-
هيئة تحرير الشام - النصرة.. تسيطر على عفرين والقادم مجهول في ظل صمت تركي مطبق
سيطرت هيئة تحرير الشام -جبهة النصرة سابقاً- على مدينة عفرين شمال محافظة حلب، بعد أربعة أيام من الاقتتال والاستنزاف بين فصائل ما يسمى الجيش الوطني المدعوم من تركيا، وتحالف فرقتي الحمزة والسلطان سليمان شاه (العمشات) مع الهيئة المصنفة على لوائح الإرهاب الدولية والتركية.
وبذلك تكون الهيئة قد بسطت سيطرتها على مساحة تزيد على الـ 5000 آلاف كيلومتر مربع حتى اللحظة، موزعة بين جزء كبير من محافظة إدلب إضافة إلى جزء من ريف حلب الغربي ومؤخراً مدينة عفرين المحاذية للحدود التركية السورية.
قتل ناشط إعلامي
وبدأ التوتر الأخير بين الفصائل المدعومة تركياً، بعد ثبوت قتل الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف "أبو غنوم" مع زوجته وجنينها، يوم الجمعة الفائت، 7 أكتوبر 2022، من قبل مجموعة تابعة لفرقة الحمزات، الأمر الذي استدعى تدخل "الفيلق الثالث" المنضوي تحت الجيش الوطني، والذي تشكل الجبهة الشامية عماده في مناطق الشمال لدحر المجموعات التي تتبع لفرقة الحمزات من مدينة الباب شمال شرق محافظة حلب.
اقرأ المزيد: على خلفية اغتيال" أبو غنوم".. "الجبهة الشامية" تسيطر على مقار لفرقة الحمزة في حلب
من جهته، يعتبر قائد فرقة الحمزة، سيف بولاد، أن مدينة الباب وما حولها شبه إمارة لهم، وأي اقتراب منها يعتبر بمثابة اجتثاث لسلطته على المنطقة، لذا تحالف مع فرقة السلطان سليمان شاه، وهيئة تحرير الشام للتصدي للجبهة الشامية التي تختلف معها الهيئة في التوجهات الفكرية والثورية، وتثبت تجربة السنوات الماضية أن بينهما ما صنع الحداد.
مصادر محلية
كشفت مصادر خاصة من داخل مدينة عفرين لـ"ليفانت نيوز" عن انتشار حالة من الخوف والذعر بين صفوف المدنيين العزل، خاصة مع اقتراب أصوات الاشتباكات والقصف المدفعي نحو المدينة بعد تمكن هيئة تحرير الشام من السيطرة على كامل ناحية جنديرس وإغلاق الطريق الواصل بين مدينة عفرين وجنديرس من جهة، وسيطرتها على قريتي قرزيحل وعيندارة من جهة أخرى، مع استمرار استهداف القرية بقذائف الهاون ورشاش الدوشكا.
ووفق ما أفاد به الأهالي لـ"ليفانت نيوز"، فقد أكدوا بأن الحركة اليوم في مدينة عفرين كانت شبه معدومة مع إغلاق أغلب المحلات التجارية واختفاء شبه كامل لتواجد عناصر الميليشيات المسلحة (الجيش الوطني) في الطرقات والأحياء والتزام الكثير منهم مقراتهم العسكرية، موجهين نداءات عن حيادتها في الاشتباكات الدائرة حالياً بين الطرفين، خاصة مع ورود أنباء عن نية هيئة تحرير الشام بتحديد مدة زمنية محددة للميليشيات المسلحة، إما قيامهم بتسليم أنفسهم أو التوجه نحو مناطق نبع السلام.
ونقل أحد أهالي مدينة عفرين لـ"ليفانت نيوز"، رافضاً الكشف عن هويته خوفاً من الملاحقة الأمنية والظروف التي تدور هناك قائلاً: "نعيش الآن حالة من الترقب والتوتر حول معرفة ماذا سيكون مصير مدينتنا بعد كل هذا التقدم الذي حققته الهيئة على حساب ميلشيات الجيش الوطني وتمكنها من تطويق عفرين المدينة من جهة ناحية جنديرس وقرية ترندة في ناحية المركز".
وتابع المصدر، أنه "بات من المعلوم في كل الاشتباكات التي تدور في مدينة عفرين يكون المدنيون هم الضحية، وخاصة الأطفال الذين باتت أصوات القذائف والرصاص تشكل رعباً حقيقياً لهم وإصابة بعضهم بأمراض نتيجة الخوف الشديد".
وبيّن المصدر، أنّ "تأزّم الأوضاع أكثر في مدينة عفرين، أدى لفصل التيار الكهربائي عن كامل المدينة نتيجة تعرض خط التغذية الرئيس لأضرار كبيرة بعد استهدافها خلال الاشتباكات الدائرة".
وتشير مصادر إعلامية، فرار نحو 150 محتجزاً من سجن معراته، التابع للجبهة الشامية، صباح اليوم، وبحسب اللوائح التي اطلعت عليها "ليفانت نيوز"، معظم الموقوفين منسوب إليهم تهم تتعلق بتجارة المخدرات والسرقة والقتل.
تركيا تتابع بصمت
تساءل العديد من الناشطين والفاعلين في الشأن السوري العام، أين السلطات والاستخبارات التركية مما يجري في عفرين والباب، وما الذي يجعلها تصمت حيال هذا الوضع الأمني الذي جلب للمنطقة هيئة تحرير الشام المصنفة على قوائم الإرهاب في أنقرة؟ إلاّ أنه لم يخرج أي من المسؤولين الأتراك ليبدي رأياً إزاء وصول قوات "أبو محمد الجولاني" إلى وسط مدينة عفرين التي يشكل الأكراد النسبة العظمى من سكانها الأصليين.
اقرأ أيضا: جبهة النصرة تطوق مدينة عفرين
ولا يخفي أهالي المنطقة تخوفهم من مجريات الأحداث وما يتبعها من قتل وتصفية وإرهاب للمدنيين مع قدوم أي قوة عسكرية جديدة إلى أي بلدة أو قرية أو قطاع، فالكل يأتي متسلحاً بقوته العسكرية وبطشه وتغاضي السلطات التركية عن ممارسته التي باتت تشابه إجرام النظام السوري بكل شيء.
وهناك أصوات من المعارضة السورية تقول، إن المسؤولين عن الملف السوري في تركيا، يعلمون بأن الهيئة ستدخل عفرين، وأن الجولاني لا يجرؤ على هكذا خطوة لولا التنسيق المسبق مع الجانب التركي.
لكن السؤال الذي يدور اليوم، ما مصير المنطقة بعد سيطرة الهيئة على عفرين، وهل ستكون هدفاً للروس والنظام لإكمال ذرائعهم بمحاربة الإرهاب؟ علماً لم تنقذ كل الاتفاقات التي خرجت عن أستانا طوال المراحل السابقة محافظة إدلب من القصف والاعتداءات المتكررة.
اليوم، الجانب التركي لديه تكتيك جديد للتعاطي مع الشأن السوري وهو المصالحة مع النظام في دمشق بغية مشاركته في دحر "قسد" من المناطق التي تسيطر عليها بالقرب من الحدود التركية، لكن النظام بالمقابل يرى أن الفصائل المسلحة في الشمال حالها كحال قسد، قوى متمردة على الدولة ويجب التعامل معها بالقوة والتوقف عن دعمها.
غالب الظن تسعى تركيا لدمج الهيئة مع الفصائل المدعومة من أنقرة، على أن تتوحد جميعها في كيان واحد يتقاسمون قيادته وإدارة منطقة إدلب ومناطق الشريط الحدودي مع تركيا.
فهل تنتظر السلطات التركية نهاية الجولة الحالية من الاقتتال أم لديها تكتيك معين يمكنها من حسر دور بعض الفصائل التي ترى إزالتها من المشهد العسكري، حاجة للمرحلة المقبلة؟
ليفانت – خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!