الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الإخوان.. من الانشقاقات إلى الخلافات المصلحية بين فروع التنظيم

الإخوان.. من الانشقاقات إلى الخلافات المصلحية بين فروع التنظيم
الإخوان المسلمين \ ليفانت نيوز

لا يعيش تنظيم الإخوان المسلمين أياماً سعيدة كما كان يتوقع مع بداية "الربيع العربي"، إذ أرتد الأخير عليها بشكل سلبي، كونه ساهم في وصول التنظيم لحكم بعض البلدان، التي أخفق في تسيير أمورها شر إخفاق، كما ساهمت أحداث ذلك الربيع، في فضح سياسات الإخوان وانتهازيتهم العابرة للوطنية والقيم الإنسانية، فتقلص معها جمهور التنظيم، فيما تنبهت كثير من الدول في الشرق الأوسط وغيرها من بقاع العالم لمخاطر تنظيمات الإسلام السياسي، من داعش إلى النصرة إلى الإخوان المسلمين وغيرها من المسميات التي لا تختلف في الجوهر بكثير.

طلب إحاطة في ألمانيا

ففي ألمانيا، لم تتوقف الأحزاب الألمانية عن توجيه الضربة تلو الأخرى للإخوان، ففي الثاني عشر من يوليو الماضي، قدمت كتلة الاتحاد المسيحي (معارض)، ثاني أكبر كتلة في البرلمان الألماني، طلب إحاطة قوي تحت عنوان "البحث والوقاية والتصدي للتطرف الإسلامي العنيف والإسلام السياسي".

حيث ذكر في ديباجة، طلب الإحاطة الموقع عليه من فريدريش ميرتس زعيم المعارضة والمرشح الأقوى لتولي المستشارية مستقبلاً، أن "التطرف الإسلامي لا يزال يشكل تهديداً كبيراً لنظامنا الديمقراطي الأساسي"، موضحاً أنه "ينطبق هذا على كل من التطرف الإسلامي العنيف وما يسمى بالإسلام السياسي والإخوان؛ التنظيم الذي يسعى عناصره من أجل حكم استبدادي طويل الأمد تقيد فيه حقوق المرأة بشكل صارم ولا توجد فيه حقوق متساوية للمسلمين وغير المسلمين، ولا حرية للرأي والدين، ولا حماية للأقليات، ولا يوجد فصل بين الدين والدولة".

اقرأ أيضاً: داعية مُقرب للإخوان ومتهم بالدعوة للعنف.. محكمة ترفض تعليق طرده

مؤكداً أن "نظام الحكم هذا يتعارض بشكل صارخ مع قانوننا الأساسي"، مع الإشارة إلى أنه "يتعين على الشرطة وسلطات الحماية الدستورية مواجهة مخاطر التطرف الإسلامي الموجودة منذ سنوات، علاوة على وجود حاجة إلى عدد كبير من الإجراءات الأخرى"، كما حدد طلب الإحاطة إجراءات مكافحة الإسلام السياسي والإخوان في الوقاية وزيادة وعي الأشخاص والاعتراف بتواجد الإسلاموية ونفوذها في وقت مبكر، وخاصة في المدارس والسجون، وتدشين برامج نزع التطرف، وتمويل المشاريع البحثية والكراسي المتخصصة في الإسلام السياسي والإخوان.

صدامات داخلية وتعمّق الانشقاقات

أما على الصعيد الداخلي، فتواصلت الأزمة داخل تنظيم الإخوان، وتفاقمت حدة الانشقاقات لتصل بالفعل لتشكيل كيانين وجماعتين، وكل منهما تزعم أنها الجبهة الوحيدة المسيطرة على التنظيم، وأن أعضاء الجبهة الأخرى جرى عزلهم ولا يمثلون الجماعة ومؤسساتها، فعقب ساعات قليلة من قيام جبهة اسطنبول بقيادة محمود حسين، في التاسع عشر من يوليو الماضي، بالإعلان عن عزل إبراهيم منير وفصله نهائياً وأيضاً أعضاء جبهته، ردت جبهة لندن بتشكيل مجلس شورى جديد للتنظيم وتصعيد مجموعة من الشخصيات ليكونوا أعضاء بمجلس الشورى معظمهم من المقيمين في اسطنبول والباقي من الأقطار والدول الأخرى ومن داخل مصر.

اقرأ أيضاً: الإخوان بين جبهتي لندن وإسطنبول

ثم بلغت أزمة انشقاقات تنظيم الإخوان ذروتها، في الثامن والعشرين من يوليو، عندما أصدرت جبهة اسطنبول بزعامة المدعو محمود حسين، بياناً اتهمت فيه جبهة منير بنشر الفتنة والانقسامات داخل صفوف التنظيم، والسعي لإعاقة عمل الإخوان، وعرقلة مسيرتهم، ذاكرةً إن جبهة منير تضعف الجبهة الداخلية للإخوان وتفرق وحدتهم، وتجعل التنظيم لقمة سائغة للمتربصين بها، لافتةً إلى أن جبهة منير خلف انتشار الكثير من السلوكيات الشائنة، ومواصلة كثير من الممارسات المتعارضة مع أخلاق الدعاة والمصلحين، وفق تعبيرهم.

وتعمقت انشقاقات تنظيم الإخوان بصورة كبيرة، في العاشر ن أغسطس، عندما قررت جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، تشكيل هيئة عليا تكون بديلة لمكتب الإرشاد التابع لجبهة اسطنبول بقيادة محمود حسين، إذ عمد إبراهيم منير لتشكيل الهيئة ضمن إطار مواجهة جبهة محمود حسين التي تتمسك بمواقعها التنظيمية كأعضاء سابقين في مكتب الإرشاد.

دستور جديد في تونس ومحاكمات لقادة الإخوان

أما في تونس التي تسعى لتجاوز عواقب فترة حكم حزب النهضة الإخواني، منذ القرارات الاستثنائية للرئيس قيس سعيّد 25 يوليو 2020، فقد مثل راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة، في التاسع عشر من يوليو الماضي، أمام قاضي التحقيق في قضية يتهم فيها بتبييض أموال، وذلك قبيل أيام من استفتاء على دستور جديد، أظهرت استطلاعات رأي، تصويت أكثر من 90 بالمئة في تونس لصالحه، بعد أن نظم في الخامس والعشرين من يوليو الماضي (أي عقب عام من القرارات الاستثنائية للرئيس قيس سعيّد)، ما اعتبره خبراء "رسالة لتنظيم الإخوان الإرهابي بأنهم غير مرغوب فيهم ولن يكون لهم أي دور في تونس الجديدة".

اقرأ أيضاً: محمد بن سلمان يُفشل مخططات الإخوان المسلمين التي كانت ستنفذ ضد السعودية

وفي السادس عشر من أغسطس الجاري، كشفت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، النتائج النهائية للاستفتاء، قائلة إن 94.6 في المئة من المصوتين أيدوا المشروع، بينما صادق قيس سعيّد الرئيس التونسي، على الدستور الجديد، في السابع عشر من أغسطس، وصرح سعيّد بكلمة ألقاها بتلك المناسبة: "هذا دستور الشعب يتم ختمه اليوم وإصداره لينطلق به العمل حالا"، معتبراً أن "هذا يوم من الأيام التاريخية الخالدة، يوم التطابق بين الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية، بل مع المشروعية الثورية".

إخوان فلسطين يتخلون عن إخوان سوريا

وفي فلسطين، وعقب عقد من القطيعة، قررت حركة حماس (التي تعتبر الفرع الفلسطيني من تنظيم الإخوان المسلمين)، في الواحد والعشرين من يونيو الماضي، إعادة العلاقات مع النظام السوري وفق تصريحات نقلتها وكالة “رويترز” عن مصدر من داخل الحركة (طلب عدم نشر اسمه)، وأكد أن الجانبين عقدا عدة اجتماعات “رفيعة المستوى” بغية التوصل لهذا القرار.

فيما صرح في الثامن والعشرين من الشهر عينه، عضو المكتب السياسي لـ”حماس”، ومسؤول العلاقات العربية لديها، خليل الحيّة، حول قرار الحركة السعي لاستعادة العلاقة مع النظام السوري، بعد نقاشات مع أطراف مختلفة بالحركة، قائلاً في لقاء مع جريدة “الأخبار” اللبنانية، “بخلاصة النقاشات التي شاركت فيها قيادات وكوادر ومؤثرون، ومعتقلون داخل السجون، تم إقرار السعي من أجل استعادة العلاقة مع دمشق”.

اقرأ أيضاً: ‎المرشد و العميان.. من الإخوان إلى إيران

وقد أزعج قرار إخوان فلسطين، إخوان سوريا، فأصدر ما يسمى بـ“المجلس الإسلامي السوري” الذي يعتبر أحد أدوات تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا، بياناً بتاريخ الثالث والعشرين من يوليو، قال فيه إن “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) لم تبد أي استجابة لمطالب العلماء المسلمين بعدم إعادة علاقاتها مع النظام السوري، رغم بذل المجلس جهده لـ”ثنيها عن المضي في هذا القرار الخطير”.

واعتبر البيان، أن إعادة “حماس” علاقتها بالنظام السوري “يستكمل مشهد اصطفاف الحركة مع المحور الإيراني الطائفي المعادي للأمة، ذلك المحور الذي يتاجر بالقضية الفلسطينية خداعًا ويوغل في سفك دم المسلمين في سوريا والعراق واليمن”، مضيفاً أن حركة “حماس” ستتلقى في حال إعادة علاقتها بالنظام “أكبر الخسارات المتمثلة بسلخها عن محيطها وعمقها لدى الشعوب المسلمة التي طالما وقفت معها وساندتها، وسيُظهر هذا القرار الحركة بمظهر التي تقدم منفعتها الشخصية المتوهمة على منفعة الأمة المتحققة، وتقدم المصالح على المبادئ”.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هو هل سيقوم ذلك المجلس بتوجيه ذات الاتهام (أي تقديم المنفعة الشخصية المتوهمة على منفعة الأمة المتحققة، وتقديم المصالح على المبادئ)، إلى الرئيس التركي الذي يسعى للقيام بذات الفعل الذي تتوجه له حركة حماس، (أي التطبيع مع النظام السوري)، عقب إخفاق إخوان سوريا في الاستفادة من الدعم التركي غير المحدود لقلب النظام الحاكم في سوريا، أم أن إخوان سوريا أعجز عن اتهام أردوغان؟

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!