-
الغزو الروسي على أوكرانيا يزيد أزمة تصنيع الرقائق.. غاز النيون يتوقف
تكرّس تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا أزمة الرقائق الإلكترونية التي تدخل في صناعة السيارات والغسالات والهواتف الذكية، والمعروفة أيضاً باسم "أشباه الموصلات". نظراً إلى العقوبات المفروضة على موسكو من جهة، ونقص الإمدادات من جهة أخرى.
شنّت روسيا حرباً ضد أوكرانيا، يوم 24 فبراير 2022، وتواصل قواتها عملياتها العسكرية حالياً على الأراضي الأوكرانية؛ الأمر الذي دفع بأسعار النفط العالمية إلى مستويات غير مسبوقة، وتجاوز سعر البرميل 100 دولار.
وبينما تتواصل أعمال القتال، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية مع بعض الدول الأوروبية إلى فرض المزيد من القيود على بعض الصادرات بجانب فرض عقوبات على حركة التجارة الروسية.
اقرأ أيضاً: مقتل جنرال روسي ثالث في أوكرانيا
تعد أوكرانيا مورداً رئيسياً للغازات النادرة مثل النيون والكريبتون، وكلاهما ضروري لصنع الرقائق "أشباه الموصلات".
تنتج أكبر دولة أوربية ما يقرب من 70% من إجمالي غاز النيون في العالم، وهو الوقود الحيوي الذي يدير أجهزة الليزر التي قد تكون مطلوبة لتصنيع الرقائق الإلكترونية، وفقاً لبيانات شركة الأبحاث "تريند فورس".
واختلفت الآراء هو تأثير الاضطراب الناجم على صناعة الرقائق، فالبعض قلل من تأثير الاضطراب الناجم عن الحرب، إلا أنه من البعض الآخر أشار إلى أن الأمر سيكون له تأثير سلبي.
وفي العام الماضي، أدى نقص أشباه الموصلات إلى تقييد الإنتاج لدى جميع المنتجين الرئيسيين في عالم السيارات تقريبا، وفي بعض الأحيان وصل النقص إلى المستوى الذى دفع شركة جنرال موتورز إلى إغلاق بعض مصانعها بالكامل.
بينما قامت شركة أبل وهي واحدة من أكبر مشتري الرقائق في العالم بإبلاغ الشركات المصنعة لمنتجاتها في أكتوبر الماضي، بأنها ستقوم بخفض إنتاجها من جهاز آيفون بنحو عشرة ملايين جهاز، عما كان مخططا إنتاجه في 2021 بسبب نقص الرقائق الإلكترونية، الآن ومع التدخل الروسي في أوكرانيا يزداد المشهد تعقيدا
عادة ما يستغرق تصنيع الرقاقة أكثر من ثلاثة أشهر، وتحتاج مصانع عملاقة وغرفًا خالية من الغبار وآلات بملايين الدولارات وقصدير مصهور وليزر.
الهدف النهائي هو تحويل رقاقات السيليكون - عنصر مستخرج من الرمال العادية - إلى شبكة من مليارات المفاتيح الصغيرة، تسمى "الترانزستورات" التي تشكل أساس الدائرة التي ستمنح الهاتف أو الكمبيوتر أو السيارة أو الغسالة أو الأقمار الاصطناعية القدرات الفائقة.
وتسيطر عدد من الشركات الكبرى على صناعة الرقائق الإلكترونية حول العالم، من أهمها شركة إنتل الأمريكية، وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة، وكذلك الشركات الأمريكية، كوالكوم، وبرودكوم، وميكرون.
غاز النيون
تعد أوكرانيا مورداً لـ 70% من الإنتاج العالمي، يجري إنتاج وقود النيون بوصفه منتجاً ثانوياً لتصنيع المعادن في روسيا، ثم تجري تنقية هذا الوقود في أوكرانيا، التي تصدر النيون إلى الكثير من دول العالم.
أوقفت شركتان أوكرانيتان - Ingas و Cryoin - شحنات غاز النيون عالي النقاء المستخدم في تصنيع أشباه الموصلات بسبب الغزو الروسي المستمر.
تمثل الشركتان جزءاً كبيراً من إمدادات النيون العالمية. في الوقت الحالي يقول صانعو الرقائق إن لديهم ما يكفي من النيون عالي النقاء، لكن الوضع ينبئ بالمخاطر.
تقع شركة Cryoin في أوديسا، التي تتعرض حالياً لهجوم عنيف من قبل القوات العسكرية الروسية، بينما يقع مقر شركة Ingas في ماريوبول، التي تتعرض لقصف عنيف.
أوقفت شركة Cryoin عملياتها في 24 فبراير، عندما هاجمت روسيا أوديسا ومدن أخرى في أوكرانيا.
ويحتل غاز النيون أهمية خاصة كونه مادة تستخدم لتشغيل أشعة الليزر التي تحفر على الرقائق الإلكترونية.
تعد مدينة أوديسا الأكثر استراتيجية من الناحية الاقتصادية، فهي ثالث أكبر مدينة في أوكرانيا ويبلغ عدد سكانها مليون شخص، وبها ميناء هام، مما يجعلها هدفاً مؤكداً للقوات الروسية التي فرضت حصاراً على موانئ أخرى في الشرق.
تزوّد الشركتان الأوكرانيتان العديد من الاقتصادات الأوروبية بغاز النيون، وكذلك اليابان وكوريا الجنوبية والصين وتايوان، فهو من بين المواد الأساسية والضرورية في صناعة الرقائق الإلكترونية، لكن العميل الرئيس لشركة كريون الذي يصدر إليه معظم الإنتاج هو الولايات المتحدة الأمريكية.
يلقي التوقف بظلاله على الإنتاج العالمي للرقائق، التي تعاني بالفعل من نقص في المعروض بعد أن أدى جائحة فيروس كورونا إلى زيادة الطلب على الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وفي وقت لاحق على السيارات، مما أجبر بعض الشركات على تقليص الإنتاج.
اقرأ أيضاً: روسيا وأوكرانيا.. ونظام اللاقطبية (2)
وسبق أن ارتفعت أسعار النيون بنسبة 600٪ في الفترة التي سبقت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، وفقًا للجنة التجارة الدولية الأمريكية.
قالت وزارة الاقتصاد التايوانية لرويترز إن صانعي الرقائق الإلكترونية التايوانيين قاموا بتأمين مخزون آمن من النيون عالي النقاء لكنهم امتنعوا عن الخوض في التفاصيل. قالت شركة Intel الأمريكية و GlobalFoundries و Micron سابقًا أن لديهم سلسلة إمداد متنوعة ومخزونات من النيون عالي النقاء في مصانع التصنيع العسكري.
لكن خبراء أشاروا إلى أنه إذا استنفدت المخزونات بحلول أبريل، ولم يكن لدى صانعي الرقائق طلبات مغلقة في مناطق أخرى من العالم، فمن المحتمل أن يعني ذلك مزيدًا من القيود لسلسلة التوريد الأوسع وعدم القدرة على تصنيع المنتج النهائي للعديد من العملاء الرئيسيين".
هل هناك بدائل
يعد النيون الأوكراني منتجاً ثانوياً لصناعة الصلب الروسية. يتم إنتاج هذا الغاز في الصين أيضاً، لكن الأسعار الصينية ترتفع بشكل مطرد.
يتركز أكثر من نصف إنتاج خام النيون العالمي في روسيا وأوكرانيا. تعتبر أوروبا الغربية واحدة من المنتجين البارزين لغاز النيون، من المتوقع أن يشهد سوق غاز النيون في الشرق الأوسط نموًا معتدلاً، نظراً لتحفيز التوسع الحضري واحتياجات الإضاءة الخاصة به.
مع تهميش إنتاج شركتي Cryoin و Ingas، سيزداد سعر النيون من فئة أشباه الموصلات حتمًا حيث سيحتاج منافسوهم إلى زيادة الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد.
يمكن للشركات في أماكن أخرى أن تبدأ في إنتاج النيون، لكن الأمر سيستغرق تسعة أشهر إلى عامين لتكثيفها، وفقًا لريتشارد بارنيت، كبير مسؤولي التسويق في Supplyframe، الذي يوفر معلومات عن السوق للشركات عبر قطاعات الإلكترونيات العالمية.
لكن أنجيلو زينو من CFRA أشار إلى أن الشركات قد لا ترغب في الاستثمار في هذه العملية إذا اعتبرت أزمة العرض مؤقتة.
اقرأ أيضاً: أسوشيتد برس: الروس يقصفون أوكرانيا، لكن ماريوبول ليست حلب
لا يُعد النيون الوحيد من المواد الخام المعرضة للخطر بسبب الصراع. إذ تقدم روسيا نحو ثلث البلاديوم في العالم، الذي يُستخدم في تصنيع الرقائق الإلكترونية، بالإضافة إلى كونه حيويًا للمحولات المحفزة.
كما أن الإمدادات المختلفة من المنطقة التي قد تكون في خطر تشمل الألومنيوم والنيكل والحديد الخام، التي تغذي معظم مصانع المعادن في العالم.
ليفانت نيوز_ خاص
إعداد وتحرير: عبير صارم
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!