الوضع المظلم
الخميس ١٤ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
انفجار القاهرة .. المحنة والمنحة!
انفجار القاهرة .. المحنة والمنحة!

علاء عبد الحسيب - كاتب مصري


منذ اللحظات الأولى التي سُمع فيها دوى انفجار مستشفى الأورام بشارع كورنيش النيل بالعاصمة المصرية القاهرة، تسارعت التوقعات قبل صدور البيانات الرسمية للإشارة بأصابع الاتهام إلى تورط الجماعات الإرهابية في هذا الحادث الغاشم.. اجتهادات وروايات كانت غير موفقه رددها الكثير من المصريين علي مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين احتمالية وقوع الحادث بسبب انفجار أنبوبة أكسجين داخل المستشفى.. وما بين وقوع حادث تصادم سيارات أدى إلى انفجار خزانات الوقود مما خلف هذه الكارثة.. إلا أن وزارة الداخلية المصرية أصدرت بيانها القاطع النهائي بشأن وجود مواد تفجيرية داخل السيارة المتسببة في الحادث، وهو ما أكد تورط العناصر الإرهابية..


الحقيقة حتى الآن لا أحد على الإطلاق استطاع أن يبرر هذا الهجوم الغاشم الذي وقع أمام هذه المؤسسة العلاجية والتي تعد بمثابة المتنفس الأكبر لمرضى السرطان في مصر، بل رأي الكثير أن هذا الحادث بمثابة المسمار الأخير في نعش جماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعدما أعلنت حركة «حسم الإرهابية» مسئوليتها عن الحادث، هذا التنظيم الداعم والمدافع عن جماعة الإخوان منذ رحيل أعضائها البارزين من علي رأس الحكم في مصر قبل نهاية 2013، حتى الأنظمة المعادية للنظام المصري كتركيا وقطر، فقد فضلت الصمت والتزمت بعدم التعليق علي هذا الحادث، أو إلقاء المسؤولية والتفسير على أجهزة الدولة في وقوعه كما تدعي كل مرة.


ما زالت هناك نقاط كثيرة عالقة في هذا الحادث الذي خلف قرابة الـ 20 حالة وفاة وعشرات المصابين رغم البيان الأخيرة التي أصدرته المؤسسة الأمنية، ربما ستكشفها الأيام القليلة القادمة خلال التحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن ورجال القضاء المصري على رأسها، معرفة هوية منفذ الهجوم وجنسيته، والوصول إلى معرفة الهدف الذي كان يقصده، عما إذا كان إحدى السفارات التي توجد بالقرب من منطقة الانفجار.. أم مرضى الأورام أنفسهم للخروج بمشهد مأساوي يربك ويحرج أجهزة الدولة مع مواطنيها، ويظهرها بمظهر المقصّرة في مواجهة هذه العناصر الإرهابية.


كل التوقعات وارد أن تتحول بعد نتائج التحقيقات إلى حقائق موثقة.. فتنظيم «حسم» أو «أنصار بيت المقدس» هما جماعتين إرهابيتين يستهدفا منذ إنشاءهما رجال الشرطة والجيش والقضاة والإخوة الأقباط، كما أن مخططهما الإجرامي لا يدخل ضمنه مدنيين إلا بالصدفة، وهذا ما يشير ربما إلى وجود هدف آخر كانت ينوي منفذ الحادث استهدافه، وربما يؤكد أيضًا ذلك أن السيارة كانت تسير عكس الاتجاه أمام مستشفى الأورام للوصول إلى هدف ما، إلا أن لحظة اصطدامها بإحدى السيارات حالت من تنفيذ مخططها ..


في كل الاحتمالات لا أحد يختلف أن الحادث كان إجراميًا بشعًا من الدرجة الأولى، فقد كان ذلك واضحًا في ردود الأفعال التي خرجت من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي وإدانتهم لهذا العمل الخسيس، بل طالب العديد منهم بتوقيع أقصى عقوبة علي أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين يقطنون السجون بتهم مختلفة، باعتبار أن تنظيم «حسم الإرهابي» الذي أعلن مسؤوليته عن الحادث خير مواليًا لهم.. بل أصدرت العديد من السفارات والأنظمة العربية والأجنبية بيانات داعمة لمصر في حربها ضد الإرهاب عقب هذا الحادث علي رأسها مجلس الأمن، بعد أن تبين أن هذه الجماعات تنفذ جرائمها علي كل الأبرياء حتى المرضى دون رحمة..


لكن رغم عظم الكارثة.. فقد كانت وراء هذه المحنة «منحة» كبيرة.. حيث بادر العديد من رجال الأعمال والرموز الوطنية المصرية والعربية بعد الانفجار بساعات بالتبرع بمبالغ ضخمة لصالح هذا المبني الطبي الكبير الذي تسبب الانفجار في تصدع جدرانه وإحداث الكثير من التلفيات في بعض محتوياته، علي رأسهم ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي تبرع بمبلغ 50 مليون جنيه لترميم هذا المستشفي وإعادته كما كان.. بل أطلق البعض علي خلفية هذه المبادرات دعوات بالتوسع في مقار هذا المستشفي الذي يستقبل آلاف المرضي يوميًا، والمطالبة بإنشاء المزيد من فروعه في محافظات الجمهورية لتخفيف المعاناة عن المرضي الذي يقصدون هذا المكان من شتى ربوع البلاد ..


والحقيقة ملف الإرهاب الذي يطل برأسه علي مصر منذ انهيار حكم جماعة الإخوان المسلمين وعقب تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إدارة شئون البلاد، مازال يمثل الملف الأخطر بالنسبة للسلطات المصرية التي استطاعت حقيقة خلال الفترة القليلة الماضية تحقيق العديد من الانتصارات فيه، بل ونجحت في دحر المئات من عناصره التكفيرية خاصة في منطقة سيناء.. وهذا بالطبع يتزامن مع العديد من المشروعات القومية والكبرى التي نفذتها السلطات المصرية خلال تلك الفترة، منها مشروع استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان في الأراضي الجديدة، ومشروع أنفاق قناة السويس، ومشروع محور روض الفرج بالعاصمة المصرية الذي دخل موسوعة جنيس، ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة الضخم..


لكن الملفت للنظر فقد أصبح المواطن المصري يربط تلقائيًا علاقة كل التفجيرات والحوادث الإرهابية التي تحدث بتورط جماعة الإخوان فيها.. خاصة بعد الدعوات التحريضية التي أطلقها عدد من رموز الجماعة خلال اعتصامهم في ميدان رابعة بالقاهرة، أبرزها التصريح الشهير للقيادي الإخواني بحزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي الذي قال فيه إن عمليات العنف التي تحدث في سيناء لن تتوقف إلا بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي لإدارة الحكم، والذي توفي أثناء محاكمته بداية الشهر الماضي.


انفجار القاهرة .. المحنة والمنحة!


انفجار القاهرة .. المحنة والمنحة!

العلامات

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!