الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • دميرتاش: السياسي الذي كرّس حياته لوقف الدم بين الكُرد وتركيا

دميرتاش: السياسي الذي كرّس حياته لوقف الدم بين الكُرد وتركيا
دميرتاش

نُقل السياسي البارز صلاح الدين دمرتاش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يعتبر لسان حال الكُرد في تركيا الى المستشفى، يوم أمس الاثنين لإجراء فحوص طبية بعدما انهار في زنزانته الأسبوع الماضي، وفق ما أكده مكتب النيابة في أدرنه شمال غرب تركيا حيث يحتجز دمرتاش.


وقال حزب الشعوب الديمقراطي إنه جرى نقل دميرتاش البالغ من العمر (46 عاماً) إلى المستشفى بعدما تمكن نائبان من الحزب من  زيارته في السجن الواقع في بلدة أدرنه بشمال غرب تركيا، كما أكد محامي دميرتاش وشقيقته إنه فقد وعيه في سجنه الأسبوع الماضي، وإنه لم يتم نقله إلى المستشفى إلا بعد سبعة أيام من الواقعة.


وانتقدت شقيقته السلطات التركية بسبب ما وصفته بـ "عدم توفير الفحوص الطبية الشاملة" لشقيقها بعد نحو أسبوع من تلقيه علاجاً طارئاً إثر معاناته من الآم في الصدر ومشاكل في التنفس.


الحياة المدنية..


درس دميرتاش (مواليد معمورة العزيز، شرقي تركيا، 1973) في كلية الحقوق بجامعة أنقرة، وأصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة حقوق الإنسان التركية في مدينة ديار بكر، ثم أصبح رئيساً لها، وشكّل جمعية حقوق الإنسان التركية وأسس مكتب ديار بكر لمنظمة العفو الدولية، وكان يدعو البرلمان التركي باستمرار إلى الاعتراف بالهوية الكردية والسماح للغة والثقافة الكردية، كون الأكراد يشكلون ثاني أكبر قومية في البلاد، ويبلغ عددهم ما بين 20 و25 مليون نسمة من أصل عدد سكان تركيا البالغ 80 مليون نسمة، كما أشار دميرتاش في عدة مقابلات صحفية إلى أنه سمع لأول مرة بــ "الأكراد" في مرحلة الدراسة الثانوية للتأكيد على التعتيم الإعلامي على الهوية الكُردية في تركيا.


الاعتقال..


اعتقلت القوات الأمنية التركية الرئيسين المشتركين لـ(حزب الشعوب الديمقراطية ) صلاح الدين دميرتاش و ڤيكن يكسكداغ و البرلمانيين محمد علي ارسلان , زيا پير , فرات آنسو , ليلی كيڤن , سري سريا اوندر , ليلی بيرليك , گارو پايلن في الرابع من نوفمبر\تشرين الثاني للعام 2016، بعدما وافق البرلمان التركي في الـ ٢٠ من مايو/تموز من العام ذاته، على مشروع قانون لإسقاط الحصانة عن نواب البرلمان التركي، حيث نال مشروع القرار آنذاك على تأييد 376 نائباً من أصل 550، أي ما يعادل ثلثي الأعضاء مما سمح بتبنيه مباشرة.


أحكام قاسية..


وعقب شهرين من الاعتقال، طالبت النيابة العامة التُركية في منتصف يناير\كانون الثاني العام 2017، بالحكم على “صلاح الدين دميرتاش، وفيغن يوكسك داغ” الرئيسين المُشتركين لحزب الشعوب الديمُقراطي (HDP)، بالسجن لسنوات طويلة تتراوح من /83/ إلى /142/ عاماً، بعد أن وجهت لهم اتهامات تتعلق بإدارة حزب العمال الكُردستاني  (PKK)، وهي اتهامات يصفها مراقبون بالجاهزة، كالتي تتطلق على الكُرد في شمال سوريا.


وفي الواحد والعشرين من فبراير\شباط العام 2017، أصدرت محكمة تركية قراراً يقضي بحبس “دميرتاش”، لمدة /5/ أشهر، بتهمة إهانة الدولة التركية، كما قام البرلمان التُركي بإسقاط عضوية “فيغان يوكسيك داغ”، الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي.


إدانة وإبداع..


وفي ديسمبر\كانون الأول من العام 2017، قال هيو وليامسون من منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنه "من الصعب ألا نستنتج أن المحاكمة ضده (دميرتاش) ليست سوى مبادرة دوافعها سياسية من قبل الحكومة التركية لتخريب المعارضة البرلمانية"، فيما قالت هيئة الدفاع عن دميرتاش أن مجهولين قاموا بعملية سطو على مكتب أحد محاميه، وسرقوا خلالها جهاز الكمبيوتر الذي حفظ فيه مرافعات الدفاع عنه لجلسة المحاكمة.


لكن ومن زنزانته، نشر دميرتاش مجموعة قصص صغيرة بعنوان "فجر" وزعت في منتصف أيلول/سبتمبر من ذاك العام، ونفدت كل النسخ البالغ عددها عشرين ألفاً في ثلاثة أيام، حسب دار النشر ديبنوت التي أكدت أنها تقوم بطباعته للمرة الخامسة عشرة ووزعت 155 ألف نسخة منه في السوق.


مدفوعات لأردوغان..


وفي بداية يناير\كانون الثاني العام 2018، قررت المحكمة المحلية في أنقرة إلزام الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطية، صلاح الدين دميرتاش، بدفع مبلغ 15 ألف ليرة تركية كتعويض مالي لأردوغان، حيث كان الأخير قد رفع دعوى قضائية بحق دميرتاش، بحجة "إهانته"، مطالباً بدفع تعويض قدره 50 ألف ليرة تركية، إلا أن المحكمة المحلية ردت دعوى أردوغان، وبعد أن استأنف محامي الرئيس التركي الدعوى، لاقت قبولاً من جانب المحكمة المحلية في العاصمة التركية أنقرة، وقررت إلزام دميرتاش، بدفع مبلغ 15 ألف ليرة تركية كتعويض مالي لأردوغان.


سجين سياسي..


وفي حملة انتخابية للرئاسة التركية وصفت بغير العادية، ألقى دميرتاش، خطاباً من زنزانته في السجن عبر مكالمة هاتفية مع زوجته وأفراد عائلته الآخرين، في السابع من يونيو\حزيران العام 2018، ووصف دميرتاش في خطابه نفسه، بأنه "سجين سياسي"، مُجرد من الحق في محاكمة عادلة.


وطلب دميرتاش التصويت له في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي كانت مقررة في 24 من ذاك الشهر، قائلاً إن "الممارسات المناهضة للديمقراطية حولت تركيا إلى واحدة من أكثر المجتمعات غير السعيدة والتشاؤمية".


منافس رئاسي..


ونظم زعيما حزب الشعوب الديموقراطي بروين بولدان وسيزاي تيميلي حملات في أنحاء البلاد من أجل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت بشكل متزامن في يونيو\حزيران العام 2018، وقال تيميلي لوكالة فرانس برس من على متن حافلة حملته في أنقرة إن تنظيم الحملة بهذه الطريقة "أمر صعب لكن لا يخطر في بالنا أننا سنفشل"، وقال تيميلي إن "جميع المؤسسات تعمل بشكل مشترك حالياً لإبقاء حزب الشعوب الديموقراطي تحت عتبة الـ 10 في المئة (التي يحتاجها لدخول البرلمان) وعدم السماح له بتنظيم حملات".


فيما أكد مراقبون أن وسائل الإعلام التركية الرئيسية لا تمنح مساحة كبيرة من التغطية للحزب، ووفقاً لمنظمة الشفافية الدولية بفرعها التركي، فإن شبكة "تي آر تي" الرسمية خصصت ثلاث ثوان فقط من التغطية لدميرتاش في برامجها التلفزيونية الرئيسية في أيار/مايو مقارنة بـ 105 دقائق لأردوغان.


الهجوم على عفرين..


ولطالما انتقد دميرتاش، تدخل الحكومة التركية في الحرب السورية، وقال إنه لا يهدف إلى السلام وإنما لاجتذاب أصوات الناخبين القوميين، وأضاف في يونيو\حزيران من سجن أدرنة إن "تدخل حكومة حزب الحرية والعدالة في الحرب السورية لا يهدف إلى المساهمة في إرساء السلام في البلاد، حيث تسعي الحكومة التركية إلى منع الأكراد من تحقيق مكاسب في تلك المنطقة، وهذا يؤدي إلى تعميق الفوضى المستمرة في سوريا".


وتابع دميرتاش في تصريح خاص أدلى به خطياً لوكالة "سبوتنيك" ومرره عبر محاميه: "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه يسعيان إلى اجتذاب أصوات الناخبين القوميين من خلال هذه العمليات العسكرية، وهذه الحملات لا تخدم السلام الدائم في سوريا".


السجن قرابة 5 سنوات..


وفي سبتمبر\أيلول من العام 2018، حكمت محكمة تركية على دميرتاش؛ بالسجن لمدة أربع سنوات وثمانية أشهر بتهمة الترويج لدعاية إرهابية، وهو حكمٌ دانته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في نوفمبر\تشرين الثاني من ذاك العام، داعية السلطات التركية للإفراج عن دميرتاش، وقائلة أن اعتقاله يهدف إلى “خنق التعددية”، وطالبت بإطلاق سراحه فوراً.


فيما علّق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية الذي أقر بضرورة الإفراج عن دميرتاش، قائلاً: “قراركم غير ملزم لنا، سنقوم بشن حملتنا المضادة، وسننهي الأمر”.


لكن جواب الرئيس التركي لم يكن محبباً فيما يبدو، إذ علّق المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للمجلس الأوروبي ومنسق الاتصالات في المجلس دانيال هولتجين، على تصريحات أردوغان مؤكدًا أن قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية ملزم لتركيا، وقال هولتجين: “وفقًا للمادة 46 من اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية، فإن جميع قرارات المحكمة ملزمة لجميع الدول الموقعة على الاتفاق”، وجاء ذلك في رده على سؤال أحد المغردين على تويتر قال فيه: “قال أردوغان أن قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية غير ملزم لتركيا، هل هذا صحيح؟”.


رهينة..


أما دميرتاش فقد علّق على القرار من خلال بيان نشره عبر محاميه، قائلًا: “من خلال هذا القرار الصادر عن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، تم تسجيل وضعي السياسي قانونيًا على أنني رهينة، وكما قلنا منذ اليوم الأول، فإن الحملة المنظمة على حزب الشعوب الديمقراطي، واعتقالنا ومحاكمتنا غير قانونية. ولكنها تجري بحجج سياسية. وهكذا تسقط جميع الدعاوى والاتهامات ضدنا”، ليعلق وزير العدل التركي عبد الحميد غول على القرار، قائلًا: “القرار النهائي في يد القضاء التركي”.


دعوة للإفراج..


وقد دعا الاتحاد الأوروبي، في الثاني والعشرين من نوفمبر\تشرين الثاني العام 2018، السلطات التركية إلى الإفراج “قريباً” عن دميرتاش، بعد أكثر من سنتين على سجنه، وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، خلال زيارة لأنقرة: “نأمل أن يتم الإفراج عنه قريباً”، مذكّرةً بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طالبت تركيا بإنهاء التوقيف الاحتياطي لدميرتاش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، مُعربةً عن قلق الاتحاد إزاء اعتقالات شهدتها تركيا أخيراً، وقالت: “الاتحاد الأوروبي يريد تركيا قوية. وتركيا قوية تعني تركيا ديمقراطية قائمة على سيادة القانون”.


مرشح لنوبل..


وطرح اسم دميرتاش في فبراير الماضي، ضمن المرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام، حيث اقترح نائب حزب الاشتراكيين الديمقراطيين السويدي توماس هاماربرج تقديم اسم دميرتاش المرشح الرئاسي السابق لنيل جائزة نوبل، وقال هاماربرج في خطابه: «حرص دميرتاش على مدار الأعوام الإثنى عشر الأخيرة على إحياء السلام بين الأتراك والأكراد في تركيا، والدفاع عن حقوق الأقليات، وحقوق المرأة، بالإضافة إلى دعمه للديمقراطية، وقد كرّس السياسي الكردي الشهير حياته من أجل الكفاح لهذه الأهداف»، وأوضح في خطابه أن صلاح الدين دميرتاش كان شجاعاً وذو عزم في أعماله من أجل حل الأزمة الكردية بسلام.


متابعاً: «لقد عمل على أن تنتهي الحرب المندلعة ضد الأكراد في كل من تركيا وسوريا. حتى وإن كان خلْف القضبان الآن، فإنه يذكرنا بأن الكفاح من أجل السلام الآن أكثر أهمية من أي وقت سبق. لذلك أرشح صلاح الدين دميرتاش لينال جائزة نوبل للسلام في عام 2019».


جائزة النضال والحرية..


وحصل دميرتاش، على جائزة Montluc الفرنسية للنضال والحرية عن أول رواياته “السَّحَر” التي نشرها في عام 2017، حيث تمنح جائزة Montluc الفرنسية للنضال والحرية سنوياً للأعمال الأدبية والمرئية والسمعية والمبادرات التي تسهم في إعادة إثراء قيم مثل النضال والحرية وذلك بهدف إحياء ذكرى النضال الفخري ضد الاحتلال النازي وهمجيته بمدينة ليون الفرنسية، وذلك خلال حفل أقيم في العاشر من فبراير/ شباط الماضي.


هزيمة اردوغان..


وفي تعليقه على نتائج الانتخابات البلدية التي شهدتها تركيا في 31 من مارس الماضي، كتب زعيم حزب الشعوب الديمقراطية المعتقل في سجن شديد الحراسة بمدينة أدرنة، مقالاً لجريدة واشنطن بوست الأمريكية، وقال فيها دميرتاش: «لقد تعرّض أردوغان لهزيمة مهينة… وأكدت نتائج الانتخابات أن الشعب التركي يصر على مطالبه بالعيش بشكل ديمقراطي وفي سلام فيما بين أبنائه»، موضحاً أن حزب العدالة والتنمية في السنوات الأخيرة ابتعد عن قيم الإسلام والأخلاق، كما ابتعد عن الديمقراطية، مؤكداً أن الهزيمة التي تعرض لها الحزب نتيجة التكبر وصم الآذان عن الانتقادات الموجهة إليه بسبب الفساد والظلم الذي يقوم به.


ليفانت-خاص


متابعة وإعداد: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!