الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • السوريون رهن الارتزاق بسبب النظام.. ومواجهات للمرة الثالثة بينهم

السوريون رهن الارتزاق بسبب النظام.. ومواجهات للمرة الثالثة بينهم
السوري

"لم يتغير شيء منذ الحرب العالمية الأولى، حارب العرب شرقاً وغرباً مع وضد الأتراك ثم حاربوا مع الأوروبيين وضدهم بعد ( سايكس بيكو ووعد بلفور) وفي الحرب الباردة تحول العرب لأنظمة ومعارضة وبعد انتهائها، لكنها استمرت تتناسل في بلاد العرب حتى أصبحت حرباً أهلية" 

يظهر في هذا الجزء المقتطع من كتاب (جيوبوليتيك الدم) للكاتب التونسي الصافي سعيد، استخدام العرب على نحو عام كمرتزقة مرتهنة، تقاتل ضد بعضها البعض لمصلحة قضايا، لا ناقة فيها ولا جمل.في الوقت الحاضر، الحرب السورية شاهد حيّ على تحوّل الشبان لمرتزقة لصالح كل الأطراف المتصارعة على الأرض.

تقع المسؤولية في جزئها الغالب على عاتق النظام السوري، حين استعان بإيران وروسيا لقتال معارضيه، واستعانت المعارضة بتركيا وأمريكا والمال الخليجي لدعمها في مشروعها بإسقاط بشار الأسد. 

اقرأ أيضاً: الحرب في أوكرانيا وأسبقيّة الدرس السوري.. ما الجديد بالنسبة لسوريا؟

قد تكون السلطة مطلب الجميع، وإلا لتمكنت المعارضة من إنشاء مشروع ينظر إليه المجتمع الدولي على أنه صالح لحكم سوريا.

كان الإخوان المسلمين هم الأقوى على الأرض في الطرف المعارض، لاعتبارات اقتصادية تتعلق بالدعم المالي اللامحدود من قطر وبعض دول الخليج، واجتماعية تتعلق بتركيبة المجتمع السوري" السني"، فالبعض يرى أن نظام الحكم "العلوي" غير صالح باعتبار أنهم فئة "ناشزة" عن النسق.

تحجج النظام السوري بأن داعش كانت سبباً للاستعانة بروسيا وإيران.  في حين، أشارت تقارير إعلامية عديدة إلى أن "داعش" صنيعة النظام، فهم ارتدادات  الجهاديين الذين أخرجهم النظام من السجون وأرسلهم كمرتزقة ليقاتلوا الولايات المتحدة الأمريكية في حرب العراق 2003.

اليوم يقاتل السوريون بعضهم بعضاً في أوكرانيا، قبل ذلك، كان القتال في ناغورني قره باخ وليبيا.

الأسد يرد الجميل بتجنيد مرتزقة سوريين

يسعى بشار الأسد لرد الجميل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين دعمه "للانتصار" على معارضيه. لذلك منح قادته الضوء الأخضر للتجنيد لنفس الهدف.

وصل إلى روسيا، الخميس 17 مارس الحالي، 150 مقاتلاً، حسب استطلاعات أجهزة الاستخبارات الغربية، كما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد المتطوعين السوريين للقتال في أوكرانيا، يبلغ نحو 40 ألف مقاتل، وهو ما يُشكل قطاعاً لا يستهان به، من القوات العاملة، في قوات النظام.

تقول الغارديان إن النظام أسس مراكز للتجنيد، في 14 مدينة سورية مختلفة، في حلب ودمشق، ودير الزور، وحمص، وحماه، علاوة على الرقة، التي كانت قبل أقل من 5 سنوات، عاصمة لتنظيم الدولة الإسلامية.

وافقت روسيا على 22 ألف مقاتل" منضوين ضمن قوات النظام أو مجموعات موالية للنظام، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وذكر المرصد، أن المجندين ينضوون تحت لواء "الفرقة 25 المهام الخاصة" التي يقودها العميد سهيل الحسن الملقب بالنمر، والفيلق الخامس الذي أسسه الروس من مقاتلين معارضين سابقين، ولواء القدس الفلسطيني، وهو مجموعة فلسطينية موالية للنظام السوري قاتلت خصوصاً في منطقة حلب في شمال البلاد.

وتشترط روسيا أن يكون المجندون تلقوا تدريبات عسكرية من القوات الروسية وشاركوا في القتال إلى جانبها في سوريا.

وتجري أيضاً في سوريا عملية تجنيد مقاتلين في المناطق التي ما تزال تحت سيطرة فصائل مقاتلة ومجموعات جهادية معارضة للنظام السوري، للقتال الى جانب القوات الأوكرانية.

وأفادت وكالة فرانس برس نقلاً عن مقاتلين أن التجنيد يحصل خصوصاً في صفوف فرق "السلطان مراد" و"سليمان شاه" و"الحمزة"، وجميعها أرسلت مئات المقاتلين إلى ليبيا وناغورني قره باخ.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يُشارك فيها مقاتلون سوريون في حروب خارج البلاد، فمنذ نهاية 2019، أرسلت تركيا وروسيا آلاف المقاتلين السوريين كمرتزقة لصالح أطراف تدعمها كل منهما في ليبيا وناغورنوا كاراباخ.

الوضع الاقتصادي 

يلعب العامل الاقتصادي دوراً أساسياً في دفع السوريين للتجنيد من كلا الطرفين. في بلد غارق بنزاع مدمر وانهيار اقتصادي وغياب أفق، وبالتالي تُشكل الرواتب سبباً أساسياً للمخاطرة.

وفي أوضاع مزرية، حيث لا تدفئة ولا كهرباء، وانعدام سبل العيش، لا يجد البعض خياراً سوى الذهاب إلى حرب لا علاقة لهم بها مقابل بضع مئات من الدولارات. 

يتراوح راتب الجندي السوري بين 15 و35 دولاراً، وعدت القوات الروسية، وفق المرصد، المجندين براتب شهري يعادل نحو 1100 دولار أمريكي.

كما يحق للمقاتل تعويضاً قدره 7700 دولار في حال الإصابة، و16500 دولار لعائلته في حال الوفاة في بلد أنهكت سنوات الحرب اقتصاده وباتت غالبية سكانه تحت خط الفقر.

على الطرف المقابل وعدت تركيا المقاتلين بثلاثة آلاف دولار للقتال في أوكرانيا.

وهوت الليرة السورية لمستويات كبيرة حيث يجري تداولها بسعر يقرب من 4000 ليرة للدولار، مع ضعف الاقتصاد وسط نقص حاد في العملة الأجنبية.

أصبحت السلع الأساسية نادرة يصطف الناس طوابير يومية طويلة للحصول على القليل المتوفر منها  بسبب تدمير المصانع والزراعة ووطأة العقوبات الغربية على التجارة السورية.

وحسب تقارير، فقد تم تدمير 18 من أصل 20 مدينة  صناعية في حلب خلال الحرب. وفي هذه المدن تم حرق أو تفكيك الآلاف المصانع الحديثة ونقل تجهيزاتها إلى تركيا تحت مرأى حكومة الرئيس أردوغان في سابقة لم تحصل منذ الحرب العالمية الثانية. فيما تسيطر إيران وروسيا على مفاصل الاقتصاد السوري في مناطق سيطرة النظام.

تعنّت بشار الأسد وتمسكه بالسلطة مع اندلاع الاحتجاجات عام 2011، دفع بالدول لاستغلال الوضع، ودعم الأطراف المتصارعة، واحتلت تركيا الشمال محوّلة إياه لخزان مرتزقة ترفد به أهداف سياستها الخارجية. فيما استعان الأسد بإيران التي بدورها جنّدت مرتزقة سوريين لتوطيد أركانها، وتوسيع انتشارها ونقل أسلحة لحزب الله في لبنان.

وأصبح وجودها في سوريا هدفاً مستمراً للضربات الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: تركيا تعتزم سحب 400 من جنودها من سوريا باتجاه شمال العراق

فيما تسعى روسيا لاسترداد كلفة وقوفها إلى جانب الأسد، بالدخول في صراع مع إيران لتقاسم مناطق النفوذ، حتى حول النظام السوري سوريا والسوريين رهينة بيد الخارج.

وهنا يظهر المشهد جلياً من أن حكومة بشار الأسد تستثمر فقط بتجنيد المرتزقة، عبر تغييب الوعي والإرادة، وطمس الهوية الإنسانية،  وتحويل هؤلاء إلى أداة قتل، مؤطرة فقط بقوت يومها. وهو ليس جديداً على نظام الأسد الذي حكم 40 عاماً أنتج خلالها شعباً مؤدلجاً دينياً قبل أن يكون فكرياً. وكمعظم النظم العربية غيب الفكر النقدي والإبداعي، مع بيئة تسود فيها الفقر والحاجة.

ليفانت نيوز_ خاص

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!