-
أسمع جعجعة ولا أرى طحناً.. مؤتمرات المعارضة نموذجاً
لا يخفى على أحد واقع المعارضة السورية غير السليم منذ عشر سنوات وحتى اليوم، من حيث التخبّط في الأداء السياسي وضياع البوصلة، إضافة إلى جلد الذات، لذلك نراها تنتقل من مؤتمر إلى آخر ومن ندوة إلى أخرى ومن ورشة لورشة ومن مركز بحث لآخر، عدا عن النقاشات اليومية في وسائل التواصل الاجتماعي بين أطيافها مترافقاً بكيل سيل من الاتهامات لهذا الفريق أو ذاك، إضافة إلى تشكيل العشرات بل المئات من الكتل والكيانات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنسوي والحقوقي، التي من الصعب على أي باحث حصرها اليوم.
ومعظم هذه الندوات تمارس على قاعدة النفي/ النفي للآخر، وبأن ما تقدمه من وجهة نظر تعتبر الأفضل للشأن السوري، بينما في الواقع والجوهر لا تقدم شيئاً جديداً وعملياً يفضي إلى تغيير اللوحة السياسية القائمة من خلال الكيانات المعترفة بها (الائتلاف وهيئة التفاوض)، كما لم يتمكنوا أيضاً من إثبات فشل هذه الكتل في أدائها السياسي وفي إدارة اللعبة السياسية من خلال عصبة الأمم المتحدة والقرارات الدولية المعنية بالأزمة السورية، حيث هناك شبه إجماع بين هذه الكتل والمؤتمرات التي تعقد هنا وهناك، من أن الحل يكمن بالتفاوض مع النظام من خلال الارتكاز على القرارات الدولية المعنية بالأزمة السورية، وخاصة القرار 2254، علماً، حتى الآن وبعد سلسلة طويلة من الجلسات وعلى مدار ٨ سنوات وتناوب أربعة ممثلين للأمم المتحدة (حيث كانت الجولة الأولى في ٢٠١٤)، لم يتم أي حوار جدي حول الدخول في جوهر بنود القرارات الدولية، بسبب رفض أو تعنت النظام مناقشة هذه القرارات وفق التسلسل الهرمي لبنودها، وممارسته باستمرار سياسة التسويف والمماطلة المتعمدة، على الرغم من مسايرة السيد ديمستورا، المبعوث الثالث للأمم المتحدة، للنظام السوري بحصر النقاش في السلة الدستورية.
مع ذلك لم يتقدم التفاوض حول ذلك أيضاً قيد أنملة، كما أن المبعوث الحالي السيد "غير بيدرسون" لم يغير من المعادلة شيئاً، وما زال يسير على خطا ديمستورا الفاشلة، ورغم ذلك بقيت محصلة التفاوض صفراً، وواضح من كل ذلك أنه لا توجد إرادة وتوافق دولي لمعالجة الأزمة السورية، ومع ذلك نمارس سياسة جلد الذات في مؤتمراتنا وتحميل المسؤولية للقائمين الحاليين على التفاوض، وكأن لسان حالهم يقول، صراحة أو مواربة، بأننا الأفضل في تبوّأ هذه المواقع، علماً أن البعض منهم لم يكونوا بعيدين عن أطر المعارضة الرسمية، إن جاز التعبير، ناسين أو متناسين بأن الأزمة السورية تجاوزت أطر المعارضة والنظام معاً، ودخلت في صلب الصراع الدولي والإقليمي على سوريا، وما نشهده اليوم من تواجد قوات عسكرية من عدة دول مختلفة التوجه والأداء على الساحة السورية يؤكد ما ذهبنا إليه، ويبقى الحل الأمثل للمعارضة، حسب وجهة نظري، وبدلاً من ضياع الجهد والوقت والمال في عقد هذه المؤتمرات والورشات التي تفرق وتشتت المعارضة أكثر مما هي مشتتة، البحث عن أدوات لتفعيل آليات المعارضة القائمة والمساهمة في تقوية دورها داخلياً وخارجياً، كما يتطلب من المعارضة القائمة الخروج من الحالة السكونية والدوران داخل قوقعتها، بالبحث عن آليات عملية لتوحيد طاقات السوريين جميعاً وتجديد فعاليتها من خلال التشريع لنظام داخلي عملي وجامع، وذلك بعقد مؤتمر شامل لكل أطياف المعارضة سنوياً لتقييم أدائها وانتخاب قيادة جديدة مؤهلة، لقيادة المرحلة، تحظى برضى الشارع السوري، كما يشعر كل معارض بأنه يساهم، ولو باليسير، في حمل أعباء الثورة السورية، ومن الممكن أن يقوم الائتلاف بهذا الدور إذا ما تحلى قليلاً بنكران الذات، وتقديم مصلحة الشعب السوري على المصلحة الشخصية.
ما دعاني إلى الكتابة هو ما يحصل هذا الشهر فقط من عقد ندوة في قطر برئاسة الدكتور رياض حجاب ومؤتمر للمعارضة في إسطنبول، علماً أن قطر وتركيا على علاقة جيدة مع بعضهما البعض، وكذلك مع المعارضة السورية في آن واحد، كما أن مقر الائتلاف في إسطنبول. والسؤال: ماذا سيقدم هذان المحفلان من جديد، كقيمة مضافة لما هو قائم حالياً؟ هل سيتجاوزان القرارات الدولية برفض الحوار مع النظام بشكل قطعي ونهائي وإيجاد آليات جديدة مبتكرة لعمل المعارضة والثورة السورية بعيداً عن السياق الدولي الممارس حتى الآن، أم سيكونان تكراراً مملاً لما هو قائم، وعلى مبدأ (خالف تعرف)، وما في حدا أحسن من حدا؟
ليفانت - فؤادعليكو
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!