-
الطـبـطـبة الأوروبـيـّة لا تـنـفـع إيــران.. والـعـقـوبـات الأمـريـكـيـة تــرسُم لـ”الختام”
منذ منتصف سبتمبر الجاري، والحديث الأبرز حول إيران، كان مُركزاً على قضية إعادة تفعيل العقوبات الأمريكية، عقب فشلها في تمرير قرار مُشابه من بوابة مجلس الأمن، في أغسطس الماضي، بيد أنّ المستغرب كان الموقف الأوروبي، المُصرّ على إحياء اتفاقية ميتة، كون طهران لا تستغلها إلا لتمرير برنامجها النووي بشكل سري، إذ لطالما عرف عنها إخفاء مراكز سرية لتخصيب اليورانيوم، سعياً لتصبح قوة نووية، فتفرض نفسها في الإقليم، بجانب نواياها التوسعية. إيــران
تهديدات إيرانيّة لأوروبا
ورغم الموقف الأوروبي المعارض لفرض العقوبات على طهران في مجلس الأمن، لكن ذلك لم يشفع لها لدى “علي أكبر ولايتي”، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، الذي قال، في التاسع عشر من سبتمبر، إنّه لا توجد علاقات مالية أو تجارية لطهران مع بروكسل، لأنّها تماهت مع العقوبات الأمريكية المفروضة عليهم، ولفت إلى أنّه لا اعتبار للاتفاق النووي اليوم لأنّه ينفذ من جانب واحد فقط (على حدّ زعمه).
وادّعى ولايتي في حديث لوكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية، على أنّه لا يمكن لطهران تطبيق الاتفاق النووي من جانب واحد، فيما لا ينفذ الجانب الآخر التزاماته، لافتاً إلى أنّ أمريكا انسحبت من الاتفاق النووي، وادعاؤها بتفعيل آلية الزناد باطل لا أساس له، منوّهاً إلى أنّ أطراف الاتفاق النووي الآخرين أطلقوا الوعود فقط، وساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في العقوبات الأمريكية، ولم يلتزم أي منهم بالاتفاق، موجهاً الاتهام للدول الأوروبية بأنّها “شريكة في العقوبات الأمريكية على طهران”.
الحزم الأمريكي في مواجهة إيران
فيما مضت واشنطن قدماً فيما خططت له، فذكرت الولايات المتحدة في العشرين من سبتمبر، أنّها استأنفت كافة العقوبات الدولية من جانب واحد ضد إيران، والتي كان قد تم تجميدها بموجب الاتفاق النووي العام 2015، وأشار وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، خلال بيان له، أنّ استئناف العقوبات يأتي ضمن إطار عملية جرى إطلاقها في 20 أغسطس، مبيناً أن الجانب الأمريكي أبلغ رئاسة مجلس الأمن بـ”الانتهاكات الجسيمة” من قبل طهران للالتزامات المترتبة عليها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة الخاصة ببرنامجها النووي. إيــران
وذكر الوزير: “بموجب حقنا المنصوص عليه في قرار 2231، أطلقنا عملية لاستئناف جميع العقوبات المجمدة ضد إيران تقريباً، بما يشمل حظر التسلح، والعالم سيكون أكثر أمناً نتيجة لذلك”، لافتاً إلى أنّ تلك العقوبات تتضمن كذلك حظر تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته وحظر تطوير واختبار الصواريخ الباليستية، بجانب حظر تصدير التكنولوجيات المتعلقة بالبرامج الصاروخية والنووية إلى إيران.
توافق واسع على الرفض
وعقب الإعلان، رأى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أنّ الولايات المتحدة لم تعد مساهمة في الاتفاق النووي مع إيران عقب انسحابها منه، معتبراً أنّه لا يمكن بدء عملية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، فيما شجبت من جانبها، وزارة الخارجية الروسية، الإعلان الأمريكي، زاعمةً أنّ التصريحات الأميركية تفتقد لأساس قانوني، وقالت إنّه “بحكم طبيعتها، لا يمكن لمبادرات وتحرّكات الولايات المتحدة غير الشرعية أن تحمل عواقب قانونية دولية بالنسبة للبلدان الأخرى”. إيــران
أما الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فقد أعلم مجلس الأمن الدولي أنّه لا يستطيع اتخاذ أي إجراء إزاء إعلان أميركي بإعادة فرض كل عقوبات الأمم المتحدة على طهران نظراً لوجود “شك” في المسألة، بينما رفض وزراء خارجية “الترويكا الأوروبية” العقوبات، وجاء في بيان وجهه وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث، (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا)، أنّ “الولايات المتحدة حاولت قبل 30 يوماً إطلاق عملية إعادة العقوبات ضد إيران.. فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة تذّكر أنّ الولايات المتحدة ومنذ انسحابها من الاتفاقية (النووية مع إيران)، في 8 مايو 2018، لم تعد طرفاً في خطة العمل الشاملة المشتركة.. وعليه فإنّ أي إجراءات وقرارات لواشنطن لن يكون لها أثر قانوني ومصداقية قانونية”.
وهي مواقفٌ شدّت من عضد طهران، فقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إنّ أعضاء مجلس الأمن ردّوا برفض واسع على قرار أمريكا إعادة فرض العقوبات، منوّهاً بأنّه لا خيار أمام أمريكا سوى احترام القوانين الدولية والالتزام بها.
الأضرار متواصلة رغم الاعتراض
واستمر مسلسل الخلاف الأوروبي الأمريكي حول مُعاقبة إيران، فقد أدان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في الواحد والعشرين من سبتمبر، التزام برلين بالاتفاق حول برنامج إيران النووي، معتبراً إياه بأنّه “خطير”، لافتاً إلى أنّه لا يجوز السماح للسلطات الإيرانية الحصول على موارد مالية، ومشيراً إلى أنّ إيران “تهدّد بتدمير أمريكا وإسرائيل.. وأعتقد أن الشعب الألماني يدرك هذا الخطر”، مبدياً خيبة أمله إزاء موقف الحكومة الألمانية، ومتابعاً أنّ “حكومة ألمانيا تقول إنّها متفقة معنا حول أنّ إيران يجب ألا تشتري وتبيع أسلحة، لكنها لم تقدّم أي خطة بديلة”.
فيما قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في الثاني والعشرين من سبتمبر، إنّه لا يمكن للولايات المتحدة تطبيق آلية معاودة فرض العقوبات على طهران، لأنّها انسحبت من الاتفاق النووي، مردفاً خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ75، أنّ “فرنسا وبريطانيا وألمانيا لن تقبل بانتهاكات إيران لاتفاق 2015 النووي”، لكنه أتبع ذلك بالقول إنّ “حملة الضغوط القصوى التي تتبعها الولايات المتحدة فشلت حتى الآن في منع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار وضمان عدم قدرتها على حيازة أسلحة نووية”، ورغم المواقف الأوروبية المناوئة للعقوبات، أقرّ الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في السادس والعشرين من سبتمبر، بأنّ العقوبات الأمريكية ألحقت خسائر كبيرة بطهران تتجاوز الـ150 مليار دولار. إيــران
ومع أنّ طهران نجحت في صنع شرخ بين الموقف الأوروبي والأمريكي من معاقبتها، لكن لا يُظن أن يكون الطرف الأوروبي قادراً تماماً على حماية طهران واقتصادها الهش، فالعملة الإيرانية في انهيار مستمر، والتهديد الأمريكي بمعاقبة أي دولة قد تعقد عمليات تجارية مع طهران، سيدفع كثيرين على مستوى الكيانات والأفراد، لتجنب الخوض في تجارة خاسرة سلفاً مع طهران، كونها لن تجلب لهم إلا عقوبات اقتصادية من واشنطن، وحظراً من التعامل مع السوق الأمريكية الضخمة، ما سيرفع التكلفة الاقتصادية على إيران.
ولربما ليست المواقف الأوروبية المُطبطبة على طهران، إلا ذراً للرماد في العيون، بغية الحفاظ على ما تبقى من اتفاق نووي هش، قد يضحى خارج التاريخ، فيما لو شُنّت عملية عسكرية واسعة ضد طهران، وهو ما تذهب إليه “تل أبيب”، على أقل تقدير.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!