الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • عدنان شيخي لليفانت نيوز: أجد نفسي دائماً جزءاً لا يتجزأ من اللغتين العربية والكردية

عدنان شيخي لليفانت نيوز: أجد نفسي دائماً جزءاً لا يتجزأ من اللغتين العربية والكردية
عدنان شيخي لليفانت نيوز: أجد نفسي دائماً جزءاً لا يتجزأ من اللغتين العربية والكردية

عدنان شيخي كاتب روائي وشاعر سوري ولد في العاشر من أكتوبر عام 1989 في مدينة الدرباسية التابعة لمحافظة الحسكة، حيث درس هُناك حتى الثانوية، وانتقل بعد ذلك إلى العاصمة دمشق ليُكمل الدراسة الجامعية عام 2008 في جامعة دمشق – كلية العلوم – قسم الجيولوجيا، حتى السنة الرابعة، ولكنه لم يتخرج منها تحت ظروف الحرب في سوريا إذ يقول إن دراسته كانت مرحلة عاطفية كبيرة جداً في حياته الأدبية، فالدراسة الجامعية والكتابة تفاعلوا بشكل عظيم سوياً لتوليد أفكار جديدة ومحاور أدبية مميزة في مسيرته الأدبية.

توجه لكتابة الشعر والرواية منذ حوالي عام 2009 حيث بدأ الكتابة باللغة العربية ولاحقاً انتقل إلى الكتابة باللغة الكردية أيضاً إلى جانب اللغة العربية، ولديه العديد من الأعمال الأدبية متمثلةً في دواوين وروايات. وللحديث أكثر عن حياة هذا الكاتب وكيف كانت بداياته في عالم الرواية والشعر وعن أعماله القادمة كان لمكتب ليفانت نيوز في القامشلي الحوار التالي معه.
 
- للأسف لم يعد للكاتب ذلك الدور البارز لتغير الواقع في سوريا كما كان عليه سابقاً، فكما هو معروف حينما يتكلم الرصاص يسكتُ المنطق
 
- كانت الأمسيات الأدبية في جامعة دمشق  الشرارة الأولى لانطلاقتي، حيث نالت كتاباتي ولله الحمد على رضاء الجمهور
 
- اللغات خُلِقت لتكون وسيلة للتواصل تساعدنا على إيصال أفكارنا وفلسفاتنا إلى الشعوب الأخرى  

نص الحوار كاملاً:

كيف نجح الروائي والشاعر السوري عدنان شيخي في تقديم هذا اللون الخاص به؟ وهل هو مزيج أدبي من المدارس الأدبية لمن تأثر بهم من الكتاب على الساحة العربية؟
 
في بداية انطلاقتي الأدبية كان حالي حال جميع الَّذين دخلوا عالم الكتابة حديثاً، فقد كنت شديد التأثر بالأنماط الأدبية المختلفة والَّتي كانت تعتمد على الغموض والسردية الطويلة أو الوصوفات المتعددة، وكذلك كثافة الصور الشعرية الَّتي كانت تُرهق القارئ في الكثير من الأحيان، فقد كنتُ شديد التأثر بالكاتب الكردي الكبير سليم بركات، الَّذي كانت نصوصه الأدبية بمثابة قاموسٍ أدبي وفكري ضخم مفتوح أمامي، وهذا بدوره مكنني من استخدام كلمات مختلفة وتوظيفها في النصوص الأدبية الخاصة بي، ومع بداية انطلاقتي مع الكتابة خارج إطار الهواية ومع غوصي في عالم الكتابة أكثر انتقلت تجربتي الأدبية بعيداً عن الكاتب سليم بركات نحو الكاتب الفلسطيني الراحل محمود درويش، لكن سرعان ما تداركت الأمر وأردت أن تكون لي بصمتي الخاصة في الأدب، وبدأت الكتابة بأسلوبي الخاص ليكون بمثابة هوية أدبية خاصة بي، تعبر عني، وعن أفكاري بعيداً عن الكتابة في قوالب الآخرين، مع كل التقدير لأسمائهم الكبيرة، حتى إنني لاحقاً أعدت صياغة معظم كتاباتي التي كتبتها في بداية مسيرتي الأدبية لأضع لوني وبصمتي الخاصة فيها وتحريريها من نمطها القديم.

لديك العديد من التجارب الأدبية الروائية والشعرية، أين يجد عدنان شيخي نفسه ما بين الشعر والرواية؟
 
أين أجد نفسي بين الشعر والرواية؟! في الحقيقة إنه من أصعب الأسئلة الَّتي قد تطرح على الكاتب، فبطبيعة الحال الكُتاب يجدون أنفسهم داخل أبسط العبارات التي يكتبونها، سواءً كانت قصيدة أم مقولة عابرة، أم أي جزء من أجزاء الرواية، لكن كتجربتي الشخصية بين الرواية والشعر، أجد نفسي في الرواية أكثر، وذلك لأن الرواية تتم كتابتها على مدار عدة شهور وأحياناً سنوات طويلة، وبالتالي فهي تكون بمثابة شخص يرافقني خلال رحلتي الحياتية باستمرار طوال تلك المدة وبعدها حتى لسنوات طويلة (فشخصية روهات في روايتي أحفاد الجُنون ما زالت تعيش معي في الكثير من التفاصيل حتى اليوم)، كما أنني أبقى أتجول على صفحات الرواية الَّتي أكتبها وأعيش بداخلها معظم الأحيان لأبحث عن أحداث جديدة وأفضل طريقة لربط الشخصيات مع بعضها البعض، ففي الرواية أكون بمثابة شخص يتحكم بمصائر شخصيات الرواية وأستمتع بشدة بل أشعر بالنشوة في الكثير من الأحيان عندما أكتب أقدار الشخصيات وأربطهم ببعضهم البعض لأصل إلى أفضل حبكة روائية كي أضعها بين يدي القارئ، ففي الرواية يمكنني جعلُ شخصٍ ما محبوباً إلى حدٍ كبير، أو يمكنني جعله شخصاً يكرهه الجميع، وهذه الميزة غير متاحة في عالم الواقع.

في ظل الظروف الصعبة والقاسية التي تمر بها سوريا كيف يجد عدنان شيخي الساحة الأدبية في وطنه؟ وهل أثرت هذه الأوضاع المؤلمة فيه كروائي وشاعر؟
 
الحرب في سوريا أثرت على جميع مناحي الحياة، ولم تقتصر على الجوانب الفنية والروائية فحسب، فجميع فئات الشعب السوري عاشت العديد من الصراعات العسكرية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية وغيرها، وهذه الصراعات والتناقضات تركت بصمتها العميقة في شخصية الشاب السوري تقريباً من جميع زوايا حياته، وكذلك لعبت هذه الصراعات لُعبتها في الاتجاه الأدبي للكتاب السوريين أيضاً، فكما هو معروف عبر التاريخ: الكاتب ابن لبيئته، ويتأثر بالوسط المحيط به ويؤثر به أيضاً.

لكن في التجربة السورية الحديثة تأثر الكاتب السوري بالبيئة المحيطة به والصراعات التي تجري على أرض الواقع، لكن للأسف لم يعد للكاتب ذلك الدور البارز لتغير الواقع كما كان عليه سابقاً، فكما هو معروف حينما يتكلم الرصاص يسكتُ المنطق، وصوت الرصاص في سوريا كان عالياً جداً، لم تنفع معه صرخات الكتاب ونداءاتهم، عدا عن التوجهات المتعددة التي تبناها كل كاتب حسب أفكاره ومعتقداته، مما سبب نوعاً من التشتت، فأصبحت الأصوات مبعثرة لا تصل إلى مسامع الناس، وزاد الأمر سوءاً توقف الناس عن القراءة، فنحن الآن نعيش في زمن أصبحت فيه القراءة نادرة للغاية.

أما على صعيد تجربتي الشخصية فلم تلعب الحرب السورية ذلك الدور البارز فيها، كوني أعيش خارج البلاد منذ الشهور الأولى للصراع العسكري في سوريا، ولم أخض تلك الصراعات على أرض الواقع.

كيف كانت الموهبة؟ وهل لعبت الصدفة دوراً في تصقيلها أم كان هناك من ساعدك في تنمية وترقية هذه الموهبة؟
 
بدأت الميول الأدبية لي منذ الصغر حيث كتبت في المرحلة الابتدائية بعض الأبيات الشعرية الصغيرة لكن سرعات ما تجاهلت تلك الميول وركزت على الدراسة لكن مع مرحلة الشباب عادت تلك الميول الأدبية لتظهر بصورة أكبر، وحينها بدأت بالاحتفاظ بما كنتُ أكتبه لكن دون نشرها، فقط لمجرد الأرشفة، حتى بداية المرحلة الجامعية والتي بدأت فيها بعرض كتاباتي على الأصدقاء وبعض الشعراء المقربين من العائلة، والَّذين بدورهم شجعوني على الاستمرار مما أعطاني دفعات معنوية قوية للاستمرار، ثم شاركت في العديد من الأمسيات الأدبية في جامعة دمشق ودرباسية وكانت تلك الشرارة الأولية لانطلاقي، حيث نالت كتاباتي -ولله الحمد- على رضاء الجمهور، مما وضعني أمام التزامات أكبر للاستمرار.

أما على صعيد النمط الأدبي الخاص بي، فقد كان لأخي الفنان التشكيلي والنحات منير شيخي الدور الأكبر في صقل موهبتي الأدبية، وذلك بسبب نصائحه المستمرة وتقيمه المتواصل لكتاباتي مما ساعدني بشكل كبير على اكتشاف هويتي الخاصة في الكتابة وصقل أسلوبي الأدبي عبر المراحل المتعددة التي مرَّتْ بها كتاباتي.
 
حبذا لو تذكر للقارئ جميع إصداراتك الأدبية ما بين الرواية والشعر وإعطاء لمحة مختصرة عن كل عمل أو إصدار.
 
في سياق الشعر لدي حالياً 22 ديواناً للشعر كمخطوات أدبية جاهزة للنشر (لم تنشر بعد)، تحتوي على العديد من القصائد المتنوعة العاطفية والسياسية والقومية وغيرها، بالإضافة لأربع روايات هي كالتالي: بيراس: وهي رواية عاطفية. أحفاد الجنون: وهي رواية تراجيدية تندرج تحت قائمة أدب الجنون، وسأتحدث عنها بالتفصيل في سياق الإجابة، بالإضافة لرواية ساكنةٌ ظلال الرماد: وهي رواية عن الخيانة. وأخيراً رواية سُعال الجمرات: والتي ستصدر مطلع العام القادم، بإذن الله.

أما فيما يخص أعمالي الأدبية المطبوعة مع لمحة مختصرة عن كل عمل:

1- جُدران المساء: وھو دیوان أشعار عاطفیة یضم العدید من القصائد العاطفیة بالإضافة لقصیدتین قومیتین تحت عنوان "حوار كرديّ ودمشقيّ" وقصیدة "حوار على حافة الإعدام" التي وجھھا إلى الشھداء الكُرد الذین تم إعدامھم في دولة إیران، بالإضافة إلى معلقة شعریة تحت عنوان "وصف"، ویعتبر العمل الأدبي الأول لعدنان شیخي والصادر عن دار سیماف للطباعة والنشر عام 2016. لوحة الغلاف للفنان التشكیلي زھیر حسیب، وتصمیم الغلاف للفنان التشكیلي منیر شیخي، وتنفیذ وإخراج الفنان التشكیلي حسن برزنجي، بالإضافة إلى التدقیق اللغوي للناقد والمسرحي شبال برزنجي.
 
2- أحفادُ الجنون: وھي روایة تراجیدیة تندرج تحت قائمة أدب الجنون، وتدور أحداثھا حول حیاة مجموعة من المجانین ویتنقل الكاتب فیھا بین عالمین مختلفین، عالم الجنون المتمثل بفوضویته وأفكاره الخاصة، وعالم الواقع الذي نعیش فیه ویتم التطرق فیھا للعدید من القضایا والمفاھیم الاجتماعیة والظلم الاجتماعي والسلطوي والتخلف وما إلى ذلك، ومنھا الخُرافات التي یؤمن بھا العدید من الناس. وتعتبر العمل الأدبي الثاني لي والتي صدرت عن دار شلیر للطباعة والنشر عام 2018. لوحة الغلاف للفنان التشكیلي بھرم حاجو، وتصمیم الغلاف للفنان التشكیلي منیر شیخي، وتنفیذ وإخراج المصمم ریاض صبري، بالإضافة إلى التدقیق اللغوي للناقد والمسرحي شبال برزنجي.
 
3- صمتُ الحُفاة: وھو دیوان أشعار عاطفیة یضم العدید من القصائد العاطفیة، بالإضافة لقصیدة "اندماج الخبز بالتراب" والَّتي وجھتھا إلى المقاتلات الكُرد وبطولاتھم، وأیضاً قصیدة "صمتُ الحُفاة" التي وجھتھا لضحایا الحروب والظلم حول العالم، ویعتبر العمل الأدبي الثالث لي والذي صُدِرَ في قامشلو – روج آفا عام 2020 برعایة اتحاد مثقفي روج آفاي كردستان HRRK. لوحة الغلاف للفنان التشكیلي رمضان حسین، وتصمیم الغلاف للمصمم حسین عمر، بالإضافة إلى التدقیق اللغوي للأستاذة والشاعرة رانیا یوسف.
 
‏‎4- حُمى النكهات: وھو دیوان أشعار عاطفیة یضم العدید من القصائد العاطفیة، ویعتبر العمل الأدبي الرابع لي والذي سيصُدِرَ قريباً في قامشلو – روج آفا.

عرفنا أين تجد نفسك ما بين الرواية والشعر، ولك أيضاً الكثير من الكتابات باللغة العربية والكُردية.. فأين ترى نفسك ما بين الأدب الكردي والأدب العربي؟
 
في الحقيقة أنا أرى أن اللغات خُلِقت لتكون وسيلة تواصل تساعدنا على إيصال أفكارنا وفلسفاتنا إلى الشعوب الأخرى، إلى جانب كونها هوية الشعوب ونتاج مورثاته الفكرية والعقائدية، وعليه فلا بد للكُتاب والمُفكرين والفلاسفة وأي شخصية فكرية كانتْ طرح أفكارهم بأكثر من لغة طالما كانوا قادرين على الكتابة والتحدث بأكثر من لغة بطلاقة، فالترجمة تُفقد النص الأدبي جوهره وروحه وعليه بدأت الكتابة باللغة العربية لإيصال أفكاري وثقافة شعبي وتاريخيه إلى المجتمعات الأخرى والتي تُجيد اللُّغة العربية كما أنني كتبت بالكردية وذلك لأضيف ما يمكنني إضافته إلى المكتبة الكردية من كتب وأعمال تغنيها بالقدر الَّذي أستطيع.

أما فيما يخص السؤال أين أجد نفسي فهذا صعب للغاية كوني أجد نفسي جزءاً لا يتجزأ من كلا اللغتين.

ماذا عن كتاباتك ومشاريعك المستقبلية وعما تتحدث؟
 
كما ذكرتُ سابقاً لدي العديد من المخطوطات الأدبية الجاهزة للطباعة لكنني أتعمد نشر كتاب كل عامين، وذلك لكي أتيح لكل عمل الوقت الكافي لينتشر بين القراء من جهة، ولتكون تجربتي الأدبية في الكتاب التالي مختلفة عن تجربتي السابقة، فمدة عامين أراها كافية بشكلٍ كبير لتُغير من الأسلوب الأدبي والفكري، وذلك لكي لا تكون أعمالي نسخة مكررة من الأعمال السابقة بكلمات مختلفة، فعلى الرغم من أن المخطوطات جاهزة للطبع لكنني أعمل على إعادة صياغتها قبل النشر وذلك لترك أثر تطوري الأدبي خلال السنتين على النصوص.

وأما فيما يخصُ أعمالي الحالية، فأنا الآن أكتب ديوان خريف النقوش، وهو الديوان الخامس والعشرين وأعمل على إعادة صياغة رواية سُعال الجمرات والتي ستُصدر -بإذن الله- مطلع العام القادم، كما أن ديوان حُمى النكهات سيصدر قريباً خلال أسابيع في القامشلي.

أليس غريباً أن تكون حاصلاً على شهادة الجيولوجيا وقمت بتغير مسيرتك بهذا الشكل؟ وكيف نجحت في التوفيق ما بين الدراسة والكتابة؟
 
في سوريا والشرق الأوسط عموماً، الكتابة مهما بلغت من نضجها ومهما بلغت شهرة الكاتب فهي نادراً ما تكون كافية لتسد متطلبات الحياة المادية والاقتصادية للكاتب وأُسرته، وعليه كان لا بدَّ للكُتاب عبر التاريخ في تلك البلاد أن يمتهنوا مهنة أخرى إلى جانب الكتابة للعيش بشكل لائق، كما أن الكتابة لا ينبغي لها أن تؤثر ولا بأي شكلٍ من الأشكال على الحياة العملية والاجتماعية للكاتب، وعليه كان لا بد لي من متابعة الدراسة الجامعية للحصول على شهادة جامعية والحصول على عمل لائق، كما أنني دخلت قسم الجيولوجيا، عن رغبة وعشق، كوني من محبي الأرض والطبيعة والصخور، وعليه فقد كانتْ دراستي مرحلة عاطفية كبيرة جداً من حياتي، فالأدب والجيولوجيا تفاعلوا بشكل عظيم سوياً لتوليد أفكار جديدة ومحاور أدبية مميزة في مسيرتي الأدبية.
 
في الختام.. أتمنى لكم وللقراء الأعزاء دوام الصحة والعافية والسلامة وأن تتحق كُلُّ الأمنيات وأن نكون سعداء للأبد، لكم محبتي، محبةً تتناغمُ مع جمال أرواحكم.
 
ليفانت نيوز –  نورشين اليوسف - مكتب القامشلي

 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!