-
بوتين وألكسندر دوجين.. ثنائي على طريق النهايات المأساوية المستحقة
مرّ شهر بالتمام والكمال على بدء عمليات الغزو الروسي لأوكرانيا، وحتى الآن لم تتمكن القوات الغازية الروسية من دخول العاصمة كييف، فالصواريخ المضادة للدبابات التي قدمتها الدول الغربية تحول عملية الدخول، بل وبعثت أملاً وشجاعة في نفوس الجنود الأوكرانيين.
مرّ شهر على عملية كان يهيّأ لعقل رجل "الكرملين" أنّه قادر على حسمها خلال ساعات، بحسب التقارير المقدمة له من الأجهزة الأمنية، والتي وصلت إلى حدّ تصوّر استقبال الشعب الأوكراني للقوات الروسيّة بالورود والرياحين، فتفاجأت القوات ببسالة وشجاعة وتضحيات تكتب بحروف من ذهب للجيش الأوكراني.
استخدمت روسيا القنابل العنقودية، والقنابل الفراغية، وراجمات اللهب، وقصفت المدارس والمستشفيات، وأعاقت عمليات إجلاء المدنيين الأوكرانيين من المناطق الآمنة. كل جرائم الحرب ارتكبت على مدار شهر، بحسب تقارير لعدة منظمات دولية حقوقية وحكومات، كل ذلك من أجل إخضاع أوكرانيا وكسرها، وهو ما استعصى عليهم تحقيقه، ومع هذا الاستعصاء كان لا بد لي من الاستماع بإنصات إلى الرجل الذي يقال عنه أنّه يسكن عقل بوتين، المفكر والفيلسوف الروسي "ألكسندر دوجين".
ففي حواره الأخير على إحدى القنوات، وفي السطور القادمة سنذكر بعضاً مما جاء في الحوار الكارثي الذي يكشف لنا عن أزمة كبرى يعيشها الرجل. يقول أليكسندر "أعتقد أن هناك تشابه بيننا، الانهماك المشترك في قدر روسيا وتاريخها وصورتها، بوتين أحب روسيا أكثر من الليبراليين والغربيين. هو وطني بامتياز. وهذا يشرح لماذا ثمة شبه بنا، نحن الاثنين، نصطف إلى جانب شعبنا، نحن نفكر في الثقافة الروسية وفي الثقافة الدينية، وهذا يعنى أن نبعث روسياً على نحو روسي. بوتين هو الأعظم ويجب أن تجلّ وتسمع كل شعوب العالم الرئيس بوتين. ليس على العالم إلا بروسيا عظيمة قوية، لن نهزم، العملية العسكرية مرتبطة بوجودنا. نكون أو لا نكون"، وكرر "لا بد للعالم أجمع من أن يسمع بوتين ويصغي له جيداً. لو حدثت الهزيمة فلن يكون هناك بوتين أو روسيا أو العالم.. ما فائدة العالم من دون روسيا؟".
وعندما تعجب المحاور من كلام دوجين، كرّر له الفقرة الأخيرة المتعلقة بوجود العالم، وقال له: هل فهمت صح؟ قال: نعم صح. وأعاد تكرار الكلام وتأكيده بصيغ أخرى أشد وطأة وبتهديد صريح، وبملء الفم قال: "إما أن ننتصر أو نستخدم السلاح النووي، إذا أردتم أن تعيشوا على هذه الأرض عليكم القبول بروسيا عظيمة ذات سيادة، هذا ليس ابتزاز، إن وجود البشرية من دون روسيا أمر محال، بوتين العظيم ونحن أمة عظيمة، نحن دائماً ننفض الرماد ونعود من جديد".
انتهى لقاء دوجين الفاشي بامتياز، وبمجرد الانتهاء منه أرسلته إلى أحد الأصدقاء "طبيب نفسي ومتخصص في تحليل الخطابات للشخصيات السياسية من خلال لغة الجسد"، يعيش في إحدى العواصم الأوربية، فأكد لي بعد مشاهدته للحوار، أن دوجين يعاني من أزمة كبرى ناتجة عن الإفراط في الأماني والأحلام، ويبدو أنّها تحطمت على أرض الواقع، أو في أحسن الظروف تعثرت بدرجة كبيرة جداً، مما انعكس عليه بوضوح.
الخطير في كلام الطبيب المتخصص أنّه قال لي (تهديدات هذا الرجل ليست عبثية وليست للابتزاز بل هي حقيقية إلى أقصى حدّ وخطوات مؤجلة ويجب على العالم التعامل من خلال هذا الواقع). وهنا سألته سؤالاً كان لا بد من طرحه: إذا كان هذا هو حال أليكسندر دوجين، فما بالنا ببوتين ذاته؟ أجاب: (نحن في قلب كارثة سوداء ولا يستطيع أحد التكهن بما هو قادم).
أغلقت الهاتف مع صديقي وتذكرت على الفور "رودولف والتر هيس" الذي كان يسكن عقل "هتلر"، بالمثل تماماً كحالة "بوتين - دوجين". ومن المعروف أن هيس ساعد هتلر في كتابه "كفاحي" الذي أصبح أساساً للبرنامج السياسي للحزب النازي. ولقد أنهى هيس حياته منتحراً عام 1987 بشنق نفسه، ليلحق بسيده هتلر الذي سبقه إلى نفس المصير (42 عاماً)، سنة 1945.
يبدو وبوضوح أننا أمام واقع، قال عنه أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إن "بوتين يقفز إلى الهاوية". فهل هاوية بوتين ومعه مفكره المفضل ستكون على نفس شاكلة نهاية الثنائي "هتلر وهيس"؟ ولكن هنا يجب طرح السؤال الأهم: كم ستكلف البشرية جمعاء هذه النهاية؟
ليفانت - محمد سعد خير الله
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!