-
فوتشيتش بعد فوزه بولاية ثانية.. صربيا دولة محايدة والعلاقات مع روسيا مستمرة
-
تحديات وانتقادات واتهامات من المعارضة.. برلمان أغلبية
تقرير مفصل- تغطية
- فوز الحزب التقدمي الصربي/ اليمين الشعبوي.. أرقام
- الرئيس الفائز وحزبه..
- انتخابات وتحديات
- انتقادات.. هيمنة استبداد معارضة ومرشحين
- البرلمان الجديد
سيستمر الحزب التقدمي الصربي (وسط يمين) بزعامة المرشح الفائز في السلطة بعد مرور عشرة أعوام على تصدرها، بعد نجاح الرئيس الصربي الحالي ألكسندر فوتشيتش بولاية جديدة كانت توقعت نتائجها استطلاعات الرأي حديثا، وثبّتها الرئيس المنتخب بإعلانه عن فوزه في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
يُقدم الشعبوي فوتشيتش رئيس الحزب التقدمي الصربي نفسه كضامن في مواجهة عدم الاستقرار الذي يتحدث عنه ويهدد أوروبا والعالم، أنه وحده قادر على إبقاء البلاد في سفينة النجاة دون وقوعها في أزمة بسبب مفاعيل الغزو الروسي على أوكرانيا، إضافة إلى ذلك يواجه الرئيس المنتخب تحديات في المحافظة على علاقات متوازنة بين روسيا والغرب في ضوء مواقف التقدمي الصربي من الكرملين.
حقق فوتشيتش الذي شغل منصب وزير الإعلام بين 1998-2000 والنائب الأول لرئيس الوزراء والرئيس في السنوات العشر الماضية 40 نقطة تقريباً عن أقرب منافسيه، وفقاً لاستطلاعات الرأي إيبسوس ومركز الانتخابات الحرة Vučić وحصل على 43 % من الأصوات وشريكه الأصغر في الائتلاف، الحزب الاشتراكي الصربي، على 11.4 %، ما سيمنحه تأليف حكومة أغلبية. وفقاً للنتائج الأولية للحزب التقدمي الصربي (SNS) التي كشف عنها فوتشيتش، فاز بما يتراوح بين 59 و 61 % من الأصوات في الانتخابات، بينما فاز التحالف حول الحزب التقدمي الحاكم بنسبة 44 % من الانتخابات البرلمانية.
استطاع فوتشيتش الذي شغل منصب وزير الدفاع بين 2012- 2013 إعادة تقديم نفسه كسياسي مؤيد لأوروبا منذ أن تولى حزبه السلطة في عام 2012، فقد شغل منصب وزير الإعلام في حكومة الزعيم الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش، المتهم بارتكاب جرائم حرب في يوغوسلافيا السابقة ولاحقاً رئيساً للوزراء بين 2014 إلى 2017.
وبيّن فوتشيتش في خطاب الفوز: "نلتُ 2,245,000 صوت في الجولة الأولى"، مشيراً إلى أنه حصد قرابة 60% من الأصوات. وأدلى الصرب بأصواتهم، أمس الأحد، في هذه الانتخابات التي طرح فوتشيتش نفسه فيها ضامناً للاستقرار في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا، مشيراً إلى إن أرقامه استندت إلى فرز الأصوات في 85 بالمئة من دوائر الاقتراع.
فتح الحزب الحاكم ُالذي أُلّف من قبل 21 نائب سابق في الحزب الراديكالي الصربي (SRS) الذي يقوده توميسلاف نيكوليتش، الباب أمام المزيد من الشراكات في الحكم مع شركاءه هذا العام في الائتلاف والحكومة السابقة، بما في ذلك الحزب الاشتراكي الصربي وائتلاف فويفودينا المجريين.
ونجح على نحو اعتبره مراقبين غير متوقع اليمين الصربي المتطرف. وسيمثل حزبان من هذا الطيف، وهما دفيري وحراس القسم الصربيان، في البرلمان بعد حصول كل منهما على ما يقرب من 4 في المئة من الأصوات. بينما تحالف صربيا المتحدة الوسطى والجديد اليساري الأخضر أنهوا السباق مع 13 في المئة و 5 في المئة على التوالي.
تحديات
على الرغم من الجو كان مشحوناً قبل الانتخابات ولاسيما احتجاجات مناصري البيئة ضد تعدين الليثيوم، وبينما تسيطر الدولة على كل وسائل الإعلام السائدة في صربيا، جرت العملية الانتخابية "دون مشكلات كبيرة" و "بطريقة ديمقراطية" وفقاً للمسؤولين عن الانتخابات.
وقال فوتشيتش في كلمة ألقاها في مقر حزبه "اعتقد أننا نواجه العديد من التحديات، لكن أهم شيء بالنسبة لصربيا هو أن تكون لها علاقات جيدة في المنطقة، وأن تواصل السير على الطريق الأوروبي دون أن تفقد الصداقات التقليدية".
سيواجه فوتشيتش ضغوطاً متجددة بسبب موقفه الملتبس مما يحدث في أوكرانيا والغزو الروسي لها. ومع أنّ انضمام بلغراد إلى قرار الأمم المتحدة الذي يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا، بيد إنها رفضت فرض عقوبات على موسكو. وسيتذكر الغرب تفاخر فوتشيتش في الماضي بعلاقاته الوثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أيدت بلاده مطالبات صربيا بشأن كوسوفو، الإقليم السابق الذي أعلن الاستقلال في عام 2008 بدعم غربي واسع النطاق.
في يناير الفائت، دعا رئيس صربيا، ألكسندر فوتشيتش، العضو الصربي في الرئاسة الثلاثية للبوسنة والهرسك، ميلوراد دوديك، والسلطات في جمهورية صربسكا (كيان صربي، جمهورية صربسكا) إلى المشاركة في أعمال مؤسسات الدولة المشتركة في البوسنة والهرسك وحماية مصالح الصرب.
آنذاك وصف فوتشيتش العقوبات الأمريكية ضد دوديك ومسؤولين آخرين في جمهورية صربسكا بأنها "سابقة مروعة" وإنها "لا يمكن أن تؤدي إلا إلى عواقب وخيمة على تنمية العلاقات بين الشعوب الثلاثة وكيانين في البوسنة والهرسك، وكذلك في المنطقة".
وفي بلد كان يعد منبوذاً في مرحلة ما، محملٌ بذكريات الحروب الدامية في التسعينيات خلال تفكك يوغوسلافيا والعقوبات الاقتصادية، ما تزال ماثلة في أذهان كثيرين، كثيراً ما يبحث الناخبون عن زعيم يعِد بالاستقرار أكثر من وعود بتغييرات جذرية، وفق ستويليكوفيتش المسؤول النقابي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بلغراد.
يوضح أستاذ العلوم السياسية لوكالة فرانس برس: "الأزمات الكبيرة، أقله في المدى القريب، تعمل دائماً لمصلحة من هم في السلطة، إنها تولد الشكوك والهواجس وتوقعات أن النظام سيضمن أدنى مستويات الأمن في الأقل".
ومن جملة التحديات أيضا، أن صربيا في خضم محادثات متصلة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، بينما قوانين الاتحاد ودوله تتوقع من الأعضاء المحتملين اتباع خطها بشأن السياسة الخارجية، والعقوبات على وجه الخصوص.
انتقادات.. هيمنة استبداد معارضة ومرشحين
لقد كانت الحملة الانتخابية قصيرة وخصص 46 يوماً للانتخابات البرلمانية وما يزيد قليلاً عن 30 يوماً للانتخابات الرئاسية، لكنها كانت كافية على ما يبدو لفوتشيتش مع الأخذ بالاعتبار أن الحزب التقدمي الصربي الحاكم (SNS) يسيطر على وسائل الإعلام المنتشرة في البلد. على سبيل المثال تستمر خمسة أجهزة تلفزيون بتردد وطني في العمل كمنبر دعائي لتعزيز موقع وموقف الحزب الحاكم والائتلاف الداعم و وبطبيعة الحال الرئيس المنتخب.
لم يتحسن الوضع في وسائل الإعلام على الرغم من الحوار بين الأحزاب بوساطة البرلمان الأوروبي العام الماضي. من بين الاتهامات التي توجهها المعارضة، أن المنافذ الإعلامية المنتشرة في البلاد المسيطر عليها من الحزب الحاكم، وصفت معارضي الحكومة وفوتشيتش بأنهم "مرتزقة أجانب" و"خونة محليون" يعملون ضد الدولة.
يقول مراقبون أن الانتخابات جرت "بطريقة ديمقراطية" على الرغم من وقوع اشتباكات بين "نشطاء أحزاب مختلفة" في بعض مراكز الاقتراع، وحثوا جميع الأحزاب السياسية على التزام "الهدوء". وقال المركز غير الحكومي للبحوث والشفافية والمساءلة (CRTA) إن مراقبيه قدموا خمس شكاوى جنائية إلى السلطات بشأن "المخالفات".
شملت الشكاوى شراء الأصوات في أقلام الاقتراع، والإبقاء على قوائم الناخبين الموازية، وانتهاك سرية الاقتراع، وتسجيل الأحداث في أقلام الاقتراع، ووجود أشخاص غير مرخص لهم في أقلام الاقتراع.
لكن الانتخابات رُوقِبت من قبل أكثر من 4000 مراقب من CRTA و CeSID منظمات غير حكومية، بالإضافة إلى وفود من البرلمان الأوروبي، ومكتب OSCE للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، والشبكة الأوروبية لمنظمات مراقبة الانتخابات.
جانب آخر من الانتقادات، إذ يرى معارضو فوتشيتش استغلاله مخاوف الناس عندما يتعلق الأمر بالحرب في أوكرانيا ومفاعيلها، بينما اتهمته جماعات حقوقية بالفساد وقمع المعارضين السياسيين وممارسة سيطرة كبيرة على وسائل الإعلام. ويتهمه مراقبو المعارضة والحقوق مع حلفائه بأسلوب حكم استبدادي، والفساد، والمحسوبية، والهيمنة على وسائل الإعلام، وهجمات طالت معارضين سياسيين، والعلاقات بالجريمة المنظمة، لكنه دائماً ما نفى وحلفاؤه كل هذه المزاعم.
يقول معارضيه أن وسائل الإعلام الموالية للحكومة نشرت كل يوم اتهامات متنوعة ضد بونوش خصمه الرئيس، قائلة إنه "جنرال الناتو" أو أن "الكروات سعداء" معه لأنه يحمل أيضاً الجنسية الكرواتية، فقد كان البلدان على خلاف منذ إعلان كرواتيا استقلالها عن يوغوسلافيا التي يسيطر عليها الصرب في عام 1991.
يتفاخر الحزب الحاكم بالتقدم الاقتصادي الأخير، ومساعدة الدولة الموجهة للاقتصاد والمواطنين خلال الوباء، وإنشاء البنية التحتية، والاستثمارات الأجنبية. ويوظف التقدمي الصربي أيضاً الكثير من الشخصيات غير الحزبية لتعزيز حملته وتقليل تأثير سلسلة من الفضائح الإجرامية والفساد." ERUACTIV"
يُقدّم التقدمي الصربي المعارضة على أنها "أقل وطنية" في كل خطوة تقوم بها - وهي رواية سائدة منذ عهد سلوبودان ميلوسيفيتش في التسعينيات مارسها القوميين عندما كان فوتشيتش وزيراً للإعلام.
ومن بين العديد من المرشحين الذين يتنافسون في منصب الرئيس، يعتبر زدرافكو بونوس المنافس الرئيس لفوتشيتش، وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة. ويرأس بونوس، رئيس أركان القوات المسلحة الصربية المتقاعد، تحالف صربيا المتحدة، وهو تحالف واسع من الأحزاب الموالية لأوروبا والوسط.
كان يأمل التحالف في دفع فوتشيتش إلى جولة ثانية مع الجنرال المتقاعد 60 عاماً الذي ظهر كمرشح قدمه معسكر المعارضة الموالي للاتحاد الأوروبي. ويرى مراقبون أن الجنرال مرشح من يمين الوسط ظهر فجأة حيث أرادت المعارضة العثور على فرد يمكن أن يكون مرشحاً جيداً لما يمكن وصفه التيار السياسي السائد في صربيا، الذي يميل أكثر إلى اليمين، وفق رأي بويان كلاكار، العضو المنتدب لمركز الانتخابات الحرة والديمقراطية ومقرها بلغراد.
ومع ذلك، يبدو أن هذا التيار السائد لم يصوت لمصلحة تغيير في القيادة على المستوى الرئاسي، أو في الهيئة التشريعية الوطنية حتى مع تراجع الحكومة بعد عدد من الخلافات في الأشهر الأخيرة. كما خاض ائتلاف اليسار الأخضر، مورامو، أو "يجب علينا"، الانتخابات للمرة الأولى، وانضم آلاف الأشخاص إلى الاحتجاجات التي دعا إليها ضد تعدين الليثيوم في صربيا والمطالبة بهواء وأنهار وأرض أنظف.
البرلمان الجديد
الخطوة اللاحقة للسلطة الحاكمة تبدأ مع تشكيل البرلمان والتوقعات كما أظهرها استطلاع أجراه معهد الشؤون الأوروبية أن البرلمان الجديد - الذي يتألف من 250 مقعدًا - من المحتمل أن يضم أربعة أحزاب أو ربما خمسة أحزاب: حزب التقدم الصربي الحاكم بنسبة 57 في المئة؛ متحدون من أجل النصر بنسبة 19 في المئة؛ الحزب الاشتراكي الصربي بنسبة 6.6 في المئة؛ يجب علينا! (مورامو!) بنسبة 5.7 في المئة، بينما يحوم ائتلاف NADA الوطني المحافظ حول عتبة 3 في المئة ويمكن للحزب أن يتخطى حدوده. وستكون المرة الأولى التي يتجاوز فيها الحزب الحاكم عتبة الـ 50٪ فيما اعتبره مراقبون نجاحاً هائلا.
وسبق أن سجل المشرعون المعارضون في الانتخابات البرلمانية لعام 2020 مقاطعة لها عموما، قائلين إنها ليست حرة ولا نزيهة، مثيرين المخاوف مذاك الوقت بشأن سيطرة فوتشيتش على وسائل الإعلام الرئيسية هذه المرة. وكانت تلك المقاطعة سبباً سمح لحزب "SNS" التقدمي الصربي بزعامة فوتشيتش وحلفائه بالحصول على 188 مقعداً في البرلمان المؤلف من 250 مقعدا.
قبل ذلك، فاز الحزب الذي يرأس السلطة حاليا وعقد أول اجتماعاته في 21 أكتوبر 2008، في الانتخابات التي أجريت في منتصف شهر أذار 2014 بحصوله على الأغلبية البرلمانية وحصد 158 مقعداً من أصل 250 عدد مقاعد البرلمان، كان قد جسّر الخلافات بين أعضاءه وخلص إلى توافقات بين اتجاهات الحزب وأولويات الأتحاد الأوروبي، ما أدى إلى دعم الحزب من قبل الأتحاد الأوروبي.
ودُعي الناخبون لاختيار 250 نائباً في البرلمان، إلى جانب انتخابات في عدد من البلديات. ويُفترض أن تكون نسبة المشاركة أكثر بعشر نقاط من تلك التي سُجّلت في انتخابات 2020 التشريعية، أي ما يصل إلى 60%، حَسَبَ اللجنة الانتخابية.
اقرأ المزيد: عقوبات جديدة على موسكو.. مواقف دولية ومطالبة بالتحقيق والمحاسبة في مجزرة بوتشا
قبل بضعة أشهر فقط كانت المعارضة تتمتع على ما يبدو بالزخم، فخلال عشر سنوات في القيادة، أحكم الرئيس المنتخب قبضته على أدوات السلطة في صربيا ومن بينها السيطرة الفعلية على أجهزة الإعلام والحكومة.
وأظهر استطلاع أجراه مركز ديموستات في آذار/مارس أن 43 بالمئة من الصرب لا يعتقدون أن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة. وفي الأشهر التي سبقت الانتخابات كشف فوتشيتش عن حزمة مساعدة جديدة تتضمن دفعتين بقيمة 100 يورو (110 دولار) للمواطنين بين 16 و29 عاما وهو ما انتقدته المعارضة واعتبرته رشوة للناخبين في تصرف فيه إساءة لاستخدام السلطة والدفع في دعم حملة دعائية غير مباشرة.
ليست ظاهرة صعود صمود او صعود اليمين الشعوبي في صربيا فقط، فيما تمثل ظاهرة عالمية حيث تتعاظم الحركات القومية أيضاً ويقف على رأس هذا التوجه وخطابه حزب روسيا الموحدة بزعامة بوتين والرئيس الجمهوري الأمريكي السابق دونالد ترامب و بولسونارو في البرازيل وآخرين، في أقصى اليمين الأوروبي الرافض للسياسات الأوروبية التي توججها أحزاب اليسار أو وسط اليسار أو الديمقراطية فيما يخص المهاجرين.
ليفانت نيوز _ أ ف ب _ شينخوا _ بوليتيكو _ DW _ يورو اكتف _ Rferl
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!