-
هل ينجح العراق أمام امتحان التلويح بالعصا الدبلوماسية الأمريكية؟!
ابراهيم عواد
بعد مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني "قاسم سيلماني،" بغارة جوية في محيط مطار بغداد مطلع العام الجاري، بات لزاماً على نظام الملالي الحاكم لإيران أن يوجّه المليشيات الموالية له للانتقام من القوات الأمريكية المتواجدة في العراق، بعد التهديد والوعيد بانتقام مدمّر من الولايات المتحدة، ولكن فيما يبدو أن طهران قرّرت أن تغيّر استراتيجيتها بشأن الضربات العسكرية التي تقوم بشنّها ميليشيات موالية لها في العراق ضد القوات الأمريكية، حيث تحاول من خلال تلك الهجمات البسيطة إثبات أنها لا تزال تشكل تهديداً، إلا أنّها لن تفعل شيئًا قد يؤدي إلى رد عسكري، كأن تقدم مثلاً على استهداف عناصر أمريكية.
بالمقابل هددت واشنطن، التي تتعرض قواتها ومصالحها في العراق إلى هجمات شبه يومية، بإغلاق سفارتها في بغداد؛ الأمر الذي يؤدي إلى توجيه ضربة قاصمة لرئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الذي يُنظر إليه على أنه حليف بارز لها، حيث وقع العراق منذ فترة طويلة، فريسة تجاذبات حليفتيه إيران والولايات المتحدة، ما جعله في وضع لا يحسد عليه بسبب سياسة “الضغط الأقصى” التي تنتهجها واشنطن في وجه طهران، منذ عام 2018.
الرئاسات العراقية الثلاث، ومجلس القضاء الأعلى أصدرت من جهتها بياناً شديداً هو الأقوى من نوعه ،حيال السلاح المنفلت ومحاولات الجهات الخارجة عن القانون إعلان الحرب بديلاً عن الدولة. وقال بيان رئاسي إن “التطورات الأمنية التي حدثت في الآونة الأخيرة من استمرار استهداف المراكز والمقرات المدنية والعسكرية، وتواصل أعمال الاغتيال والخطف بحق ناشطين مدنيين، إنما تمثل استهدافاً للعراق وسيادته”. وأضاف البيان أن “المنحى الذي تتجه إليه أعمال الجماعات الخارجة عن القانون ضد أمن البلاد وسيادتها، يمثل منحى خطيراً يعرض استقرار العراق إلى مخاطر حقيقية”. الدبلوماسية الأمريكية
الهجمات الصاروخية.. موجّهة للقوات الأمريكية أم للكاظمي؟
استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في البيت الأبيض الشهر الماضي، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والذي ينظر إليه المسؤولون الأميركيون على أنه القائد العراقي الواعد منذ سنوات، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه غير مرتبط بأي من الفاسدين والسياسيين الطائفيين في العراق ويحاول الابتعاد عن طهران، ويأتي هذا الإعلان عن غلق السفارة بمثابة خلق معضلة كبيرة للكاظمي، الذي يريد كبح جماح القوات الموالية لإيران، ولكن ليس بعملية تؤدي إلى كارثة سياسية في بلاده، وهو ما يضعه أمام فرضية: ماذا لو تخلت واشنطن عن الكاظمي بعد نقل سفاراتها؟ حيث ترى هذه الجماعات المعاد تشكيلها، أن الكاظمي هو رجل واشنطن في بغداد وغاضبة من وعوده التي تهدف إلى كبح جماحهم، وهذا من شأنه أن يترك رئيس الوزراء في موقف حرج.
وفي هذا الإطار يرى المحلل السياسي “كفاح محمود“: “واشنطن لن تتخلى عن العراق ولا عن الكاظمي، ومن الصعب جداً ترك بغداد، إنها في صراع استراتيجي مع إيران، وستعمل بقوة لدعم الكاظمي وإنهاء الميليشيات سواء سياسياً أو بعملية جراحية” ويؤكد أن “ماتقوم به هذه الميليشيات هو استهداف للكاظمي، أكثر من استهدافها لأمريكا وقواتها، فقد شعرت بأنه خرج من تحت عباءتها ويعمل من أجل إعادة ترتيب العراق بشكل آخر، يبتعد كثيراً عما يسمى بالولائيات الطائفية”، معتبراً أن “انفتاحه الأوروبي والعربي وعلى إقليم كوردستان، بدأ يربك هذه المجموعات الموغلة بالتطرف المذهبي الإيديولوجي المعادي لهذه التوجهات”.
من ناحيته يشير الأكاديمي والباحث في الدراسات السياسية والدولية “رابر طلعت“: إلى أن “خطاب الكاظمي إن حقق أهدافه، وتحول إلى سياسة وطبّقت على أرض الواقع؛ فسوف تشكل تهديداً لمصالح إيران في العراق، سواء بإجراءاته ضد الجماعات الشيعية المسلحة الحليفة لها أو الانفتاح الاقتصادي على الدول الأخرى، ومحاولاته استعادة مؤسسات الدولة العراقية وتحريرها من نفوذ القوى الحليفة لإيران”، مشدداً على أن “إخلاء السفارة في بغداد وعدم تواجد دبلوماسي أمريكي في بغداد، ليس في صالح حكومة الكاظمي”. الدبلوماسية الأمريكية
نقل السفارة الأمريكية من بغداد.. تحذير دون إعلان
مازالت الخارجية الأمريكية ترفض التعليق على التقارير، التي تحدثت عن عزم الولايات المتحدة إغلاق سفارتها في بغداد، وأكد المتحدث باسم الوزارة، أن تصرفات الميليشيات الخارجة عن القانون والمدعومة من إيران وفقاً لوصفه تظل أكبر رادع للاستقرار في العراق، معتبراً أنه من غير المقبول أن تطلق هذه الجماعات صواريخ على السفارة الأميركية، وتهاجم الدبلوماسيين وتهدد القانون والنظام في العراق.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي “رابر طلعت”: “مشكلة العراق لها عدة أبعاد. هناك الانتقال إلى وضع السيادة، والرغبة لدى العراق في انسحاب الأمريكي ورغبة ترامب أيضاً بالانسحاب؛ ولكن هذا يتطلب استقراراً أمنياُ وسياسياً، وأيضاً يتطلب بناء مؤسسات”، مشيراً إلى أن العراق يعاني حالياً من عدم الاستقرار الأمني، وعدم وجود مؤسسات قوية للدولة”، مؤكداً أن “انسحاب السفارة من بغداد يعزز الشعور الإيراني والجماعات المسلحة التابعة لها بالقوة والنصر، ويؤدي إلى إضعاف موقف الحكومة العراقية ورئيسها مصطفى الكاظمي.
ويضيف طلعت: “للعراق مشكلة الجيران الكارهين لأيّ أفقٍ ديموقراطي محتمل، أو لأي تغييرٍ في البنية السياسية. وتواجد وتدخل إيراني قوي في شأن العراقي، بالإضافة لدعم المجاميع المسلحة للحرب بالوكالة، ودعم الأحزاب الشيعية الموالية لها، والموالية إلى النظام الأكثري”، معتبراً أن “السنّة والكورد يميلون إلى التوافقية”، مشدداً إلى أن هذه الأسباب تؤدي إلى تراجع العملية السياسية، وقد تؤدي أيضاً إلى تفكيك اتفاقات السياسية واحتمالية حدوث فوضى داخلية وحروب أهلية ليست بعيدة”. الدبلوماسية الأمريكية
ويشير رابر طلعت إلى أن “عملية تفكيك الكتل السياسية الشيعية وترتيب موقفها تجاه إيران والولايات المتحدة، بدأت منذ بداية أول موجة احتجاجات في الشارع العراقي في 2015، وهذا تفتيت يؤشر إلى استحالة بناء تمثيل طائفي شيعي موحد خلال تجربة حكم فاشلة بعد 2003”.
مؤكداً أن “الأحداث الأخيرة والاحتجاجات، تؤشر إلى تحول في فهم المجتمع العراقي (العربي) لمفهوم الهوية والانتماء”، مشيراً إلى أن “الشارع العراقي والحركات الشبابية، هي موجهة ضد الفساد وتسييس الإسلاميين والمتعصّبين لاختلافات الطائفية والإثنية، وبالمقابل يعمل الكاظمي على هذا الخطاب، وضرب الميليشيات خيار مطروح وبشكل دائم على مائدة العمليات العسكرية الأميركية”. الدبلوماسية الأمريكية
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!