-
الدكتور جواد بشارة لليفانت: لا توجد مدرسة إخراجية عربية واضحة المعالم
الدكتور العراقي جواد بشارة خريج السوربون وحاصل على شهادات أخرى في السينما وفي تخصصات أخرى، مثل الكتابة في علوم الكون والإله. وصدر له عدة كتب منها (الكون الإله)، وكتب عن السينما، صدرت في فرنسا والسويد. وهو مخرج ومصور وكاتب سيناريو وممثل وصاحب مشاريع فنية عدة. الدكتور بشارة يزور العراق فانتهزنا الفرصة لإجراء حوار عن السينما. قال لنا (الحنين للوطن بين فترة وأخرى يصل حداً لايطاق. ويفرض علي زيارته لأشبع منه. واستغللت معرض الكتاب كي أحضره وأطلع على النتاجات العراقية والعربية وأرى الأصدقاء والأحبة).
*ما جديدك؟
سجن كورونا وفر لي فرصة لإنجاز الكتب والأبحاث. فهناك كتاب عن السينما لدار الشؤون الثقافية (ومضات سينمائية)، وكتاب "معضلة الزمان ومحنة الإنسان" مقاربة فلسفية – علمية لمفهوم الزمان. وكتاب عن نظرية الكوانتوم وتداعياتها الفلسفية والعلمية. وكتاب بعنوان "النظريات التأسيسية الكبرى لفن السينما". وكتاب في السويد في مجال الكوسمولوجيا تحت عنوان "الكون الجسيم"، وصدر لي قبل أيام "الكون الإله". وبصدد إنهاء بحث ثيولوجي – علمي عن "لغز الألوهية بين اللاهوت والناسوت" عن دار الجمل.
*نشاطاتك متشعبة بين الكتابة والإخراج والإعلام.. ألا تتشتت جهودك؟
في الغرب التنظيم صارم لاستغلال الوقت، فهناك وقت للكتابة وآخر للقراءة، ووقت للعمل في السينما والتلفزيون كمخرج أو ممثل أو كاتب نص أو معد لمشروع. والمشاركة في برامج سياسية كمحلل سياسي في القنوات الفرنسية والعربية لتأمين دخل للمعيشة. تعلقت بالسينما في عمر الـ8 سنوات.
*هل كان هاجس الإخراج مهيمناً على طفولتك أم المصادفة لعبت دورها؟
هاجس الإخراج ولد منذ سن الثامنة بعد أن اكتشفت عالم السينما أول مرة في دار عرض في بابل، وكنت برفقة جارنا ووالده. وقد هزّ كياني وقع التجربة، وقررت دراسة السينما وتم بالفعل، وقرأت كل ما يتعلق بالسينما لغاية حصولي على البكالوريا، ولم تنقصني سوى الممارسة العملية، فذهبت إلى باريس عاصمة السينما، ودرست فيها الدكتوراه.
*في أفلامك تطرح أفكارك أم أفكار الناس؟
في الفيلم الروائي نحاول تقديم قصة عامة تمسّ الناس. أما الفيلم الوثائقي فننقل آراء ومشاكل الناس ومواقف المجتمع كما هو في الواقع أو بطريقة رمزية أو تجريبية. الأفلام الخيالية أكثر متعة.
*أيهما أفضل وأكثر تأثيراً في المتلقي.. الأفلام المستمدة من الواقع أم من الخيال؟
الأفلام الواقعية أكثر تأثيراً في المتفرج، أما كمتعة وفرجة فأفلام الخيال أكثر تشويقاً ومتعة. الأفضل أن تكتب النص بنفسك وتخرجه.
*هل أفلامك التي تكتبها بنفسك أفضل أم نصوص الآخرين.. وما الفارق بينهما؟
هناك من يفضل أن يكون مؤلف أفلامه ويشرف على مراحله كافة، شخصياً لم ألجأ لنصوص الغير أو روايات لإعدادها للشاشة بل كتبت سيناريوهات بنفسي مستمدة من تجربتي ومن الواقع.
والفرق كبير بينهما، فأنا لا أتعرض للضغوط حين أكتبها، لكن نصوص غيرى لها رؤياها الخاصة، فالنتائج تأتي حتماً مختلفة. ونادراً ما ينجح مخرج متمكن في فرض رؤيته وأسلوبه على نص كتبه آخر.
* القضية التي تبغي تحقيقها في أفلامك؟
الظلم الاجتماعي والاستغلال واستخدام القوة ضد الضعفاء ومحاربة الفقر من خلال حرية التعبير التامة وعدم المساومة مع السلطة على حساب مصالح العامة.
*هل من حق المخرج أن يغير أفكار الشخصيات كما وردت في الرواية -النص- أو يجب الالتزام بها كما وردت بالنص الأصلي؟
من حقه التصرف بحرية تامة ويقدم معادلاً سينمائياً للرواية، وربما لا يصلح كما هو للشاشة فلا بد من إيجاد المعادل الصوري وفق قواعد اللغة السينمائية المحضة، ولو لم يفعل سيكون فيلمه باهتاً وترجمة حرفية أكثر منها سينمائية.
* هل تخضع لمنطق ومصالح المنتج التي قد لا تتفق معها؟
إن كان الفيلم تجارياً فعليك الخضوع لمنطق ومصالح المنتج الذي لا يهمه سوى الربح المادي. وشخصياً لا يمكنني عمل ذلك. لذا أسست شركتي الخاصة للإنتاج السينمائي (أفلام عشتار).
*هل هناك مدرسة إخراجية عربية، أم أن مدرستنا الإخراجية هي صدى لمدارس أوربية؟
معظم المخرجين العرب متأثرين بمدرسة إخراجية أوربية بشكل أو آخر. ولا توجد مدرسة إخراجية واحدة واضحة المعالم لمخرجين عرب، فكل مخرج له أسلوبه الخاص وفق تجربته وثقافته السينمائية.
هناك من يقول لا توجد سينما عراقية بل هناك أفلام عراقية.. كيف تنظر إلى ذلك؟
لاتوجد سينما عراقية ذات ملامح وهوية واضحة. بل محاولات فردية تتراوح بين الغث والسمين، بعضها ساذج وبعضها يستحق التقدير.
* كيف تنظر الى سينما الشباب اليوم؟
السينمائيون الشباب جيل طموح وجريء ولديهم محاولات جيدة، وبعضها مدهش ويحتاجون للدعم والرعاية وتوفير الفرص.
*ماهي معوقات قيام صناعة سينمائية في العراق؟
عدم وجود التمويل وعدم وجود القطاع الخاص السينمائي والمنتجين المحترفين وعدم اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي، وضرورة توفير المناخ المناسب لعمل الأفلام وحرية اختيار ومعالجة المواضيع الحساسة، إلى جانب غياب صالات العرض ونقص التجربة والخبرة في التوزيع والتسويق وإصدار مجلات متخصصة للسينما على غرار مجلة الحياة السينمائية السورية، وتفعيل حركة الأندية السينمائية وتوفير العروض الجيدة والرصينة وتخصيص برنامج سينمائي في تلفزيون العراقية على غرار برنامج السينما والناس في الثمانينات.
*سينما (الاغتراب) (المنفى) (الخارج) قدمت أفلاماً رائعة استفادت من التقنية الغربية.. كيف تتم الاستفادة منها في الداخل العراقي؟
بدعوة المخرجين من بلدن الاغتراب لإقامة ورشات عمل وورشات تدريب ودعوتهم لإخراج أفلام في الداخل وإشراك أكبر عدد ممكن من الشباب السينمائي وعرض أفلامهم على الجمهور لتعريفهم بتلك التجارب المتطورة.
*ماذا عن هوية تتبلور للسينما الكردية ؟
نعم هناك ملامح لسينما كردية متّسقة بهموم الشعب الكردي لكنها تعاني من نفس المعوقات التي تعترض ولادة سينما عراقية مركزية.
*كيف تدوزن العلاقة بين الزمن الواقعي والزمن السينمائي؟ هل لديك آلية محددة في التعاطي مع هذه الثنائية الإشكالية؟
المسألة نظرية محضة ناقشتها نظريات سينمائية وتطرقت إليها في كتابي بفصل عن السينما والزمن. إيقاع الوقت في الواقع لا يقارن مع الإيقاع السينمائي، ففي ساعتين في الواقع تحدث أشياء محددة، بينما يمكن مشاهدة ملحمة لعقود تضغط بساعتين.
في الواقع نحن محكومون باتجاه الزمن من الماضي نحو المستقبل، بينما في السينما لدينا حرية الحركة والانتقال بين الأزمنة والقفز من الماضي للمستقبل دون المرور بالحاضر أو العودة من الحاضر إلى الماضي أو الذهاب إلى المستقبل .
ليفانت - قحطان جاسم جواد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!