الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • في الذكرى العاشرة لرحيله.. خالد تاجا: الرمز الوطني والأيقونة العابرة للأجيال

  • الانعتاق السياسي الذي كان ينشده ويناضل من أجله وهو داخل دمشق.. بات من الصعب أن يقوم به غيره في وقتنا الحاضر
في الذكرى العاشرة لرحيله.. خالد تاجا: الرمز الوطني والأيقونة العابرة للأجيال
خالد تاجا والأسد

كل شيء ممنوع.. “ممنوع نقاتل، بيصير اسمنا إرهابيين، ممنوع ندافع عن حالنا، ممنوع نحكي، ونعبر عن رأينا بالحكيˮ.. كلمات قيلت قبل 13 عاماً، وما يزال يتداولها السوريون حتى اللحظة الراهنة عن الفنان الراحل "خالد تاجا"، الذي لقبه الشاعر الفلسطيني محمود درويش بـ “أنطوني كوين العربˮ. 

وعندما سُئِل تاجا لماذا نستسلم للممنوع؟ أجاب “البارودة بتخوّف.. السلطة بتخوف، السجون الموجودة في عالمنا العربي مرعبة، أعدادها مرعبة، والنظام لا يرحم، قبضته قاتلة تماماًˮ.

وتابع: “يجب أن نعمل من الداخل، عدونا موجود بينناˮ، وأوضح بأن علينا عدم التفكير بالأيديولوجية، هذا إسلامي وذاك شيوعي أو تقدمي، وشدّد بأنه “يجب أن يكون لدى الجميع إشارة وهي إنقاذ هذا الوطنˮ.

اقرأ المزيد: الدراما الاجتماعيّة.. ضعف الحضور الطبقي والاجتماعي

وأوضح تاجا، أنه “يقدس كل إنسان يقدم قطرة دم في سبيل بلده ومبادئه، وبأن البلدان لا تحرر سوى بالدم”، وأضاف أن “الناس لا تصبر لفترة طويلة على الظلم”.

في ذاك اللقاء، قال كلمة يصف فيها الأنظمة المستبدة في العالم العربي “كيف يقفون أمام المرآة وينظرون إلى أنفسهم؟ˮ.

في كثير من الأحيان يتفوّق أشخاص ليسوا أخصائيين على أصحاب الاختصاص ويتنبؤون بما هو قادم، وفقاً لمؤشرات، أو لرصدهم بدقة ما يجري في محيطهم من أحداث، والثورة السورية تنبأ بها "خالد تاجا" منذ عام 2009، في لقاء تلفزيوني له مع قناة محلية مستقلة.

تاجا رمز للمظاهرات السلمية 

أكد بعض ممن شاركوا في مظاهرة المثقفين في حي الميدان بدمشق، 13 تموز/ يوليو 2011، أنّ خالد تاجا، كان في طليعة المشاركين غير آبه لتبعاتها، ويُذكر أن هذه المظاهرة اعتقل فيها العديد من الكُتاب والفنانين السوريين أمام جامع الحسن، مثل الفنانة مي سكاف، الكاتبة ريما فليحان، الكاتبة يم مشهدي، الكاتبان أحمد ومحمد ملص، السينمائي نضال حسن، المصورة غيفارا نمر والناشطة دانا بقدونس، والصحفي إياد شربجي.

وإلى الشارع الموازي لشارع جامع الحسن، شارع "الجرماتية"، وبعدما هاجم الأمن السوري المتظاهرين، خرج كل من الفنانين فارس الحلو، محمد آل رشي، والصحفي شيار خليل، والعديد من الناشطين والمواطنين بمظاهرة موازية يرددون شعارات ضد النظام السوري.

وبجانب ذلك شارك الراحل تاجا الجيل الشاب من السوريين الذين كانوا يهتفون “الله.. سوريا.. حرية وبسˮ، و“علّي الصوت علّي الصوت علّي علّي الصوت، يا منعيش بكرامة، يا أما منموت”.

وفاته في ظروف غامضة والنظام المتهم الوحيد

وفي عام 2013، بثت صفحات ومواقع إعلامية مقطع فيديو، يدلي فيه عنصر أسير من قوات النظام بشهادته حول مقتل خالد تاجا، متحدثاً عن التعذيب الذي جرى لبعض الفنانين السوريين، ويذكر أنّ الفنان خالد تاجا قتل تحت التعذيب.

وذكر التسجيل أنّ تاجا خضع للتحقيق في فرع 248 للمخابرات العامة التابع للنظام السوري في دمشق، وأنه تعرض للتعذيب الشديد بسبب مواقفه السياسية المناهضة للنظام ليلاقي حتفه بعد 4 أيام من التحقيق معه، بعد أن تم إسعافه إلى المسشفى.

وأكد المتحدث في التسجيل، أنه في قسم التحقيق بالمخابرات العامة، كان أيضاً معتقلاً كل من الفنانين سامر المصري، ومحمد أوسو (كسمو)، إضافة إلى حسن دكاك. لكن مصادر أخرى قالت، إن سرطان الرئة هو من فتك بالراحل خالد تاجا، وليس القتل تعذيباً في زنزانات النظام وفروعه الأمنيّة.

حياة الفنان الراحل

خالد تاجا ولِد في حي ركن الدين الدمشقي ذي الغالبية الكردية، وتقول مصادر عديدة إن الفنان الراحل تزوج ثلاث مرات بعد مقتل زوجته الأولى، وكانت آخر الزوجات هولندية وأنجبت له ابنته الوحيدة ليزا خالد تاجا.

كما يعتبر من أوائل من أيدّوا ثورة الحرية والكرامة في سوريا حتى تاريخ وفاته في ظروف غامضة، في الرابع من أبريل 2012 عن عمر ناهز 73 عاماً، ورجح كثيرون أن النظام السوري المتهم الرئيس في حادثة موته.

كان الفنان الراحل، قد أسس قبره بنفسه وكتب عليه “مسيرتي حلم من الجنون، كومضة شهاب زرعت النور بقلب من رآها، لحظة ثم مضت”، كما حمل جملة “منزل الفنان محمد خالد بن عمر تاجا من مواليد عام 1939”.

اقرأ أيضاً: ما يزال مصير الآلاف مجهولاً والملف مهمّش.. سجون النظام تغصّ بالمعتقلين

أعمال وإنجازات

بدأت أعمال الفنان الراحل خالد تاجا ومسيرته الفنية في فيلم "سائق الشاحنة" الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما بدمشق عام 1966، وقدم العديد من الأفلام السينمائية، من ضمنها " أيام في لندن" و"الفهد" و"العار"، وكان لديه رصيد كبير من الأعمال الدرامية مثل "التغريبة الفلسطينية" و"أيام شامية" و"ليس سراباً" و"زمن العار" و"أهل الراية" و"الفصول الأربعة" و"كسر الخواطر" و"نهاية رجل شجاع" و"جريمة في الذاكرة".

ويعتبر الفنان السوري، بين أحد أفضل 50 ممثلاً في العالم، وفق تصنيف مجلة التايم الأمريكية عام 2004.

ونال تاجا الكثير من الجوائز والتكريمات لأدواره المميزة، ومنها في مهرجان بودابست عام 2010، والميدالية الذهبية في مهرجان دمشق السينمائي التاسع، ودرع تكريمي عن مسلسل التغريبة، وجائزة لجنة التحكيم للدراما السورية، والكثير من الجوائز الأخرى.

وفي أحد أدواره، ظهر الفنان الراحل، وهو يخطب في الناس في ساحة المرجة الشهيرة وسط دمشق وعاتبهم على صمتهم وتخاذلهم، وسرعان ما انفض الناس من حوله مهرولين، فعقب على ذلك بقوله “إنكم لا تستعملون أرجلكم إلا للهريبة.. كنا فقط نجرب صوتنا، ماذا لو بقينا البحصة، رمينا الحصاة من أفواهنا وتكلمنا كما نريد”.

وكان من بين هوايات تاجا، ركوب الخيل، حيث عشق هذه الهواية بعد أن شارك بأعمال بدوية عديدة في الأردن بداية مسيرته الفنية.

ومنذ أن غاب خالد تاجا عن عالمنا، وفي كل عام، تذكره الصحف والمواقع وتتحدث عن مآثره، وكيف نهض بالدراما السورية وجعلها متابعة عند شريحة واسعة من الشعب الشرق أوسطي، والعربي خصوصاً.

تاجا كوكب كبير عبر ببطء وتألّق في سماء عشاق التلفزيون، وسيكون من الصعب على الدراما السورية أن تقدّم ممثلاً عملاقاً بهذا المستوى من جديد. لذلك ستبقى مكانة خالد تاجا محفوظة في قلوب الملايين حول العالم.

ليفانت نيوز- خاص 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!