-
فرنسا تُعزز إجراءات مُكافحة الإرهاب.. والتصدي للتمدد الإخواني
فرنسا تحارب الإرهاب.. لماذا ينزعج الإخوان؟
أوروبا تعزز إجراءات مكافحة الإرهاب والتصدي للتمدد الإخواني
رشا عمار
فتحت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن تنفيذ استراتيجة للتصدي لتنامي التطرف الراديكالي والانعزالية الإسلامية الباب واسعًا أمام المزيد من الإجراءات والتدابير اللازمة على أوروبا بشكل عام للتعامل مع الأزمة التي وصفها مراقبون بأنها "الوحش المتضخم" في قلب القارة العجوز.
وسمح مناخ الحريات في أوروبا لتمدد الحركات الإسلامية المتطرفة وخاصة تنظيم الإخوان الإرهابي الذي وجد فيها حواضن بديلة عن حدوده الجغرافية في الشرق الأوسط بسبب الملاحقات الأمنية التي واجهها في ستينات القرن الماضي ولعل أبرزها في مصر، البلد المنشآ للجماعة.
تمدد مذموم داخل المجتمع الأوروبي
ونجحت جماعة الإخوان على مدار عقود بالتمدد داخل النسيج الاجتماعي الأوروبي من خلال المؤسسات التعليمية والجمعيات الخيرية والمراكز الإسلامية، التي بدت في الظاهر مجرد هيئات ثقافية وتعليمية وإنسانية تعمل على تقديم بعض الخدمات للجاليات العربية لكن في حقيقتها، كانت منبرا لنشر الإرهاب والتطرف وجمع تمويلات ضخمة لتنيفذ العمليات الغرهابية في عدة بلدان عربية.
لذلك يرى خبراء ومتخصصون في الشأنين الإسلامي والفرنسي، أن تصريحات ماكرون تأتي كخطوة استباقية ستتبعها عدة غجراءات صارمة لوقف تمدد وانتشار الجماعات المؤدلجة داخل فرنسا كما ستحذو عدة بلدان أوروبية حذوه.
وفي خطاب ألقاه ماكرون مساء الجمعة 2 تشرين الأول/ اكتوبر الجاري بأحد الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية من العرب والمسلمين بضاحية باريس، قال:" ثمة في تلك النزعة الإسلامية الراديكاليةعزم معلن على إحلال هيكلية منهجية للالتفاف على قوانين الجمهورية وإقامة نظام موازٍ يقوم على قيم مغايرة، وتطوير تنظيم مختلف للمجتمع" معتبرا أن الإسلام "ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم.
وخَلف الخطاب، موجه صاخبة ومتفاوتة من ردود الفعل، كان أعنفها ما بيان المرشد العام لجماعة الإخوان إبراهيم منير، الذي حمل تهديدا واضحا للرئيس الفرنسي واتهمه بعدم احترام المسلمين، ما وصفه مراقبون بأنه محاولة طبيعية من الجماعة لتحوير الأزمة وتصديرها باعتبارها حرب ضد الإسلام وليست استراتيجية لمكافحة الإرهاب والانعزالية التي تفرضها بعض الجماعات.
حادث الذبح يعجل إجراءات الردع
وبالتزامن مع حالة الجدل حول موقف فرنسا من الجماعات الإسلامية، قام متطرف شيشاني بعملية ذبح المدرس الفرنسي في قلب باريس، ردا على عرض الأول صورا مسيئة للرسول، وهو ما زاد الأمور تعقيدا وجعل الإجراءات تتحرك بشكل أسرع نحو مزيدا من الضواب على المتطرفين والمؤسسات التي تقدم لهم الرعاية.
ويقول الباحث المصري المتخصص في التنظيمات الإرهابية عمرو فاروق إن جماعة الإخوان ستضرر كثيرا جراء القيود المفروضة على المراكز الإسلامية في فرنسا، لأنها تعتمد عليها بشكل أساسي كمصادر جمع التبرعات اللازمة لتمويل نشاطها وعملياتها في مصر والشرق الأوسط.
وأوضح "فاروق" في تصريح لـ"ليفانت" أن فرنسا تأتي في مقدمة الدول التي تسضيف أكبر عدد من المؤسسات الإخوانية الممولة من قطر عن طريق ما يسمى بمؤسسة قطر الخيرية وصندوق رحيق القطري، ومؤسسة أمل، فضلا عن أن الجماعة عملت على تفعيل مشروع فكري للتأثير على المسلمين في فرنسا، أطلق عليه "مشروع الغيث"، ووضعت برامج فكرية وثقافية وتنظيمية لنشر المنهج الأيدولوجي والعقائدي لأفكار حسن البنا وسيد قطب، ومشروع "دولة الخلافة" التي يسعى التنظيم لإقامتها من خلال اختراق الدول العربية والغربية.
وأشار إلى أن فرنسا انتفضت مؤخرًا عقب الإنتشار الهائل لتيارات الإسلام السياسي وزيادة نفوذ جماعة الإخوان وقياداتها وارتباطهم مع عدد كبير من دوائر صنع القرار في فرنسا، وذلك من خلال تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي، اعتبر أن مؤيدي الإسلام السياسي يسعون حاليا إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا، من أجل تأسيس دولة الخلافة، ويتجهون لما يسمى بالنزعة الانفصالية، التي تشكك في القيم المجتمعية الغربية، ودعي تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي إلى اتخاذ نحو 40 إجراء للحد من نفوذ جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسي، من خلال المراقبة المتسمرة للمدارس والجمعيعا والمؤسسات التي يرتكزون عليها في نشر أهدافهم.
فرنسا.. ترانزيت الخلايا الإرهابية
وأوضح فاروق، أن فرنسا أصبح خلال السنوات الماضية محطة ترانزيت لتشكيل الخلايا الإرهابية واستقطابهم من العناصر الأروبية أو ما يطلق عليهم " أصحاب العيون الزرقاء "، الذين يتم الدفع بهم نحو مناطق التدريب والمسلح مثل أفغانستان وليبيا وسوريا والعراق، وغيرها من مناطق ارتكاز الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين ستارة لتبريرة جرائمها ضد الإنسانية .
وأكد فاروق، أن الرئيس ماكرون لديهم مشروع لوقف المد الإخواني والسلفي في الداخل الفرنسي، وغلق الباب نهائيا من خلال إجراءات حاسمة ضد تغلغل هذه العناصر في المؤسسات الفرنسية وتطويعها لاهدافهم تدريجيا، وتعقب مصادر تمويلهم وتحجيم نشاطهم المريب بين الجاليات العربية والإسلامية واستقطابهم للعنصر الفرنسي.
وعلى مدار الأيام الماضية شنت أجهزة الأمن الفرنسية حملات مكثفة في عدة مناطق منفصلة استهدفت تجمعات لمتطرفين في مدارس ومراكز بحثية وجمعيات ومساجد على خلفية مقتل الأستاذ صمويل باتي، كما تعهد الرئيس الفرنسي بتكثيف التحركات" ضد "الإسلام المتطرف"، معلناً حلّ جماعة الشيخ أحمد ياسين الموالية لحركة حماس، و"الضالعة مباشرة" في الاعتداء، وفق وكالة "فرانس برس".
ومن جانبه يؤكد البرلماني المصري طارق الخولي، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إن بلاده عملت على كشف حقيقة جماعة الإخوان وتقديم ملفات تؤكد ضلوعها في تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية، للبرلمان الأوروربي من خلال زيارات ولقاءات تمت هلى مدار السنوات الماضية.
وما علاقة أردوغان؟
وأوضح الخولي لـ"ليفانت" إن جماعة الإخوان الإرهابية سعت لتمديد انتشارها في أوروبا كحاضنة بديلة لأنشطتها بعد إسقاطها في مصر وملاحقة عناصر التنظيم قضائيا وأمنيا، وحاول التنظيم تلميع صورته باعتباره جماعة وسطية وليس له ميول متشددة ويؤمن بالحريات ويتقبل الآخر، لكنه سرعان ما تكشفت حقيقته وظهرت أفكاره المتطرفة وبدأ يمارس أعمالا تهدد استقرار المجتمع الأوروبي، بدعم من قطر وتركيا وهو ما دفع فرنسا ومن قبلها ألمانيا وبريطانيا لفرض قيود على التنظيم المصنف إرهابيا.
وأوضح البرلماني المصري أن التصدي الأوروبي للإخوان لا يمكن قراءته بمعزل عن التوتر الذي يثيره أردوغان والموقف الأوروبي الحاسم ضده، خاصة في ظل التوقعات التي تؤكد فرض عقوبات أوروبية راعدة له جراء تحركاته غير المشروعة والاستفزازية في شرق المتوسط وليبيا والعدوان أيضا على سوريا.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!