-
طهران بوصفها مركزاً أممياً
طبعاً هذا الأمر يحتاج لتوضيح العلاقة بين قم وطهران. هل طهران التي تحكم أم قم؟ المرشد قائد ثوري وليس رئيساً منتخباً. هذا المنصب الحاكم أفرزته الثورة الخمينية 1979. موقع بقي بعيداً عن ترهات الدستور والقانون والانتخابات وما تبقى من شكليات حكوميّة. هو القائد الفعلي للحرس الثوري. الحرس الثوري الفصيل العقيدي الثوري الذي يحكم طهران، وبالتالي إيران وليس قم فقط. نحن إذا أمام ثورة لم تكتمل بعد إلا بتصديرها لبقية الدول الإسلامية. هذه سيرة اغتصاب الملالي لحقوق الشعب الإيراني ودوره وسيرة احتلال دول أخرى. سيرة تحكم المرشد بالاقتصاد الإيراني. صرف أموال الشعب الإيراني على العسكرة. صواريخ ونووي وميليشيات عابرة للأوطان والدول. كل ميليشيا يحكمها ضابط حرس ثوري إيراني. تمر عبره حقائب أموال الشعب الإيراني لتصل إلى قطعان القتل الثوري في الدول التي يستطيع المرشد الوصول إليها. تمر عبره صفقات شراء السلاح لهذه الميليشيات الموزعة حتى الآن في أربع دول: لبنان - حزب الله، العراق - الحشد الشعبي وغيره، اليمن - الحوثي، سوريا - الميليشيات والأسد معاً.
هذه الميليشيات مهمتها أن تكون يد الثورة الملالية في قتل وتدمير الشعوب. إنه استنفار تام لكل ما هو طائفي وغريزي للملمة الأقليات الشيعية في تلك البلدان وغيرها. كي تكون قطعان حرب المرشد ولم تعد أقليات شيعية لها حقوق في بلدانها. الشيعي الأفغاني، أو الباكستاني، أو العراقي، أو اللبناني، يقاتل في سوريا. هو مقاتل من أجل ثورة المرشد. مقاتل لثأر الحسين من النواصب، فيقتل بطريقه أحياناً الروافض الذين ضد سياسة المرشد، تماماً كتنظيمات جهادية سنية -نواصب- لكي يدافعوا عن السنة في وجه الروافض -الشيعة- يقتلون السنة، وتدعهم قم أيضاً. هذه اليافطات التحريضية غايتها دهمنة الصراع السياسي بوصفه صراع مصالح. حيث تتلطّى هذه المصالح والسياسات خلف هذه اليافطات لتحول قطعان الميليشيات إلى دهماء. المقاتل الميليشياوي هذا لم يعد باكستانياً مثلاً، بات حامل سلاح المرشد الإيراني.
نأتي الآن إلى وجه آخر هو الوجه الإسرائيلي في صراع الملالي. قبل قيام ثورة الخميني كانت علاقات طهران الشاه مع إسرائيل على أحسن ما يرام. المرشد الثوري أطلق وجهاً إسلامياً شيعياً بشكل أساسي للصراع. العداوة مع إسرائيل مبنية على هذا البعد. لكن هل فعلاً ما يجري هو ما يعلن عنه؟ إيران الخمينية أو الخامنئية، تستخدم كل الوسائل من أجل نفوذ تدميري لبلدان الشرق الأوسط. إسرائيل بالمقابل تستخدم هذا الوجه كي تظهر أو تساعد الثورة الإيرانية حتى تكون مقاومة إسلامية، لكن مصلحة إسرائيل تقتضي أن تحتل قطعان الثورة الإيرانية تلك البلدان لكي تحولها إلى خراب. هذا ما حدث بالفعل في تلك البلدان ولن تقم لها قائمة ما دام ضباط الحرس الثوري يحكمونها. هذا تحقيق مصلحة إسرائيلية بأيدٍ ملالية، لأنّ إيران بأي حال ومهما تسلح مرشدها لن تشكل خطراً على الأمن الإسرائيلي.
هذه المعارك الخلبية بين الطرفين غايتها تدمير طموحات شعوب المنطقة في دول طبيعية. هذا الصراع يقتضي أيضاً استمرار المرشد بوصفه قائداً ثورياً للمقاومة. مشروع ولاية الفقيه الثوري. قسم غير قليل من اليسار العربي دعم هذه الكذبة الدموية وما يزال. أيضاً قسم من الإسلام السياسي السني ارتبط بهذا المشروع.
ضمن هذه اللوحة المختصرة والسريعة، يجب البحث عن أمريكا وفرنسا وبريطانيا أيضاً، لأن هذه الدول من خلف إسرائيل أو من أمامها هي الضابط لهذا المشروع في تصدير الثورة الإيرانية. هؤلاء جميعاً لديهم إصرار غريب على إبقاء مشروع المرشد الثوري شعلة لتدمير المنطقة، وعلى رأسها الشعب الإيراني نفسه. الحل في تحول إيران إلى دولة طبيعية. عاصمتها طهران وليس قم. إنهاء هذا الوضع الشاذ الذي تدفع شعوب المنطقة، بما فيها الشعب الإيراني، ثمناً باهظاً من مستقبلها ومن دماء أبنائها.
يجب إنهاء ميليشيا خامنئي بإنهاء دور قم نهائياً. تتحوّل إيران بموجبها إلى دولة بعاصمة واحدة هي طهران. هذا ما حاول الشعب الإيراني القيام به من خلال انتفاضاته كلّها ضد الخامنئي. لكن لأمريكا رأي آخر.
ليفانت - غسان المفلح
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!