الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • التضييق التركي على الإخوان.. هل يناور أردوغان مجدداً بورقة الإسلام السياسي؟

التضييق التركي على الإخوان.. هل يناور أردوغان مجدداً بورقة الإسلام السياسي؟
الإخوان وتركيا

لم يبدُ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أبداً على استعداد للتخلي عن ورقة الإسلام السياسي في سياسته الخارجية أو الداخلية، على حد سواء، منذ أن تولى حكم البلاد في عام 2014، وطوال فترة عمله بالسياسة معتمداً على تكتل الإسلاميين لدعمه في الداخل وتنظيمات الإسلام السياسي لتحقيق مصالحه وتوثيق أجندته في الخارج.

ولم تشهد السياسة التركية على مدار السنوات الماضية أية تحولات حقيقية فيما يتعلق بملف دعم التنظيمات الإسلامية، سوى استمرار تكشف الدلالات حول دعم أردوغان وحزبه وحكومته لتلك التنظيمات أينما وجدت، ولعل أبرز تلك الملامح الدعم الكبير المقدم إلى جماعة الإخوان الإرهابية وقادتها الهاربين من مصر إبان سقوطهم عن الحكم في عام 2013، إلا أن الأشهر الماضية قد شهدت عدة قرارات من جانب السلطات التركية شلمت تضييقاً على التنظيم المصنف كإرهابي، ما أثار جدلاً حول جدوى وأهداف وجوهر التحول في السياسة التركية.

وضمن مجموعة من الخطوات التي من شأنها تضييق الخناق على جماعة الإخوان الإرهابية داخل تركيا، أصدرت السلطات، نهاية نيسان (أبريل) الماضي، قراراً بإغلاق قناة (مكملين) التي تبث خطاباً تحريضياً ضد القاهرة منذ عام 2014.

واتّسمت السياسة التركية نحو الإخوان بتناقض شديد على مدار العام الماضي، فالبرغم من إعلان السلطات عدة قرارات رسمية في ضوء محاصرة وتقليص نشاط الإخوان، ورفض منح وتجديد الإقامة للعشرات من قياداتهم، إلا أن التواجد الإخواني داخل الأراضي التركية لم يتراجع، وكذلك الأنشطة التنظيمية، وقد استضافت تركيا على مدار الأشهر الماضية عدة مؤتمرات حضرها قيادات بارزة في التنظيم إلى جانب عناصر من حركة حسم، الذراع المسلحة للجماعة والمصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية، في كانون الثاني (يناير) الماضي، تحت عنوان "إعادة إحياء ما يعرف بالربيع العربي، وإعادة الشباب (الهاربين) إلى بلادهم".

ويعزي الخبراء التحولات في السياسة التركية تجاه جماعة الإخوان، لمحاولات أنقرة كسر عزلتها الاقتصادية مع تفاقم الأزمة الخاصة بالاقتصاد، وأيضاً محاولة الإفلات من عنق "المأزق السياسي" الذي وضع أردوغان نفسه فيه بسبب دعمه المكشوف لتنظيمات الإرهاب والتطرف، ما أنتج العديد من المشكلات لبلاده في محيطها الدولي والإقليمي.

هل يتخلّى أردوغان عن الإخوان؟

ويرى الباحث المختص بالإسلام السياسي، عمرو فاروق، أن العلاقة بين جماعة الإخوان وأردوغان علاقة نفعية ولن يتخلى أي طرف منهم عن الآخر بسهولة، حتى إن وجدت بينهم اختلافات أو تبيانات، مؤكداً أن أردوغان  يؤمن بمشروع الإخوان، ولكنه يستند إليه في تحقيق مصالحه الشخصية وأجندته الخاصة.

وفي تصريح لـ"ليفانت"، يشير "فاروق" إلى الضغوط الكبيرة التي تعيشها تركيا بسبب السياسيات غير المتزنة من جانب أردوغان، مشيراً إلى أنه يحاول تقليص مساحة الخلاف مع مصر لتحقيق بعض المصالح الني تتعلق بالملف الليبي أو التوتر في منطقة شرق المتوسط، وهو ما يجعله مضطراً لاتخاذ بعض القرارات خلال الفترة المقبلة.


ويقول فاروق إن أردوغان لديه تخوفات شديدة من عدم استمراره في الحكم وفشله في الانتخابات، خاصة في ضوء توافر البديل، أحمد داوود أوغلو، وهو ينتمي لنفس التيار ولكنه أكثر قبولاً لدى المجتمع التركي.

دعم إيراني للإخوان

وحول ملاذات القنوات الإخوانية في الوقت الراهن، يرى "فاروق" أنها ستتجه إلى لندن كبديل استراتجي عن تركيا، مشيراً إلى أن الإخوان استقبلوا خلال الفترة الماضية دعماً مالياً كبيراً لتمويل منصّاتهم الإعلامية من إيران، بهدف الضغط على بعض الأنظمة العربية واستخدام ملف الإسلام السياسي لتنفيذ أجندتها في المنطقة العربية.

محاولة فك الخناق الاقتصادي وكسر العزلة السياسية

من جهته، يرى الدكتور كرم سعيد، الخبير المختصّ بالشأن التركي، أن أردوغان قرر التخلي عن ورقة الإخوان في محاولة منه لتصفير مشكلاته الإقليمية محاولاً كسر عزلته الاقتصادية وتجاوز الأزمات التي تمر بها بلاده، ولإدراكه التام أن هذا الملف لم يعد ورقة رابحة بيد أنقرة كما أنه لم يعد يمثل ورقة ضغط على القاهرة.

وفي تصريح لـ"ليفانت"، يؤكد سعيد أن التنظيم الإرهابي يعاني عثرات كبيرة في مصر وتونس وليبيا وكافة الدول التي وصل فيها للحكم عقب عام 2011، ويعاني من متوالية السقوط والتلاشي ما يجعل إمكانية استغلاله من جانب النظام التركي أمراً غير مجدٍ، لذلك فضل أردوغان البدء في سياسة تدريجية للتخلي عن التنظيم مقابل تحقيق مصالحه التي تقضيها الظروف الصعبة التي تمر بها بلاده في الوقت الراهن.

ويعرج "سعيد" إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد باعتبارها أحد أهم محددات السياسة الخارجية لتركيا في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن هناك تحولات ظاهرة في ملف السياسة الخارجية لتركيا نحو تخفيف الاعتماد على ورقة الإسلام السياسي كأداة للضغط، وهو مسار اضطراري يستهدف تحقيق مصالح اقتصادية ويرتبط بالأزمة الاقتصادية الخانقة، مشيراً إلى أن تركيا أصبحت مضطرة للتضحية بملف الإخوان لفك عزلتها الاقتصادية.

ويؤكد "سعيد"، في الوقت ذاته، أن أنقرة لا يمكنها التخلي عن الملف بشكل كامل قبل انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في 2023، حتى يضمن أردوغان كتلة التيار المحافظ الداعم للإخوان داخل البلاد، خاصة أنه يعاني من تراجع في شعبيته، مرجحاً أن تتجه السياسة التركية نحو مزيدٍ من التضييق على أنشطة جماعة الإخوان للتمكن من الوصول إلى اتفاق مع القاهرة في إطار المفاوضات بين الجانبين.

ليفانت- رشا عمار

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!