الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
أنقرة والانتحار في شرق المتوسط !!
احمد عطا

لعبت السياسة التركية منذ انطلاقات الربيع العربي المزعوم دوراً أشبه بالعقاب الروماني في منطقة الشرق الأوسط، وتصنف هذة الفترة بالنسبة لأنقرة هي فترات الحصاد والصعود، ظناً من الرئيس التركي قدرته في أستعادة الخلافة العثمانية مرة أخرى في المنطقة العربية، ولكن هذا درب من دروب الخيال والحلم السياسي الذي يداعب رجب طيب أردوغان - في نفس الوقت يذكرنا التاريخ بأن تاريخ العلاقة بين إخوان مصر وتركيا بدأت عام ١٩٢٧ عندما تأسست جمعية "الشبان المسلمين" في تركيا بهدف إعادة إحياء الخلافة العثمانية، وشارك في مؤتمرها التأسيسي مؤسس جماعة الإخوان، حسن البنا.


وعلى الرغم من وجود قائمة من الأدانات والاتهامات التي تطال النظام التركي وتؤكد على تورطه في أستهداف وتخريب عدد من الدول العربية والتي يأتي في مقدمتها ليبيا، إلا أن المجتمع الدولي حتى الآن يغض البصر عن هذة الإدانات والتي هي كفيلة أن تضع رجب طيب أردوغان كمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهذا يقودنا إلى تتبع عملية التخريب التركي الممنهج داخل المشهد الليبي منذ الربيع العربي حتي توقيع مذكرتين مع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.


مع اجتياح الربيع العربي للمنطقة العربية، تقدم النظام التركي ليكون رأس الحربة والشريك الفعّال لهذا الربيع المزعوم لأستهداف عدد من الدول العربية منهم ليبيا الذي عقد فيها رجب طيب أردوغان زواج كاثوليكي مع إخوان ليبيا الجناح السياسي للتنظيم الدولي، للسيطرة على المشهد السياسي في ليبيا بل وتمكين وإحكام قبضة التنظيم الدولي على شمال إفريقيا (تونس والجزائر والمغرب ومصر)، وتهديد الأمن القومي لدول الجوار الحدودية مع الجارة ليبيا، فقامت أنقرة بنهب وسلب احتياطي الذهب من البنك المركزي الليبي عقب سقوط ليبيا، وأشاعة الفوضى وإعادة نشر وتدعيم المليشيات المسلحة في جميع أنحاء ليبيا تتقدمهم مليشيا الصمود بقيادة صلاح بادي، الذي كان يتلقى أوامره من المخابرات التركية لدعم حكومة الوفاق داخل طرابلس، في نفس السياق قامت تركيا بكسر حظر السلاح المفروض على ليبيا على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، ففي عام ٢٠١٧ ضبطت اليونان سفينة محملة بالسلاح قادمة من اسطنبول متجه إلى مصراتة، وفي عام ٢٠١٩ لعبت أنقرة دور الوسيط في صفقة سلاح قادمة من ميناء بلغاريا تم نقلها بمعرفة إحدى شركات النقل الإيرانية على الرغم من الحظر المفروض على هذة الشحنة إلا أن وزير داخلية الوفاق استقبل السفينة في مصراتة مباركاً الدور التركي كسمسار في صفقات السلاح التي يدعم بها مليشيات طرابلس في مواجهة الجيش الوطني الليبي منذ أشتعال الحرب في طرابلس.


واستمراراً للدور التخريبي التركي في ليبيا بشراكة مع حكومة الوفاق، قامت تركيا بنقل أكثر من 500 مِن عناصر داعش لدعم مليشيات الوفاق في طرابلس وهي العناصر الارتكازية الجهادية التي تنتشر في شرق أوربا، منهم مجموعة خطاب الشيشاني، ومجموعة عبد الحسيب خان من أفغانستان، في إطار ما يعرف بالجبهات المتوحدة بين التنظيمات الجهادية والمخابرات التركية، هذا بجانب انفراد أنقرة بتصدير البضائع والسلع الغذائية إلى ليبيا والتي بلغت حجم صادرتها إلي ليبيا ٢.٨ مليار دولار في عام ٢٠١٨.


حتى تحكم أنقرة قبضتها على المشهد داخل ليبيا فقد فاجأت العالم بتوقيع مذكرتين مع حكومة الوفاق الأولى تتعلق بترسيم الحدود البحرية مع ليبيا على الرغم عدم وجود حدود بحرية مع ليبيا، وإن فكرة ترسيم الحدود تم طرحها من خلال فكرة تم طرحها لأحد الچنرالات الأتراك في كتاب تحت عنوان ( تركيا جار لليبيا من البحر) في إطار الاستفادة التركية من الثروات المعدنية البحرية في شرق المتوسط على الرغم من إنه وفقاً لمعاهدة لوزان عام ١٩٢٣ تركيا لا يحق لها التنقيب في شرق المتوسط هذا بجانب المادة 8 مِن أتفاق الصخيرات بالمغرب تمنع فايز السراج من توقيع اتفاقيات قبل عرضها على البرلمان الليبي، ورغم ذلك قامت تركيا بعرض مذكرتي التفاهم ترسيم الحدود البحرية والتعاون الأمني على البرلمان التركي لإضافة صيغة قانونية داخلية وعرضه على الأمم المتحدة وتأكيدًا على هذا قامت كلية الشرطة في اسطنبول بتخريج عدد من الضباط في ليبيا في حضور فتحي باشاغا وزير داخلية حكومة الوفاق، وكأن حكومة الوفاق قبلت أن تكون ليبيا إحدى محافظات تركيا، وتوثيقاً لهذا المفهوم لقاء وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، في العاصمة القطرية الدوحة بعد توقيع الاتفاقيتين، مؤكداً بأن أنقرة ستواصل بكل حزم حماية حقوقها ومصالحها المشروعة في شرق البحر المتوسط، ونسي وزير الخارجية التركي أن تصريحه يعد بمثابة احتلال تركيا لليبيا بدعم ومباركة كاملة لحكومة الوفاق التي تُصر أن تشعل فتيل الحرب في شرق المتوسط، في ظل أطماع تاريخية لأنقرة في شمال إفريقيا.


وهنا يبقي السؤال هل الرباعي الإقليمي تركيا وقطر والتنظيم الدولي للأخوان والدوحة احكموا قبضتهم علي نهب ثروات ليبيا؟ وهل المؤتمرات التي نسمع عنها بدءً بالمصالحة الباريسية مروراً بمؤتمر باليرمو في إيطاليا وقبلهم مؤتمر الصخيرات بالمغرب وصولاً لمؤتمر برلين كل هذة الحزمة من المؤتمرات يصدرها المجتمع الدولي حفظاً لماء الوجه فقط؟ وترك لأنقرة أن تتحرك بأريحيه دون رادع دولي في ظل نهب ممنهج داخل ليبيا؟.


باحث بمنتدى الشرق الأوسط

العلامات

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!