-
طرق خامنئي المسدود
إن محادثات المرشد الأعلى للنظام الإيراني، علي خامنئي، مع أعضاء البرلمان، هي مثالٌ للمأزق الذي وصل إليه. إنه يحاول إبقاء الوضع تحت السيطرة، لكن هذا يخلق له العديد من التحديات. وطلب خامنئي في هذا الاجتماع من البرلمان التعاون مع الحكومة قدر الإمكان وتجنب إثارة التوتر. وشدد على أنه لا ينبغي للبرلمان أن يقوم باستجواب وعزل الواحد تلو الآخر. بعبارةٍ أخرى، طلب خامنئي من النواب التعاون مع الحكومة. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن أحد الإجراءات الجيدة والفعالة للبرلمان في مجال السياسة الخارجية هو قانون العمل الاستراتيجي للبرلمان الحادي عشر. وجديرٌ بالذكر أن البعض قد احتج وانتقد هذا القانون، لكن خامنئي يرى أن هذه الانتقادات غير صحيحة وأن الموافقة على هذا القانون كانت هي الشيء الصحيح.
وهذا القانون هو نفس القانون الذي عرقل الاتفاق النووي الذي توصل إليه الرئيس السابق حسن روحاني ووصفه روحاني بأنه أسوأ قانون أقره البرلمان. وقال خامنئي، في كلمته الموجهة للبرلمان والنواب، إنه يتعين عليهم التدخل في الشؤون الخارجية وإصدار البيانات عندما تنشأ قضايا مثل فلسطين وغزة. وشدد على أنه من المتوقع في بعض الأحيان أن يتحدث البرلمانيون عن قضايا مهمة في السياسة الخارجية، وقال بوضوح إن قضية غزة لا تزال القضية الأولى للعالم الإسلامي. وشدد على أنه لا ينبغي للنواب أن يجلسوا ويلتزموا الصمت لأن أمامهم عملاً مهماً.
وفي هذا الخطاب، يبدو أن خامنئي دعم بزشكيان ظاهرياً وحدد قضيتين مهمتين للغاية، وهما القضية النووية والسياسة الإقليمية، وشدد على أن النهج السابق سيستمر لكلاهما. وفي الساحة الدولية، يحاول خامنئي الاستفادة من بزشكيان. ومن المؤكد أنه يشجع حلفاء ولوبيات النظام على إظهار بزشكيان كمصلح، بالتالي يواصل سياسة الاسترضاء.
والحقيقة أن النظام الإيراني لم يحقق أهدافه في حرب غزة. وكانت مصلحة النظام هي توجيه ضربة لإسرائيل في حرب غزة ومن ثم إنهاء الحرب بسرعة؛ أي عرضاً للقوة لا يكلف سوى القليل. لكن هذه القضية كانت فوق قدراته لأنها كانت أكبر بكثير من حجم النظام الإيراني وعلى الرغم من جهود النظام لتجنب الصراع، إلا أن استمرار الحرب جعل النظام يتورط أكثر. تورط خامنئي في أزمة قاتلة. وإذا أعلن النظام انسحابه فسوف تنهار هيبته بين قواته أكثر. ولكن الأهم من ذلك، خامنئي يعلم أن أي خطوة إلى الوراء يمكن أن تكون بداية لسلسلة من التراجعات الإضافية. وهذه هي قاعدة توازن القوى.
وإذا استمر النظام في القتال أكثر، فإن وكلائه في المنطقة، الذين يشكلون أذرع قوته الإقليمية، سيواجهون ضربات موجعة وستضعف أسس النظام الإيراني. إذن يعيش النظام في مرحلة هشة ويواجه أزمات خطيرة، لكنه يحاول أن يقلب هذا الواقع رأساً على عقب من خلال الدعاية. لكن وصول بزشكيان إلى الساحة السياسية يمكن أن يخلق فجوة في النظام قد تؤدي إلى تطورات جديدة.
وتشير هذه الظروف إلى أن نظام الملالي في وضع غير مستقر ومعقد. ويحاول خامنئي تغيير هذه الأوضاع لصالحه من خلال تطبيق سياسات داخلية وخارجية، بما في ذلك الاعتماد على النفوذ الدبلوماسي والعسكري. ولكن نظراً للتطورات الإقليمية والدولية، فإن تحقيق هذا الهدف يحمل معه العديد من التحديات. ومن ناحية أخرى، فإن المعارضين والمنتقدين للنظام في الداخل والخارج يراقبون الوضع بعناية ويحاولون استغلال نقاط الضعف الموجودة. ونتيجة لهذا فإن مستقبل السياسة الداخلية والخارجية لإيران سوف يتأثر بالقرارات والأساليب الجديدة.
ليفانت: محمود حكميان
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!