الوضع المظلم
الأحد ٠٥ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • منظمة حقوقية ترصد "السياسات العقارية التمييزية بحق الكرد السوريين"

منظمة حقوقية ترصد
الانتفاضة الكردية

أصدرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقريراً تناولت فيه "السياسات العقارية التمييزية بحق الكرد السوريين"، مع التركيز على ضرورة إلغاء جميع المراسيم والقوانين التي منعت المواطنين السوريين من التمتّع بحقوقهم بالتملّك بشكل متساوٍ تحت حجّة وذرائع مختلفة خلال العقود السابقة من عمر الدولة السورية.


واعتبر التقرير أنّ أولى المراسيم التي اشترطت حصول المواطن السوري على “الموافقة الأمنية” للتملك العقاري في المناطق الحدودية، ظهرت بعد انتهاء الانتداب الفرنسي، وتحديداً في العام 1952، حين صدر المرسوم رقم 193، والذي نصّ على أن مناطق الحدود ستحدد بموجب مرسوم بناء على اقتراح وزير العدل بعد موافقة وزارة الدفاع الوطني.


اقرأ المزيد: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تصدر تقريراً تفصيلياً حول المقاتلين السوريين في ليبيا


وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أنّه من الصعوبة بمكان على المواطن الكردي الحصول على التراخيص الأمنية اللازمة (حتى للعقارات -غير المبنية- والموجودة داخل المخطط التنظيمي)، بسبب “حساسية الملف الكردي” ورغبة السلطات الحاكمة في التضييق عليه قدر المستطاع ودفعه للهجرة (الداخلية أو الخارجية).


واستأنس برأي محامية ممن تعاملن مع هذا الملف تحديداً، حيث جاء في التقرير: "أكدّت إحدى المحاميات الكرديات، من اللاتي عملن بشكل قريب على موضوع “البيع والشراء” في تلك الفترة، على إمكانية حدوث عمليات بيع وشراء للعقارات داخل “المخطط التنظيمي” فقط، حيث أنّ عملية البيع كان تحدث عقب عملية “إقرار في المحكمة”، يليها “وضع إشارة”، وهي كانت بمثابة طريقة لحفظ حقوق الطرفين".


كما أشار إلى ما قالته المحامية التركية، التي أفادت بأنّ "المناطق ذات الغالبية الكردية، هي مناطق حدودية وذات طبيعة ذراعية، وكان من الاستحالة بمكان إجراء أي عمليات بيع وشراء خارج ما يسمّى بالمخطط التنظيمي، بسبب صعوبة الحصول على (الموافقة الأمنية/الترخيص القانوني) لتلك العمليات، حتى ولو حدث إقرار أمام المحكمة والحصول على (عقد بيع قطعي) فقد كان يتم شطب الدعوى في حال عدم الحصول على الموافقة/الترخيص. هذا الشطب، كان يخلق مشكلة قانونية كبيرة جداً، حيث كانت عملية شطب الدعوى تتزامن مع عملية (إزالة إشارة الدعوى)، أي كأنّ الدعوى لم تكن من الأساس. رغم وجود عقد بين الطرفين متضمناً جميع التفاصيل، إلّا أنّ عدم الحصول على قرار محكمة بهذا الخصوص كان يسبب إشكالية للبائع والمشتري.”


ولفت التقرير إلى أنّه منذ صدور المرسوم 193 لعام 1952، ومن ثم تحديد المناطق المشمولة بأحكامه، كان من الممكن تسجيل الدعوى العينية العقارية، أمام المحكمة المختصة ووضع “إشارة الدعوى” على “صحيفة العقار” لمصلحة المدّعي.


كما أشارت إلى أنّه كان بإمكان المحكمة إصدار القرار وفق حيثيات الدعوى، وإن صدر القرار بتثبيت صحة عقد البيع أو تثبيت شراء المدعي للعقار موضوع الدعوى، واكتسب القرار قوة القضية المقضية أي أصبح “مبرماً”، فإن تنفيذ الحكم في دوائر السجل العقاري (أي تسجيله باسم المالك الجديد) يبقى متوقفاً على شرط الحصول على الترخيص/الموافقة الأمنية، فإن حصل عليها صاحب المصلحة يتم تسجيل العقار باسمه وإلا فلّا، هذا ما يمكن فهمه من نص المادة الرابعة من المرسوم 41 لعام 2004، لكن في الواقع العملي كانت الحاكم تلجأ إلى شطب الدعوى بعد الحصول على الإقرار القضائي من قبل المالك أو وكيله القانوني.


اقرأ المزيد: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تصدر تقريرها حول الانتهاكات في عفرين


وأشار إلى أنّ سياسة التمييز التي اتبعت في التطبيق العملي لتلك التشريعات بخصوص عدم منح أبناء المكون الكردي الترخيص الأمني المطلوب، مقابل منحها لأبناء باقي المكونات، يشكل انتهاكاً لمبدأ المساواة بين المواطنين ووجوب عدم التمييز بينهم، والمنصوص عليه في الدساتير السورية المتعاقبة، وكذلك يخالف ما نصت عليه العهود والمواثيق الدولية.


الأكراد


في ختام تقريرها، أوصت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بإلغاء القانون رقم 41 لعام 2004 وتعديلاته المتمثلة بـ المرسومين 49 و 43، ومعالجة آثارها السلبية قدر المستطاع، معتبرةً أن ذلك يكون بإصدار قانون جديد ينسخ كل تلك القوانين السابقة، ويمكن أن يصدر عن هيئة الحكم الانتقالي التي يفترض بها أن تقود البلاد في المرحلة الإنتقالية، التي ستعقب التوصل إلى الحل السياسي المرتقب.


كما طالب بعدم إصدار هكذا قوانين تخالف العهود والمواثيق الدولية، وكذلك الدستور السوري، خاصةً إن كُتِبَ للسوريين أن ينعموا بدستور يحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والمبادئ القانونية المتعارف عليها، مشيراً إلى ضرورة وجود محكمة دستورية تراقب مدى دستورية القوانين، كون المحكمة الدستورية العليا الموجودة حالياً غير قادرة على القيام بهذه المهمة بسبب تشكيلها من قبل رئيس الدولة (السلطة التنفيذية) وتسمية قضاتها من قبله أيضاً، ولعل هذا الأمر هو من صلب مهام أعضاء اللجنة الدستورية المشكلة برعاية الأمم المتحدة وتعمل في أروقتها.


ختاماً أوصى التقرير بتعزيز استقلالية سلطة القضاء، وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتحجيم دور وهيمنة السلطة التنفيذية على القضاء، وهذا الأمر مطلوب تكريسه في الدستور الجديد المزمع كتابته لسوريا الجديدة.


جدير بالذكر أنّ التقرير حمل ممارسات التمييز مسؤولية النتائج الكارثية، التي خلفتها تلك القوانين والتشريعات على المناطق المشمولة بأحكامها من الناحية الاقتصادية، من زيادة نسبة البطالة والركود الاقتصادي، معتبراً أنه كان لها تأثير سلبي كبير على الأهالي من الناحية الاجتماعية وأنّها ولدت شرخاً وكراهية وعدم ثقة بين مكونات الشعب القاطن في تلك المناطق.


وأكّد أنّ عدم قدرة البعض منهم على الحصول على الموافقة الأمنية وبالتالي عدم القدرة على التملك، مقابل السماح لمكون أو مكونات أخرى بذلك بكل سهولة ويسر، ولَّدَ نوعاً من الأحقاد والضغائن، وكذلك شعوراً بعدم الإنتماء إلى هذه الدولة التي تحرمهم من التملك على أراضيها، وكل ذلك كان سبباً في هجرة الكثير من أبناء المنطقة رغبةً في الحصول على سبل عيش بديلة.


ليفانت- سوريون من أجل الحرية والعدالة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!