات للسفارة الألمانية رفضت فيها إعدام بطل المصارعة، نافيد أفكاري، حيث زعم مدير الدائرة الأوروبية في الخارجية الإيرانية، بأنّ “تغريدات السفارة الألمانية خارجة عن إطار الأعراف الديبلوماسية، وهي بمثابة تدخل مدان في الشؤون الداخلية الإيرانية”، على حدّ زعمه.


سجّل مؤرق في حقوق الإنسان


ولعلّ تلك التخمينات حول تأجيل الجولة السابقة، هي الأقرب للواقعية من تبرير السلطات الإيرانية، خاصة إذا ما تم مقارنتها مع تصريح المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أنييس فون دير مول، في السادس والعشرين من سبتمبر الماضي، عندما قالت: “تعبّر السلطات الفرنسية دائماً عن قلقها بشأن الانتهاكات الخطيرة والمستمرّة لحقوق الإنسان في إيران”، بجانب قولها: “يشاركنا في هذه المخاوف العديد من الشركاء منهم ألمانيا والمملكة المتحدة”، وهو ما يشير بوضوح لكون الملف الحقوقي قد أضحى ثقيلاً للغاية على مقدرة بروكسل استقبال ممثل عن نظام يحفل سجله بها.


وقد أكدت 3 مصادر مطلعة، أنّ وزارة الخارجية الفرنسية استدعت، نهاية سبتمبر، السفير الإيراني في باريس احتجاجاً على سجل حقوق الإنسان في إيران، وألمحت إلى مخاوف بشأن ما وصفته باريس “بانتهاكات خطيرة ومستمرة”، وأفاد أحد المصادر وقتها، أنّ البلدان الأوروبية الثلاثة تحركت على نحو مشترك ونبّهت طهران إلى أنّ أفعالها تضرّ العلاقات، فيما صرّح مصدران بأنّه تم استدعاء السفير، فيما طالب خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة طهران بالإفراج عن المحامية الحقوقية البارزة، نسرين ستوده، للعلاج الطبي.


أما ألمانيا، فقد أصدرت بالتزامن، بياناً عاجلاً بشأن إيران في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالنيابة عن 47 دولة، وجاء فيه: “ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في إيران، خاصة فيما يتعلّق بالحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع”، مضيفاً أنّ “التقارير الموثوقة عن الاعتقالات التعسفيّة والمحاكمات الجائرة والاعترافات القسرية وممارسات التعذيب وسوء المعاملة للمعتقلين في سياق الاحتجاجات الأخيرة تثير القلق، بشكل خاص”.


محاولات إنكار لا تجدي


وكعادتها، زعمت الخارجية الإيرانية، في الخامس والعشرين من سبتمبر، أنّ بيان الاتحاد الأوروبي في مجلس حقوق الإنسان “انتقائي ومرفوض ويفتقد لأيّ قيمة واعتبار”، وبدلاً من الإقرار بالوقائع والعمل على حلّها، قال المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، إنّ “الدول الأوروبية تدافع عن حقوق الإنسان بينما تتنافس في بيع السلاح بمليارات الدولارات للسعودية وأنظمة ديكتاتورية في المنطقة لقتل الشعب اليمني البريء”​​​، (على حدّ زعمه)، متجاهلاً دور بلاده في تمويل وتسليح مليشيا الحوثي بغية السيطرة على اليمن والتحكم بالممرات البحرية.


وأضاف: “هناك دول أوروبية تعتبر قمع المعارضة وقتل المواطنين السود تطبيقاً للقانون، لكنّها تنتقد تنفيذ القوانين القضائية في بلدان أخرى”، زاعماً أنّ “هذه الازدواجية في المعايير تدل على عدم صدق هذه المجموعة من الدول في دعم حقوق الإنسان والاستخدام السياسي لهذا المفهوم”، وهو ما يعتبر هروباً نحو الأمام ومحاولة للتبرير لا أكثر، فيما ما يزال الإيرانيون أنفسهم يعانون من ويلات النظام الحاكم في طهران.


وعليه، تمّ تأجيل تلك الجولة، ومن ثمّ غياب الحديث عن واحدة بديلة عنها، كان واضحاً أنّ الجسور الإيرانية إلى القارة العجوز، غير قادرة على تحمل وزر الانتهاكات التي تحصل في إيران بشكل دوري، خاصة مع تظاهر الإيرانيين في مجموعة دول أوروبية، للمطالبة بإلغاء الجولة، كونهم اعتبروا جولة ظريف بمثابة منح “شرعية للقتل” في بلادهم، وهو ما لن تفضل أي دولة أوروبية تحمل آثامه.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!