الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • عقد على سقوط "بن علي".. ماذا استفادت تونس من درس "بوعزيزي"؟!

عقد على سقوط
تونس

مرهف دويدري - ليفانت - خاص


 



شهد الشرق الأوسط انهياراً سريعاً لأنظمة استبدادية، بدا أن الخلاص منها مستحيل، وانطلقت الاحتجاجات من تونس، وسمع صداها في ليبيا ومصر وسوريا حيث حُمّلت أحياناً مسؤولية إحداث فوضى وعنف، وبدأت شرارة الربيع العربي بعود ثقاب أشعله البائع المتجول محمد البوعزيزي بجسده، بعد صب الوقود على نفسه في ولاية سيدي بوزيد احتجاجاً على احتجاز السلطات المحلية بضاعته في 17 ديسمبر 2010، وليلة رحيل بن علي، غزت مقاطع فيديو تظهر المحامي "الناصر العويني" منتشياً بخبر هروب الرئيس في الشارع دون الاكتراث بقرار حظر التجول الليلي المفروض آنذاك، وكان يصرخ مهللاً "بن علي هرب".


يعتبر تونس، البلد الوحيد بين دول الربيع العربي الذي نجح في مساره الديمقراطي، بحسب مراقبين، لكن لا تزال البطالة والتهميش والتضخم تشكل أكبر التحديات، وهي ذاتها الملفات التي أوقدت فتيل الاحتجاجات في العام 2011، فيما الطبقة السياسية في البلاد تنخرها التجاذبات السياسية الحادة، حيث أدين بعض الأشخاص الذين مارسوا التعذيب خلال أحداث الثورة، وحل جهاز أمن الدولة الذي اعتمد التعذيب في سجون وزارة الداخلية، وأعاد دستور 2014 المشاد به دولياً تحديد دور الشرطة بوضوح في النظام الديمقراطي.



الإفلات من العقاب.. هل يعود رجالات بن علي لحكم تونس؟



ورغم أن التعذيب لم يعد موجوداً في مفاهيم النظام، لكن هذه الممارسة لا زالت موجودة، فمنذ العام 2013، أخذت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب على عاتقها مسؤولية الدفاع عن 500 ضحية، ودانت "الإفلات شبه الكامل من العقاب" لممارسي التعذيب، وعندما بدأت المحاكم المتخصصة في 2018 بمحاكمات تتعلق بجرائم القتل والاغتصاب والتعذيب التي ارتكبت بين العامين 1955 و2013، عرقلت السلطات الأمنية العملية ورفض عناصر الشرطة الشهود أو المتهمون جميعهم تقريباً المثول أمام هذه المحاكم.


اقرأ المزيد  احتجاجاً على الغنوشي.. نوّاب تونسيون يضربون عن الطعام


وخلال عهد بن علي كان يتم منح امتيازات الاستثمار لعائلة معينة وهي عائلة الرئيس، ولا يزال هذا الاقتصاد حكرا إلى حد بعيد على المقربين من دوائر الحكم على حساب تنمية البلاد، حيث تفرض الدولة على شركات النقل البري أن تكون لديها إما شاحنة واحدة أو أكثر من 18 شاحنة، ما يضمن للاعبين الكبار الموجودين تشارك السوق من دون منافسة، وهناك وكلاء حصريون لشركات السيارات، ما يضمن عائدات دسمة لمجموعة تجارية كان يملكها لوقت طويل أحد أصهرة بن علي، واشترتها لاحقا عائلة مقتدرة، حيث ارتفع حجم الفساد منذ سقوط بن علي، وخسرت تونس 15 مرتبة بين العامين 2010 و2017 في ترتيب منظمة "ترانسبرانسي" للشفافية.


تونس


وحسب تقرير للبنك الدولي صادر في العام 2014، كانت عائلة بن علي تضع يدها على 21 في المئة من اقتصاد البلاد، ومنذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي الذي هرب إثر احتجاجات شعبية في العام 2011، تفرق أفراد عائلته في عدد من الدول وعاشوا من الثروات التي جمعوها على مدى سنوات، بعيداً عن الأضواء، وتوفي أفراد منها بينما آخرون يلاحقهم القضاء من دون التوصل حتى الآن إلى جبر الضرر الذي ألحقوه بقطاعات اقتصادية واسعة وعائلات كانت ضحايا غطرستهم.



بعد عقد على سقوط بن علي.. الاحتجاجات تتجدد



شهدت مدينة سوسة الساحلية مواجهات خلال الليل بين قوات الشرطة وشبان رشقوا قوات الأمن بالحجارة. وألقت الشرطة قنابل الغاز، وقال شهود إن المحتجين أحرقوا إطارات سيارات، وأغلقوا الطرق، ورشقوا الشرطة بالحجارة بينما طاردت قوات الأمن المحتجين وأطلقت قنابل الغاز، واتسعت دائرة الاحتجاجات في مدينة سليانة شمالي تونس، اعتراضاً على تعرض راعي أغنام للاعتداء أمام مقر الولاية التي تحمل الاسم ذاته، وتحولت المواجهات إلى عمليات كر وفر وقعت بين قوات الأمن وعدد من الشبان في أحياء سليانة، وعمد عدد من المتظاهرين إلى إشعال الإطارات.


وعلى الرغم من نقل الشرطي الذي اعتدى على راعي الأغنام من موقعه كإجراء عقابي، لكن يبدو أن ذلك لم يهدئ حدة الاحتجاجات في سليانة، إذ أوردت الوكالة الخبر في نهار الجمعة، بينما اشتعلت المواجهات مجددا في المدينة في المساء، فيما تجددت الاحتجاجات وأعمال الشغب في مدينة سوسة الساحلية، حيث اعتقلت السلطات 10 أشخاص، من المحتجين، وبعد مواجهات في منطقة الكرم بالعاصمة التونسية، تم إيقاف 16 شخصاً.



تونس بلد الاحتجاجات المستمرة



شهدت تونس سلسلة من الاحتجاجات، في معظم أنحاء البلاد، وذلك خلال يناير/كانون الثاني 2018 بسبب قضايا تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة والضرائب، حيث لقي شخص واحد على الأقل حتفه في هذه التظاهرات التي عمت معظم مناطق الجمهورية مما أدى إلى إحياء المخاوف حول هشاشة الوضع السياسي في تونس. وكانت الجبهة الشعبية رُفقة باقي أحزاب المعارضة قد دعت إلى مواصلة الاحتجاجات ضد الحكومة "الغير عادلة" بسبب تدابير التقشف التي تنهجها هذه الأخيرة، في حين استنكر رئيس الوزراء التونسي آنذاك يوسف الشاهد العنف الذي رافق المظاهرات، ودعا إلى الهدوء مؤكداً على أن حكومته تعتقد أن عام 2018 سيكون آخر سنة صعبة على التونسيين.


اقرأ المزيد  تونس.. عريضة برلمانية جديدة تستهدف سحب الثقة من الغنوشي


وفي يناير/كانون الثاني 2016، اندلعت احتجاجات في منطقة القصرين بتونس بسبب البطالة، حيث بلغت معدلات البطالة في الولاية 30٪ وحوالي 15.3٪ على المستوى الوطني. وشملت الاحتجاجات عنف ضد الشرطة أثناء محاولة صدها ومسيرة على الأقدام نحو العاصمة تونس. استمرت الأحداث لمدة أسبوع مما أدى إلى إصابة 59 ضابطًاً و40 متظاهراً مما دفع الحكومة إلى فرض حظر التجول.


تونس


وكان قد عصفت بتونس أزمة سياسية عام 2013، وذلك عقب اغتيال محمد براهمي، حيث خرج التونسيون في "اعتصام الرحيل" أمام المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة برحيل الحكومة وحل المجلس التأسيسي، وكان قد بدأ هذا الاعتصام في 26 يوليو/تموز 2013 أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي التونسي وفي عدة مدن تونسية أخرى أبرزها سوسة وصفاقس احتجاجاً على اغتيال السياسي محمد براهمي ومطالبة بحل المجلس التأسيسي وحكومة علي العريض والرئاسة وقد نادت به حركة تمرد منذ عدة أسابيع أسوة بحركة تمرد في مصر ودعا له عقب تصفية براهمي ائتلاف الجبهة الشعبية وأحزاب أخرى والاتحاد العام التونسي للشغل. حيث شارك في الاعتصام منتمون للأحزاب وآخرون غير متحزبين وأعضاء مستقيلون من المجلس الوطني التأسيسي.

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!