الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • هل يخشى أردوغان على اللاجئين السوريين ويسعى لتأمين مستقبلهم؟

هل يخشى أردوغان على اللاجئين السوريين ويسعى لتأمين مستقبلهم؟
هل يخشى أردوغان على اللاجئين السوريين ويسعى لتأمين مستقبلهم؟

صرّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنهم "بحاجة إلى صيغة للسماح بإعادة توطين اللاجئين السوريين الذين سافروا إلى تركيا في بلادهم"، داعياً إلى إقامة "منطقة سلام في شمال سوريا" وبناء مساكن ومدارس للاجئين، وذلك خلال مشاركته في المنتدى العالمي للاجئين الذي استضافته الأمم المتحدة وسويسرا كأول منتدى عالمي للاجئين في جنيف يومي الثلاثاء والأربعاء.


مضيفاً: "371 ألف لاجئ سوري جرت إعادة توطينهم طواعية بشمال سوريا منذ بدء العمليات العسكرية التركية"، مشيراً إلى أن "هذا العدد يمكن أن يصل بسهولة إلى مليون خلال فترة قصيرة جداً". وزعم أردوغان أن تركيا اضطرت للتدخل في سوريا جرّاء غياب المساعدات للاجئين.


أسئلة تطرح نفسها..


ويمكن للقارئ للوهلة الأولى أن يعتقد أن التوجهات التركية ساعية لتأمين مستقبل أفضل للسوريين اللاجئين على أراضيه، لكن أسئلة عديدة تطرح نفسها من قبيل: لماذا لا تقوم تركيا بإنشاء المنطقة الآمنة في إدلب، التي تقع عملياً تحت نفوذها رغم هيمنة النصرة عليها ظاهرياً، إلى جانب السؤال، لماذا لا يتم إعادة هؤلاء السوريين إلى مناطقهم التي خرجوا منها أساساً في حمص ودمشق وحماه وحلب وغيرها، كون غالبهم ينتمون لتلك المناطق، وليس إلى شرق الفرات، خاصة أن تركيا تمتلك علاقات قوية مع موسكو وقد تكون قادرة على الوصول إلى تسوية مع روسيا تتيح آلية إعادة آمنة للسوريين بضمانات روسية؟ 


تجد إجاباتها لدى المسلحين..


تلك الاسئلة وغيرها، يبدو أنها تجد إجاباتها في التقارير التي تتوارد تباعاً حول طبيعة المسلحين التابعين لتركيا والمعروفين بمسمى "الجيش الوطني السوري"، ففي الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي، قالت مصادر المرصد السوري أن بعض الأهالي عادوا للاطمئنان على منازلهم في رأس العين، إلا أنهم وجدوها خاوية على عروشها، بعد عمليات السرقات والتعفيش التي نفذتها المليشيات، كما أن المسلحين منعوا المواطنين من إخراج ممتلكاتهم من بعض المنازل التي لم تسرق بعد.


تطهير عرقي..


فيما تطرقت صحيفة "ذي اندبندنت" في الثلاثين من نوفمبر، لواقع المناطق التي سيطرت عليها تركيا شمال سوريا فقالت: عليكم أن تغادروا.. إن وجدوكم سيقتلونكم”، هكذا كان العرب يحذرون جيرانهم الأكراد من مسلحي الفصائل المدعومة من تركيا عقب بدء الهجوم في شمال سوريا. لكن الذين غادروا مؤقتاً على أمل الرجوع إلى منازلهم، لم يعد بإمكانهم ذلك، والسبب إنهم أكراد.


وتابعت الصحيفة إن التطهير العرقي بات حقيقة في “منطقة تركيا الآمنة” شمال سوريا، فيما بات الأكراد يعتقدون أن هذا هو الهدف من العملية، ولم تخفِ المليشيات التابعة لتركيا جرائم القتل التي ارتكبتها في سوريا، وكانت منذ البداية توثقها بفخر واضح. وأظهرت مقاطع مصورة للفصائل المدعومة من تركيا عمليات إعدام، وتشويه جثث، وتهديدات ضد الأكراد ونهب أملاكهم.


ووفقاً لتقرير الصحيفة فقد أدى البعد العرقي للكثير من الجرائم، إلى نزوح جماعي للأكراد والأقليات الدينية من هذه المناطق الحدودية التي كانت في السابق مختلطة، ويخشى الذين تقطعت بهم السبل في مخيمات النازحين عبر شمال شرق سوريا وفي العراق المجاورة، من أنهم قد لا يتمكنون من العودة إلى ديارهم أبداً، وهذا، كما يعتقدون، هو بالضبط هدف المعتدين.


تغيير ديموغرافي..


وفي إعتراف رسمي منه على عمليات التغيير الديمغرافي، أعلنَ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في التاسع من ديسمبر، أن أنقرة بدأت العمل على إسكان مليون شخص في مدينتي تل أبيض ورأس العين، حيث قالَ في كلمة له أمام وزراء الشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي، أنه سيتم تقديم الدعم لإنشاء مناطق سكنية جديدة في الشمال السوري.


والغريب أن الرئيس التركي لم يطرح سابقاً، للنقاش مع الروس أي حوارات حول مصير اللاجئين السوريين على أرضه، أي انه لم يحاول إعادة السوريين إلى مناطقهم الأساسية التي خرجوا منها، إنما أكتفى فوراً بالهجوم على الشمال السوري، مبرراً ذلك برغبته في توطين اللاجئين، وهو ما قد يدفع البعض للشك بأن السكان الأصليين في مناطق الشمال السوري ليسوا بسوريين وفق التصنيف التركي على الأقل.


التوطين..


وفي الحادي عشر من ديسمبر، قال أردوغان إنه "يمكن للأمة التركية القيام بخطوة مثالية بين رأس العين وتل أبيض"، موضحاً خريطة المنطقة وعليها علامات، قائلاً: "توطين مليون شخص بين تل أبيض ورأس العين ، هذا هو هدفنا في المنطقة الآمنة ، هذه هي خطتنا".


وعلى الرغم من أن الرجل يتحدث بصراحة كبيرة عن خطته تلك للتغيير الديموغرافي وتوطين اللاجئين لديه في أرض ليست أرضهم بحجة أنهم سوريون، إلا أن لا أصوات معارضة له فيما يبدو في المحافل الدولية، بإستثناء بعض الاعتراضات الشكلية والإعلامية الأوروبية، رغم أنه التقى في تلك الفترة، مع نظرائه الألمان والفرنسيين والبريطانيين على هامش قمة لحلف الناتو في لندن لمناقشة التطورات في سوريا و"منطقة آمنة"، وقال عقبها إن دولة واحدة ، لم يذكر اسمها، تعهدت بدعم الخطة، لكن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لم تفعل ذلك، وكان قد قال من قبل إن قطر يمكنها أن تدعم ذلك.


مشاركون..


وإلى جانب تلك الدولة التي تحدث عنها أردوغان لدعم خطة التوطين، يبدو أن شريحة من السوريين المتواجدين في المناطق التي تسيطر عليها تركيا في شمال سوريا، تؤيد الخطة التركية لتهجير سكان الأصليين في شمال سوريا من مختلف المكونات العرقية والدينية، لتوطين آخرين ممن ترضى عنهم أنقرة هناك، حيث قال نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة تل أبيض والتي شكلتها تركيا في السادس عشر من ديسمبر، إن هناك مشاريع لبناء عشر مدن و140 قرية في منطقتي تل أبيض  ورأس العين.


وأضاف نائب رئيس المجلس المحلي صلاح حج عبد الله في تصريح لإحدى الوكالات المعارضة إن المدن والقرى ستبنى فيما تسمى "المنطقة الآمنة"، مشيراً إلى أن المدن ستتسع لنحو 300 ألف نسمة، بينما القرى ستضم 700 ألف نسمة، لافتاً أن ما تسمى "المنطقة الآمنة" سيسكنها اللاجئون من جميع المحافظات السورية.


بحث عن ممول..


لكن يبدو أن جهود الرئيس التركي، لإيجاد ممولين لمشاريعه بإعادة توطين مليون لاجئ سوري في "نبع سلام" لم تجد تأييداً بعد، وهو ما دفعه في السابع عشر من ديسمبر إلى الإشارة لغياب المساعدات الدولية لتركيا لدعم ملايين اللاجئين المقيمين على أراضيها، مدعياً أن ذلك كان الدافع لأنقرة لتنفيذ عمليتها العسكرية في شمال شرق سوريا، وأضاف أردوغان في تصريحات أمام المنتدى العالمي للاجئين في جنيف: "عندما لم نحصل على الدعم الذي كنا نحتاجه من المجتمع الدولي، اضطررنا لتولي زمام أمورنا بأنفسنا".


صوب النفط..


ويبدو أن الفشل التركي في استحواذ ممولين لمشاريع التوطين قد دفعت بأردوغان للقول في مقابلة تلفزيونية في الخامس عشر من ديسمبر، بأنهم أقترحوا خطة لإنفاق عائدات النفط السوري على سكان “المنطقة الآمنة” في الشمال السوري، لافتًا إلى أنه لم يتلقَّ أي رد على مقترحه، وأضاف أنه في حال حصلت أنقرة على المال، فسيتم العمل على تنفيذ خطط لبناء هذه الأماكن من نقطة الصفر.


حديثٌ دفع موقع شـــــؤون تركـيــــة المعارض للتعليق، بالتذكير بما قاله أردوغان قبل أسبوعين بأن الغرب عرض عليه تقاسم نفط السوري، لكنه رفض وقال "همّنا الإنسان فقط لا النفط".


وتابع الموقع التركي أن أردوغان قد نسي ما قاله وصرّح مجدداً بالقول "عرضت على الغرب أن نستخرج معاً نفط سوريا لتوطين اللاجئين، لكنهم رفضوا".


تأمين مستقبل تركيا..


ويبدو واضحاً أن تركيا لا تسعى سوى لتأمين مستقبلها، الذي تجد أن الكُرد في سوريا والموجودين كذلك في تركيا، يشكلون خطراً عليها، ساعيةً لجعل اللاجئين السوريين شماعة تعلق عليهم تجاوزاتها للقانون الدولي، وعملياتها العسكرية التي تحت سيطرت بموجبها على العشرات من المدن والبلدات السورية، فأضحى مصيرها مجهولاً بين اقتطاع أو إنشاء كيان مواز كما هو الحال في قبرص الشمالية، أو ربما ضم كما الحال في الاسكندرون، خاصة أن معظم الظروف التاريخية مُكررة تقريباً.


ليفانت-خاص


متابعة وإعداد: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!