-
دبلوماسية أف-35
هل يمكن التطرّق لصفقة طائرات F-35 الأمريكية لصالح سلاح الجو الإماراتي دون التطرّق للعلاقة الاستراتيجية الخاصة التي تربط بين البلدين، أو الدور المحوري للإمارات جيوسياسياً، والسؤال الأهم؟ هل من المقبول توظيف هذه الصفقة سياسياً من جانب إدارة بايدن الديمقراطية في هذا التوقيت تحديداً؟ لذلك لم يأتِ إعلان الإمارات تجميد المباحثات التكميلية بمفاجئ حول تلك الصفقة في حال قررت واشنطن مواصلة مسارها التعجيزي في إتمامها.
حالة الإرباك عبر عنها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الأربعاء الفائت، من كولا لامبور، أثناء مؤتمر صحفي مع نظيرة الماليزي "نحن عازمون على إتمام الصفقة في حال أرادت الإمارات إتمامها، إلا أن هناك أمرين، أولاهما ضمانة التفوق النوعي الإسرائيلي، وثانيهما، ضمان أمن وسلامة التكنلوجيا المستخدمة في هذا النموذج بعد تسليمها للإمارات". والقصد هنا مخاطر الاختراق السيبراني من قبل طرف ثالث، أي الصين، وهي المزود المعتمد للإمارات بتقنيات 5G. ذلك بالإضافة اشتراط واشنطن تقديم أبو ظبي لضمانات "المشتري" غير المسبوقة في مثل هذه الصفقات والتي تمثل انتهاكاً للحقوق السيادية للإمارات في استخدام أو نشر هذه الطائرة.
الجدير بالذكر، أن المواصفات الفنية والتقنية من محركات /المنظومة الملاحية والرادار/ خاصية الاتصال الرقمي المتقدم للطائرة مع مثيلاتها ونقل المعلومات ومشاركتها مع كافة منصات القوات العاملة رقمياً /منظومة إدارة الأسلحة والتوجيه/ الأسلحة المصممة لاحتوائها داخل البدن، كلها قد أقرّت من قبل البنتاغون والخارجية عبر لجان مختصّة تعي ضمانات التفوّق النوعي لإسرائيل. والمواصفات التي حددتها الإمارات تفي بمتطلباتها هي، وعلى الجانب الآخر والذي لم يلتفت إليه الوزير بلينكن، هو إدخال سلاح الجو الإسرائيلي لتعديلات خاصة به على المنظومة الملاحية، ومنظومة الاتصال الرقمي، وكذلك إدارة وتوجيه الأسلحة، وإن كل ما سبق هي اشتراطات إسرائيلية يجب أن يوافق عليها أي طرف مزود لإسرائيل بالسلاح. وقد سبق لإسرائيل أن أدخلت تعديلات مماثلة على المقاتلات الأمريكية من فئتي F-15/F-16 وكذلك الغواصات الألمانية من فئة دولفين. والملفت للنظر أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لم تعبر عن أي قلق من إتمام هذه الصفقة، مما يؤكد وجود أهداف أخرى لدي واشنطن من خلف تعطيل الصفقة وليس إتمامها.
قرار واشنطن وضع العقدة في منشار صفقة F-35، والآن تحديداً قد يُفسر سياسياً كسلوك ذا صلة بالمباحثات المتعثرة في فيينا، أو في رغبتها في إيصال رسالة عدم رضا عن سلوك أو سياسة إماراتية، فقد عبر أكثر من مسؤول أمريكي عن ذلك بعد زيارة وزير الخارجية، سمو الشيخ عبد الله بن زايد، لدمشق، وكذلك خطوات دبلوماسية إقليمية وأخرى، ضمن ما تعتبره أبو ظبي فضاءها الجيوسياسي.
ولنغامر ولوجاً في سبر حقيقة المخاوف الأمريكية مغبة اختراق شبكة 5G الصينية للمنظومة الملاحية والتشغيلية للطائرة، فهل تجاهلت واشنطن استحواذ الإمارات وتشغيلها لمنظومة ثاد للدفاع الجوي Thaad Air Defense ومدى تقدم منظومتها التشغيلية رقمياً؟ أوهل سبق أن سجلت القوات الأمريكية تعرض منظوماتها الرقمية الخاصة أو المتكافلة وحليفتها الإمارات لمحاولات اختراق عبر شبكة 5G الصينية على الأراضي الإماراتية.
مطالبة الإمارات واشنطن حسم أمرها من هذه الصفقة لها دلالاتها، وكذلك طلب ولي العهد السعودي، سمو الأمير محمد بن سلمان بضرورة جلوس المملكة لطاولة المفاوضات في فيينا. إدارة الرئيس بايدن مطالبة بمراجعة ضرورات التكامل والتكافل الاستراتيجي مع حلفائها في المنطقة، وبما يخدم المصالح الاستراتيجية المشتركة لجميع الأطراف بدل تغليب الرغبات أو الأهداف السياسية قصيرة الأجل.
ليفانت - عبد الله الجنيد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!