-
القصة الكاملة لتشكيل قيادة المعارضة السورية [2].. تشكل المجلس الوطني
مع اندلاع الثورة لم يكن هناك سوى مجموعة رموز وطنية لها تاريخ في مقارعة النظام، يمكنها تشكيل رموز اعتباريين للمعارضة، لكن مع غياب كامل للمؤسسات والتنظيمات، اندفعت الناس للشوارع وباشرت فعلها الثوري دون انتظار أحد، حتى إعلان دمشق، والإخوان تريثوا في المشاركة، وبدأت المناطق بشكل عفوي تشكيل تنسيقيات للناشطين، فتنطحت رزان زيتونة بوحي من رياض الترك لتشكيل ما يسمى لجان التنسيق المحلية، كجامعة للتنسيقيات، وهنا قامت سهير بتشكيل الهيئة العامة للثورة، وبقيتا تتنافسان على التمثيل والدعم حتى اختطفت رزان وانضمت سهير للائتلاف.
تنظيم الثورة كان عفوياً، ومن دون قيادة على الأرض غير القيادة المجتمعية التقليدية، ولكن مع بدء سياسة البراميل وتركيع السكان ثم تهجيرهم، فقدت المجموعات الثورية قيادتها وانفلتت من كل رقيب، هنا تنشط الإسلاميون واستفادوا من الدعم وتغوّلوا على الحراك الثوري.
عندما خرجت من السجن قمت بتقييم الوضع، وتبين لي ضرورة ضبط السلاح والإغاثة والمال والسلطات المحلية، وهذا يتطلب تشكيل مجالس محلية منتخبة، مستفيدين من تجارب مجالس الإدارة المحلية، وتبعاً لتقسيماتها قمنا بتشكيل مجلس محلي منتخب عضو عن كل ألف في الزبداني، وكانت عيادتي ومنزلي في وسط بلدة الزبداني مقرّه، حيث حولتها لمسشفى ميداني أيضاً.. تعممت التجربة وباشرت في مناطق أخرى بذلك.
في الخارج حاول الإخوان إحياء جبهة الإنقاذ، فأمروا أحمد رمضان وأنس العبدة بتشكيل مجموعة العمل الوطني، لكن لا قيمة لهم على الأرض ولم يعترف بهم أحد، ونجح مؤتمر أنطاليا بحشد مئات من الناشطين، بتمويل من غسان عبود وكمال سنقر، وبقيادة نشطاء يساريين ديمقراطيين، وتحفظ من الإخوان الذين حضروا بصفة مراقب.
اجتمع قادة مؤتمر أنطاليا بالمفكر برنار هنري ليفي، مهندس تدخل الناتو في ليبيا، وطلبوا دعمه، وبعد أن أجرى مشاوراته أبلغهم أنه لا قرار بتدخل عسكري من الناتو، وأن أمريكا متحفظة بشدة، وكل ما يستطيع عمله هو المساعدة على تشكيل مجموعة دعم سياسي للمعارضة تقدم الاعتراف بها كممثل للشعب السوري، وطلب منهم لم أطياف المعارضة، لتشكيل مجلس وطني على غرار المجلس الليبي، وهكذا حضر ممثلو الإخوان وتوافقوا معاً على تشكيل المجلس الوطني، وكلفت بسمة قضماني بإطلاق المشروع، واستدعي برهان غليون، عضو هيئة التنسيق، لقيادته من قبل الإخوان، الذين حشروا كامل مجموعة رمضان في المجلس، وهي 60 عضواً، واختاروا رموزاً عن المكونات المختلفة، وسمى رياض الترك جورج صبرا مندوباً عنه، واختير سمير نشار مندوباً عن إعلان دمشق، الذي عزل منه عملياً رياض سيف بعد اعتقاله، وتغول رياض الترك عليه وتم تحويله لدكان خاص به، وهكذا سيطر الإخوان على معظم الكتلة التصويتية، ولكي يحصل المجلس على شرعية ثورية كان لا بد له من تسمية نشطاء معارضين سابقين، وعلى رأسهم سجناء ربيع دمشق، حيث كنت أنا آخرهم في السجن، وهكذا تشكل المجلس وسميت فيه وأنا في السجن ونشر اسمي، بينما عدد كبير ممن هم بالخارج استخدموا أسماء مستعارة.
ومع ذلك خرجت من السجن بفضل ضغوط الثورة والدول وجامعة الدول العربية، وعندما حضرت اجتماع تونس تبين لي العطب الكبير في تشكيل المجلس، وهو غيابه الكامل عن الداخل واهتمامه فقط في انتظار تسلم السلطة على طريقة الخميني بطائرة فرنسية، لكن هذا يتطلب إسقاط النظام، تلك المهمة التي رفض الناتو تنفيذها، وبناء عليه انتقلت للشعب الذي صار بحاجة ماسة للدعم والتنظيم، وهنا وبسبب فشل المجلس الوطني بتنظيم الدعم وقيادة الثورة تفتت قوى الثورة واستطاع النظام الاستفراد بكل منطقة على حدة، ومنعت المعارضة من اقتحام دمشق بتدخل من الدول الداعمة التي لم ترسل الدعم عبر المجلس الذي لم يطالبها بذلك.
السبب الرئيس في عدم تنظيم الدعم والعمل العسكري من قبل المجلس هنا، هم الإخوان المسلمون، الذين أرادوا احتكار الدعم لتأكيد انتصار حلفائهم ووصولهم للسلطة وليس غيرهم. وعندما فشل المجلس في تمثيل الثورة وقيادتها، وتعطل عملياً عن أي نشاط سوى فقط الزيارات والتصريحات مبتدعاً طريقة جديدة في إدارة الثورات من الفنادق والطائرات. وحينما رفض المجلس تصحيح سلوكه، وتسلم مهامه، اقترحنا عليه تشكيل مجلس عسكري، رفض برهان مصرّاً على أن الثورة سلمية، عدلنا الاسم لحماية المدنيين لينظم عملياً الجيش الحر، لكن الإخوان شكلوا هيئة لحماية المدنيين خاصة بهم وتعمل وفقاً لاقتراحنا، مستبدلين قيادة الثورة بقيادتهم هم وحدهم خارج مؤسساتها، ورفض المجلس أي فكرة عن إعادة هيكلته ليشمل ناشطين من الثورة، وهكذا كان لا بد من طرح جسد جديد يتحمل المسؤوليات الجسام التي تقع على قيادة الثورة التي دخلت في حرب ضروس مع النظام، وبدأت تدب فيها الفوضى نتيجة عدم الإمساك بالشأن العسكري والمالي وعدم السيطرة على الأرض.
قامت الدول الغربية بتشكيل وحدة تنسيق الدعم لتنسق جهود الإغاثة، وقامت بتشكيل غرفتين عسكريتين في تركيا والأردن لتقوم بما كان يتوجب على المجلس القيام به، وبعد ذلك سعت لتشكيل هيئة أركان موحدة، لكنها لم تكن هي أيضاً تمسك بالقيادة ولا بدفع الرواتب ولا بتوزيع السلاح، وليس لها سلطة فعلية على الفصائل، التي صارت تتآكل لصالح المنظمات الجهادية الإسلامية المدعومة من الخليج والإخوان.
ليفانت – كمال اللبواني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!