-
استقالة صويلو لا تُغيّر من حقيقة فشل تركيا أمام كورونا!
خاص ليفانت
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
شهدت ليلة الحادي عشر من أبريل، عاصفة هوجاء في تركيا، لكنها لم تكُ مكوّنة من رياح وغبار، بل من حشود غفيرة من المواطنين الساعين لتأمين قوّتهم، عقب إعلان مفاجئ بحظر التجوّل في 31 ولاية تركيّة خلال 48 ساعة، وذلك عقب تسجيل 4 آلاف و747 حالة إصابة إيجابيّة جديدة بفيروس كورونا، وفق ما كشف وزير الصحة التركيّة، فخر الدين قوجة، مساء الجمعة/العاشر من أبريل، ليبلغ معها إجمالي أعداد المصابين بفيروس كورونا 47 ألفاً و290 حالة. استقالة صويلو
وبينما كان يطالب عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بفرض حظر تجوال لمحاصرة كورونا، أصرّ أردوغان على أهميّة الحجر الصحي الطوعي، دون الحديث عن إجراءات قاسية، فيما قالت صحيفة “دي فيلت” الألمانية: “إنّ نسب انتشار فيروس كورونا في تركيا لم تحدث في أي مكان آخر بهذه السرعة”، فيما رأت القناة الأولى بالتلفزيون الألماني “ايه إر دي”، أنّ الحكومة التركيّة لا تتعامل بشفافية مع الأزمة، ولا تصدر بيانات كاملة عن الوضع الوبائي، فيما قال التلفزيون النمساوي إنّ أردوغان لا يريد فرض قيود حركة قاسية، حتّى لا يؤثّر على اقتصاده الذي يعيش أوضاعاً صعبة منذ فترة طويلة لا سيما عدم استقرار العملة المحلية.
الدعوة لاستقالة وزير الداخلية
المشاهد الصادمة التي أصدرتها تركيا للعالم، برهنت الضعضعة التي أصابت المجتمع التركي نتيجة السياسات الخارجيّة لأنقرة، والتي دفع ثمنها بشكل ما المواطنون الأتراك، عبر انخفاض قيمة العملة في بلادهم، وتوجّه الأوروبيين والأمريكيين في العديد من المرّات إلى فرض العقوبات عليها، رغم أنّ الولايات المتّحدة سرعان ما كانت تلجأ إلى إعفائها مجدداً، لكن “كورونا” لا صداقة لديه مع أحد، وعليه سارع الانتشار في تركيا، رغم تأخّرها في الإعلان عن أولى الإصابات حتى منتصف مارس تقريباً. استقالة صويلو
تلك المشاهد دفعت الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطية “مدحت سنجار”، إلى المطالبة بإقالة وزير الداخلية، متّهماً الحكومة بنشر الوباء من خلال قرارتها التي لا تهتم بحياة المواطنين، وأوضح سنجار، أنّ حظر التجوّل المعلن كجزء من مكافحة تفشّي الفيروس كورونا قرار ضدّ الدستور، وعلى وزير الداخليّة أن يستقيل، مضيفاً: “يجب أن يفي بمسؤولية خطئه، إذا لم يستقل، يجب إقالته”، وأوضح سنجار أنّه ربما أصيب مئات الآلاف من الأشخاص بحظر التجوّل المفاجئ.
صويلو يستقيل بعد الفضيحة
وهو ما ذهب إليه، أحمد داود أوغلو، رئيس حزب المستقبل المعارض، ورئيس الوزراء الأسبق، والذي قال في الثاني عشر من أبريل: “إنّ قرار حظر التجوال المفاجئ يعكس عجز الرئيس عن إدارة الأزمة”، وفي تصريحاته التي أوردتها صحيفة “سوزجو”، تساءل داود أوغلو: “هل علم وزير الصحة، فخر الدين قوجة، بهذا الحظر عندما أدلى ببيان الساعة السابعة الليلة الماضية؟، إذا كانت الإجابة نعم، فلماذا لم يرسل رسالة تحضيرية للمجتمع؟، إذا لم يكن كذلك، فكيف لا يعرف؟”، مؤكداً أنّ هذا القرار المفاجئ تسبّب في توافد المواطنين على الأسواق والمخابز، ما أحدث ازدحاماً شديداً، معترضاً على توقيته: “لقد أعلنوا عنه قبل ساعتين من التنفيذ، وهذا أمر خاطئ”، وختم بالقول: “تركيا تعيش تداعيات دخولها في أزمات، بسبب إدارة عاجزة عن إدارة الأزمات”.
وعليه، بدى أنّ المواجهات بين الاتراك في الشوارع المزدحمة، قد كان لها وقعها على هيبة السلطات التركيّة أمام مواطنيها، وبات عليه لزاماً محاولة إعادة الأمور إلى نصابها، ومن الواضح أنّه لم يعد أمام صويلو من خيار، سوى محاولة الاعتذار، فأعلن في الثاني عشر من أبريل، عبر حسابه الرسمي في تويتر، استقالته من منصبه، معلناً أنّه يتحمل المسؤوليّة كاملة عن قرار فرض حظر التجوال في البلاد خلال الساعات الأخيرة من يوم الجمعة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الدولة لمواجهة جائحة انتشار فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد-19). استقالة صويلو
تشكيك من المعارضين بحقيقة الاستقالة
لكن استقالة صويلو، ومن ثم رفضها من قبل أردوغان عقب ساعات، وما رافقها من رسالة الولاء المُطلق التي أبادها صويلو لأردوغان، ومن ثمّ رسالة العرفان بالجميل من قبل أردوغان لصويلو، عدّها متابعون تسليطاً للضوء على جانب من الصراعات الداخلية في محيط رجب طيب أردوغان، حيث نوّه بعض المراقبين إلى أنّ خصومة قويّة تفرّق بين صويلو وبرات البيراق وهو وزير المالية النافذ وصهر أردوغان، حسب وكالة “فرانس برس”.
فيما ذكرت صحيفة “الزمان” التركية المعارضة، عن المحلّل السياسي ورئيس تحرير موقع “خبردار” سعيد صفا، قوله إنّ استقالة صويلو وعودته مرة أخرى، من تجليات الصراع بين ما يسمى في تركيا مجموعة البجع/باليكان التابعة لصهر أردوغان، ووزير الداخلية الذي يتمتّع بعلاقات وطيدة مع كل من حزب الحركة القوميّة وتنظيم أرجنكون/الدولة العميقة، حليفي أردوغان، حيث قال صفا قبيل رفض أردوغان استقالة الوزير: “مجموعة البجع التابعة لصهر أردوغان تنشر الادّعاء أنّ صويلو استقال من منصبه بعلم أردوغان، في حين تسوّق اللجان الإلكترونية ووسائل الإعلام التابعة للوزير المزاعم القائلة، إنّ أردوغان لم يقبل الاستقالة، ليلة غريبة بالفعل!”.
فيما ذهب الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات الشرق الأوسط أمجد طه، لسيناريو آخر، فقال إنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدّد وزير داخليته بالتصفية إذا لم يتراجع عن الاستقالة، حيث كتب طه عبر تغريدة له على “تويتر”: “أردوغان يهدّد وزير داخليته بالتصفية، إذ لم يتراجع عن الاستقالة”، وأضاف: “وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، شارك في تهجير الآلاف من أبناء سوريا وأرسلهم للقتال في ليبيا وشارك هذا المجرم بقتل الأطفال والنساء من الأكراد ودعم احتلال شمال سوريا”.
وأيّاً كان سبب تقديم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو لاستقالته، سواء أكان مسرحية بغية تبرِئَته من وزر المواجهات العنيفة التي وقعت بين المواطنين الأتراك بسبب قرار متسرّع وغير مدروس، أو صراع ما بينه وبين صهر أردوغان على النفوذ والسطوة، يبقى أنّ فيروس كورونا ينتشر في تركيا بشكل متسارع وكبير، وهو لا يهتمّ إن كان صويلو وزيراً للداخليّة أم غيره، ما دامت الحكومة التركيّة لا تزال عاجزة عن اتّخاذ إجراءات حقيقة لحماية مواطنيها من الفيروس القاتل، وما دام الرئيس التركي لم يمتلك الجرأة لفرض حظر تجوّل شامل، كونه يدرك أنّه لا يملك في جعبته ما يسدّ به رمق شعبه، عقب سنوات من السياسات التوسعيّة التي أزهقت مدّخرات تركيا على دعم وتسليح مليشيات متطرّفة، ولا تزال العديد من البلدان تُعاني من تبعاتها يوميّاً، موتاً ودماً.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!