الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
تركيا ، وسياسة حرق الأوراق
خالد الذعتر

المتابع للسياسة الخارجية التركية في الفترة الأخيرة يجد بلا شك أن هناك توجه " غير عقلاني " لا يخدم المصلحة التركية فهو توجه تم بناءه على أساس المصلحة الضيقة لمشروع " العثمانية الجديدة " ، وهو ما يعني أن السياسة الخارجية التركية يتم العمل على بناؤه وفق مايخدم المشروع العثماني التوسعي والفوضوي والذي لا يأخذ بعين الاعتبار الخسائر التي قد تلحق بالدولة التركية نتيجة هذه السياسة " الحمقاء " التي يتولى أردوغان العمل على صياغتها وتنفيذها وذلك وفق مايخدم اهواءه الشخصية ،،


منذ العام 2002 كانت السياسة الخارجية التركية يتم العمل على بناؤها " بعقلانية " وفق مايخدم المصلحة التركية العليا والذي تمخض عن ذلك استراتيجية " تصفير المشاكل " مع دول الجوار وهو ما كان لذلك انعكاسات إيجابية على الوضع التركي السياسي والاقتصادي وكان لهذه السياسة القائمة على " لامشكلات إطلاقاً مع الجيران " انعكاسة جيدة وداعمة لحالة التطور الاقتصادي الذي عاشتها تركيا في مطع الألفية واستطاعت أن تتغلب على مشاكل التسعينات الاقتصادية وبالتالي فإن الوضع الاقتصادي في الحالة التركية هو انعكاس للوضع الجيد والإيجابي للسياسة الخارجية ،،


ومنذ مرحلة " الربيع العربي  " دخلت السياسة التركية في مرحلة " التوجه الشخصي لسياسات أردوغان " والتي تهدف لتوظيف الإخوان في تحقيق طموحات البحث عن الزعامة الإقليمية ، وهو ما قاد إلى التأثير على علاقات تركيا مع الدول العربية بخاصة في ظل توجه وإصرار من قبل أردوغان لفرض حكم الإخوان في الدول التي عاشت الربيع العربي بالرغم من حالة الرفض الشعبي كما حدث مع مصر، وهو ما جعل تركيا تخسر دول لها ثقلها ومركزيتها في النظام الإقليمي العربي - مثال مصر – وبرغم حالة الفشل في هذه الخطوة التركية ، استمر أردوغان في نفس الطريق وهو ما تطور الأمر لاحقاً إلى دخول تركيا على خط التوظيف السياسي للتنظيمات الإرهابية وبخاصة في سوريا في محاولة للتعويض عن حالة الفشل الإخواني ،،


وبالتالي دخلت تركيا في حالة من التصادم نتيجة الإصرار التركي على الاستمرارية في التوظيف السياسي للتنظيمات الإرهابية والاستثمار في حالة الفوضى والتي امتدت من الملف السوري إلى الملف الليبي ، في محاولة لتوظيف الملف الليبي لمناكفة الأمن القومي المصري ، ومحاولة البحث عن مدخل إلى الملف اليمني لمناكفة السعودية، وبالتالي نجد أن أردوغان تدرج كثيراً في سياسة " حرق الأوراق " وهو ما كان لذلك الوضع انعكاسة على الوضع الاقتصادي الذي بلا شك تأثر كثيراً نتيجة حالة التأزم التي تعيشها العلاقات التركية مع دول الجوار ، ولكن هذا لم يمنع أردوغان في الاستمرار في سياسة " خلق المشكلات بدلاً من تصفيرها " والتي لم تقتصر تأثيراتها على وضع تركيا في منطقة الشرق الأوسط ، بل امتدت إلى علاقات تركيا مع الدول الأوروبية ما يعني أن الفاتورة التركية نتيجة هذه السياسية التي تهدف إلى " حرق كافة الأوراق " كانت ولاتزال باهضه الثمن ،،


مسألة العودة التركية إلى سابق عهدها في تحسين علاقاتها مع دول الجوار ، واستبدال سياسة " خلق لمشاكل التي تنتهجها " بسياسة " تصفير المشكلات " لن يكون بالأمر السهل " بخاصة في ظل استمرار أردوغان في حرق كافة الأوراق " وبالتالي أصبح حدوث تغيير في السياسة التركية والحصول على قبول لدى دول الشرق الأوسط " مرهون بشكل كبير في رحيل الطبقة السياسية الحاكمة في تركيا لأنها تعد الركيزة الأساسية في تنفيذ مخطط " خلق المشاكل مع دول الجوار " وبالتالي فإن استعاده تركيا لوضعها الإيجابي في منطقة الشرق هو رهون بشكل كبير في إحداث تغيير جذري ورحيل الطبقة التي أخذت على عاتقها " تنفيذ مخطط العثمانية الجديدة " وبالتالي المقصود هنا بالتغيير الجذري هو رحيل أردوغان وحزب العدالة والتنمية عن الواجهة السياسية ،،


خالد الزعتر

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!