الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • رؤساء سورية وطنيون أم موظفون ؟! الرئيس الأول صبحي بركات

رؤساء سورية وطنيون أم موظفون ؟! الرئيس الأول  صبحي بركات
صبحي بركات

 


( يعاقب بالسجن حتى سنتين وبالغرامة حتى خمسمائة ليرة كل من يلقي الذعر في نفوس الشعب ويشوش الطمأنينة العامة في الصحافة أو المجتمع ).


يعكس هذا القانون الذي أصدره الرئيس السوري صبحي بركات في 28 تشرين الثاني لسنة 1925 عند قيام الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش  ضد الاحتلال الفرنسي واقع تلك المرحلة الهامة من تاريخ سورية التي شكلت لبنة أساسية في بناء ملامح الدولة ورسخت ذهنية التبعية بدلاً من الانتقال إلى ذهنية الكيانية .


 


المستقبل يستلهم من الماضي وعليه لابد من الغوص في التاريخ المعاصر بكل مآسيه وجراحه التي لم تكف عن النزف منذ بداية القرن الماضي وإلى يومنا هذا ولعل عدم الاطلاع وليس التبصر والتدبر على تلك المرحلة الهامة من الغالبية العظمى من السوريين أحد أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الأن من تدمير ممنهج للإنسان السوري المستهدف الأول .


 


ويتحمل ابناء سورية جزء من المسؤولية التاريخية لانكفاء البعض وعزوفه عن المساهمة في الشأن العام وانخراط البعض الاخر مع الأنظمة الحاكمة في حياكة بيت العنكبوت .


 


سنقوم بتسليط الضوء على رؤساء سورية ابتداء من العهد الفرنسي إلى يومنا هذا بتجرد وموضوعية بعد الرجوع إلى العديد من المصادر التي أرخت تلك المرحلة بغض النظر عن توجهاتها السياسية وسيتم طرح رؤية ومواقف كل رئيس على حده ونترك للقارئ الذي نلح عليه لمراجعة تلك الحقبة بل نجد ذلك واجباً وطنياً على الكثير من المهتمين بالشأن العام .


 


قسم الفرنسيون سورية إلى دويلات ( دمشق , حلب , العلويين ، لبنان الكبير ، الدروز ، لواء اسكندرون ) ونتيجة للرفض الشعبي الصريح للتقسيم والمناداة بالقومية السورية قرر الجنرال هنري غورو المفوض السامي الفرنسي إنشاء اتحاد فيدرالي يضم ( دمشق ، حلب ، العلويين ) تحت مسمى " الاتحاد السوري " برئاسة صبحي بركات .


 


وبركات من مواليد انطاكية عام 1889 انتقل للعيش في حلب سنة 1917 ثم اختير ممثلاً عن انطاكية في المؤتمر السوري العام الذي أعلن من خلاله عن المملكة السورية العربية على أن تكون سورية ملكية دستورية مدنية لا مركزية وفقاً للدستور وفيصل بن الحسين ملكاً عليها وسرعان ما حلت فرنسا المملكة ونفت الملك فيصل بعد معركة ميسلون ببضعة أيام .


 


بعد الحل انظم بركات إلى صفوف الثوار الذين كانوا يقارعون الاحتلال الفرنسي وشكل مجموعة من المقاتلين بدعم من تركيا وأصبح رفيقاً للثائر إبراهيم هنانو أحد أبرز قادة الثورة السورية ضد الاحتلال .


 


سرعان ما انتهت رحلة بركات الثورية ( مايو1919-  يوليو 1920) ورمى بنفسه في احضان المحتل وهناك روايتان عن التغيير الكبير الذي حصل في موقفه الأولى تؤكد انحيازه للاحتلال نتيجة للتفاهم والاتفاق الذي حصل بين تركيا وفرنسا ، بينما تشير الثانية إلى قيام رجل الأعمال الحلبي محمود شركس بواسطة بين بركات وغورو اللذان التقيا في بيروت واتفقا.


 


وبكلتا الحالتين أصبح أداة بيد فرنسا قبل أن يكون عضواً في المجلس التمثيلي عن مدينة حلب وعضواً في المجلس الاتحادي الذي ضم خمسة عشر عضواً ( خمسة أعضاء من كل دولة ) وانتخب رئيساً للاتحاد 1922-1924 من الممثلين الخمسة عشر بمباركة فرنسية .


 


في الخامس من ديسمبر لسنة 1924 استجاب الجنرال ماكسيم فيغان خليفة غورو لمطالب السوريين بالوحدة وأعلن قيام الدولة السورية برئاسة صبحي بركات ولمدة ثلاث سنوات واصدر القرار 2980 ( تقوم الدولة السورية مقام دولتي دمشق وحلب ) ، استمر بركات في منصبه حتى قيام الثورة السورية الكبرى التي اندلعت في غالبية المدن واختار أن يكون وحكومته إلى جانب المحتل وأصدر القانون المشؤوم الذي ذكرناه في المقدمة.


 


موقف بركات من الثورة ومحاباته للفرنسيين شكل نقمة شعبية عارمة زادت من قوة الكتلة الوطنية في المطالبة بإقالته مع رغبة فرنسية بالتهدئة كل هذه العوامل دفعت بركات للاستقالة المذيلة بعدة طلبات وطنية منها انهاء الانتداب وأصبح فرانسوا بيير أليب حاكماً لدولة سورية. 


 


قرر الوطنيون مقاطعة الانتخابات التي أعلن عنها الفرنسيون عام 1926 لتشكيل مجلس نيابي حلبي مهمته الانفصال والإعلان عن دولة حلب ، وصدر بياناً مذيلاً بتوقيع إبراهيم هنانون وسعد الله الجابري وعبدالرحمن كيالي وربيع منقاري و نجيب باقي واحمد الرفاعي و جميل إبراهيم باشا طالبوا فيه مقاطعة الانتخابات التي أجريت رغم الحراك النخبوي والشعبي وانتخب صحبي بركات وشاكر نعمت الشعباني و سليم بك خيرات وإبراهيم غالب باشا ونوري الأصفري واجتمع هؤلاء


للتصويت على انفصال دولة حلب وكانت المفاجأة بأن إبراهيم هنانو أوقف عربته أمام مجلس النواب إشارة منه إلى استخدام القوة في حال تمت الموافقة على انفصال حلب وصوت المجتمعون برفض الانفصال.


محاولة الاغتيال


واصل بركات نشاطه السياسي بعد الاستقالة وأسس " حزب الدستور " المعروف بمحاباته للفرنسيين  وانتخب عظواً للجنة التأسيسية عن مدينة حلب عام 1928 ورئيساً للبرلمان السوري سنة 1932 ليواصل في نهجه الداعم للفرنسيين وكان كثير التردد إلى بيروت للقاء المفوض السامي الفرنسي ، واعتقد أكرم الحوراني أبن مدينة حماة السياسي السوري المعروف بمناهضته للاحتلال وزميله طالب الهندسة عبدالباسط البني أبن مدينة حمص أن اغتيال بركات سيؤثر على مساعي فرنسا في تكريس الاحتلال واجهاض معاهدة " الصداقة والتحالف " ووقع الاختيار على البني لتنفيذ العملية التي أجهضت وانتهت بمقتل البني .


انحاز بركات للكتلة الوطنية ورفض مع زملائه في البرلمان معاهدة " الصداقة والتحالف " عام 1934 عندها أصدر المفوض الفرنسي شارل دي مارتيل قراراً بإيقاف عمل البرلمان سنة 1936 لتزداد وتيرة الاحتجاجات في البلاد مع تصاعد قوة الكتلة الوطنية وتراجع دور الانتدابيون عندا انتقل بركات إلى انطاكية وتوفي هناك عام1940 .


 


قيل عنه :



  • أدهم آل جندي " تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي " قال : ( من المشهور عن بركات أنه قال علناً " أنه لم ينم ليلة نوماً هادئاً مثل الليلة التي ضرب فيها الفرنسيون دمشق بالمدافع " لانهم قاموا بالثورة في عهد دولته ).

  • فيليب خوري " سورية و الانتداب الفرنسي " قال : ( وكان قد نقل عملياته السياسية إلى حلب حيث برهن عن كونه مرشحاً لا بأس به لتناصره فرنسا).

  • وديع بشور " سورية صنع دولة و ولادة أمة " قال : ( والتقى هنري غورو و أخذ يميل بموقفه إلى جانب الانتداب حتى حُسب على المؤيدين له ).

  • ستيفن لونغريغ " سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي " قال : ( وهو في الوقاع تركي أكثر مما هو عربي لجهة الأصول والمهنة واللغة )


 


طه الرحبي

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!