-
لماذا تأخر قرار الإدارة الأمريكية بإعادة "الحوثي" لقوائم الإرهاب؟
بالرغم من مرور نحو شهر على تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي أكد فيها أن إدارته تدرس "جدياً"، إعادة إدراج جماعة الحوثي، الممولة إيرانياً، على قوائم الإرهاب، بعد تزايد هجمات الثانية الإرهابية على دول الجوار وتوسيع عملياتها في اليمن، وتمسكها بإفشال الحل السياسي في البلاد، بما يهدد بكارثة جديدة داخل الأراضي اليمنية.
إلا أن القرار لا يبدو أنه قد دخل حيز التنفيذ، ولم تعلن إدارة بايدن أو أي من المؤسسات الأمريكية إجراءات تتعلق به، ما يثر تساؤلات ويعيد حالة الجدل حول الموقف الأمريكي من المليشيا التي باتت تمثل خطراً دولياً وإقليماً.
وكان بايدن قد قال، في يناير (كانون الثاني)، الماضي، "إن وضع مليشيات الحوثي على قوائم الإرهاب مجدداً هي مسألة قيد النظر"، وجاءت تلك التصريحات بعد تنديدات كبيرة أمريكياً ودولياً، بالعدوان الحوثي على دولة الإمارات.
ويثير الموقف الأمريكي تجاه المليشيا الحوثية تساؤلات كثيرة، فيما يرى المراقبون أن إدارة بايدن تتعامل بقدر من التساهل مع الجرائم الإرهابية التي تمارسها بحق المدنيين، والتهديدات المتنامية التي تمثلها لدول الجوار، تنفيذاً للأجندة الإيرانية، التي توظفها كأداة لتحقيق نفوذ سياسي واقتصادي استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط.
ازدواجية أمريكية في التعامل مع المليشيا الإيرانية
من جانبه يرى الدكتور أحمد سيد أحمد، الخبير في الشؤون الأمريكية والعلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات، أن سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه إعادة تنظيم الحوثي لقوائم الإرهاب تتسم بالضبابية والازدواجية.
وفي حديث لـ"ليفانت"، أوضح أحمد أن أول قرارات الرئيس بايدن، بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية كانت إعلان التراجع عن القرار الذي اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب بتصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية، وبالرغم أن القرار قد استند على عدد لا يستهان به من الوقائع التي تعد دلائل دامغة على إرهاب التنظيم، سواء في اليمن أو باستهداف المدنيين والأعيان في الدول العربية، إلا أن بايدن كان متسرعاً في التراجع عنه.
وأكد الخبير المختص بالشأن الأمريكي، على أهمية مراجعة القرار في الوقت الراهن وإعادة تصنيف الحوثي على قوائم الإرهاب الأمريكية، خاصة بعد تمادي التنظيم في استهداف المناطق الاستراتيجية والحيوية بالمنطقة العربية، وفي مقدمتها جريمة استهداف مطار أبو ظبي، بالإضافة للوقائع شبه اليومية باستهداف المدنين في السعودية والإمارات، والجرائم الإنسانية في الأراضي اليمنية.
وأوضح أحمد أن قرار بايدن بمراجعة التصنيف استند على اعتبارات إنسانية وتم تبريره، بأن العقوبات التي تتعلق بوضع التنظيم على قوائم الإرهاب ستؤثر على وصول المساعدات الإنسانية لليمنيين في ظل ظروف إنسانية صعبة، لكن ما حدث عكس ذلك، لأن الحوثي استغلّ فيما بعد المساعدات الإنسانية ونهب كافة موار الشعب، كما استولت على كافة المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية والأمم المتحدة، وكذلك السعودية الإمارات، مما زاد معاناة الشعب اليمني.
تعقيد الحل السياسي في اليمن
وأشار الخبير المصري إلى أن قرار بايدن تسبب بشكل كبير في تعقيد الحل السياسي في اليمن، ومنح الحوثي فرصة للتحرك، والتمادي باستهداف دول الجوار، وكذلك توسيع العمليات العسرية باليمن وضرب عرض الحائط بكافة المبادارات التي تستهدف إقرار الحل السياسي في البلاد.
وأكد أحمد على ضرورة مراجعة الموقف الأمريكي بخصوص النظر لتنظيم الحوثي باعتباره منظمة إرهابية، تهدّد أمن واستقرار المنطقة العربية، وكذلك وضع الجرائم في سياقها الطبيعي والتعامل مع استهداف مطار أبو ظبي باعتبارها جريمة متكاملة الأركان يعاقب عليها القانون الدولي، وتستدعي المحاسبة وفرض عقوبات رادعة على التنظيم الذي يمارس شتّى أشكال الإرهاب في المنطقة.
ويرى أحمد أن سياسة بايدن في التعامل مع التنظيم قد شجعت الثاني على توسيع عملياته والتعامل بطريقة أكثر عدوانية، أهمها استهداف دول الجوار وتهديد الملاحة البحرية في المنطقة، وأدت لتعقيد الأوضاع في اليمن ومن ثم إفشال الحل السياسي، بما يتفق مع مصالح إيران التي توظف الحوثي كأحد أهم أذرعها لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وضرب مصالح الدول.
جرائم تستحق المحاسبة
ويشير إلى أن الجرائم التي نفذتها المليشيا الحوثية خلال الأشهر الماضية دفعت إدارة الرئيس الأمريكي لإعادة النظر في المسألة، وهو ما انعكس في التصريحات الأخيرة للرئيس باحتمالات إعادتها على قوائم الإرهاب، مشيراً إلى أنها تصريحات إيجابية ولكن لم يتم البدء في أي إجراءات بهذا الصدد رغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع عليها، لذلك فهي لا تعدو كونها محاولة لاحتواء الغضب الدولي والتعاطي مع الضغوط الدولية والداخلية على الإدارة الأمريكية الحالية، خاصة بعد اعتراف مجلس الأمن بالإجماع بأن ما تنفذه تلك المليشيا يعد عملاً إجرامياً يهدّد الاستقرار الدولي والإقليمي، وجريمة مكتملة الأركان.
وأضاف أحمد: "لم تترجم في خطوات داخل الإدارة الأمريكية أو الكونغرس وفرض العقوبات من شأنه ردع هذه المنظمة ووقف جرائمها، وأيضاً الضغط عليها سيؤدي لخضوعها للجلوس على طاولة المفاوضات بما يدعم مسألة الحل السياسي، لكن الإدارة الأمريكية تمسك العصا من المنتصف، لا أعتقد أن إدارة بايدن ستتخذ خطوة قريبة بتجاه الحوثي، ويبدو أن بايدن ليس لديه نية حقيقية للمساهمة في حل الأزمة، ويبدو ذلك واضحاً في مواقفه المتناقضة لمليشيا الحوثي".
وفي وقت سابق، دعت منظمات مجتمع مدني يمنية وإقليمية ودولية، الجمعية العامة للأمم المتحدة بأعضائها الـ193، إلى تصنيف مليشيا الحوثي الانقلابية كجماعة إرهابية، محذرين من الخطر الحقيقي الذي يمثله نهج ميليشيات الحوثي على السلام في اليمن، وتهديد السلم والأمن الدوليين.
وشدد بيان حقوقي صادر عن الائتلاف اليمني للنساء المستقلات بالاشتراك مع 90 منظمة مجتمع مدني محلية وإقليمية ودولية، أن تعاطي المجتمع الدولي بسرعة مع تصنيف مليشيا الحوثي كجماعة إرهابية، ووضعها على قوائم الإرهاب العالمية، ومحاكمة قياداتها في محكمة الجنايات الدولية، سيُساهم في إنجاح سياسة الضغط القصوى على جماعة الحوثي الإرهابية بوقف جرائمها وتجفيف منابع دعمها، ويسهم بتمكين فرص السلام وإيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها.
ليفانت - رشا عمار
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!