-
معارضة النظام الحاكم في إيران لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
في الوقت الذي أثار فيه قتل سكان غزة والجرائم المرتكبة بحقهم انتباه الرأي العام العالمي ودفع بالمجتمع الدولي بعد سنوات إلى الاهتمام بحقوق الشعب الفلسطيني والتوجه نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لا يزال نظام الملالي الحاكم في إيران يعارض ذلك، وبدلا من حل الدولتين يضع العقدة أمام المنشار ويطرح حلا غير ممكن بتشكيل دولة واحدة، ولماذا ذلك وهو مدركٌ أن ذلك لن يتحقق في المستقبل المنظور بل والبعيد أيضا.
والسبب هو أنه إذا حل السلام في الشرق الأوسط وحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه فلن يكون هناك عذر للملالي للتدخل في شؤون الدول الأخرى ولن تكون هناك أزمات يناور ويساوم الملالي من خلالها، ولولا فتنتهم للتي شقت صفوف الفلسطينيين لكنا قد رأينا الدولة الفلسطينية المستقلة قائمة منذ عقدين على الأقل، ولم يكن نهج نظام الملالي في يوم من الأيام في خدمة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وإنما في خدمة مصالحه ومصالح الاحتلال الإسرائيلي والغرب وكل معادٍ للقضية الفلسطينية.
وجدير بالذكر أن نظام الملالي ينتهج نهجا عدائيا تجاه الدول العربية بشكل عام، ومنظمة التحرير الفلسطينية بشكل خاص، منذ قيامه رافعا شعار تحرير فلسطين وفتح القدس، وتحت ستار هذا الشعار احتل دول العراق وسوريا ولبنان واليمن حتى الآن ويسعى اليوم إلى احتلال الأردن تحت الشعار ذاته على افتراض أن سوريا ولبنان ليستا حدوديتين مع فلسطين ولن يتم تحريرها إلا من خلال الأراضي الأردنية ونشر العداوة والبغضاء في المنطقة، وقد عناصر ميليشياته بالوكالة تتظاهر على الحدود العراقية الأردنية مطالبة الأردن بفتح الحدود، وماذا لو احتلوا الأردن هل سيحررون فلسطين أم سيهلكون الأردن وشعبه كما فعلوا بالعراق واليمن وسوريا ولبنان، وبعدها لن يكون احتلال الأردن كافيا لتحرير فلسطين ويستوجب الأمر احتلال شبه الجزيرة العربية وبعدها لا داعي لتحرير فلسطين.. هذا هو السيناريو وتلك هي الشعارات، وتُساق المبررات كعادتها من أفواه الحمقى وللأسف هناك من يستمع وهناك من هو قابلٌ للترويض.
يشكل نظام الملالي الحاكم في إيران أكبر التحديات للمنطقة العربية التي تشابكت وتهلهلت ظروفها السياسية منذ أكثر من عقدين من الزمن، وقد كان احتلال المنطقة من بين مخططات خميني ونواياه الانتقامية، كما ترك التاريخ المعاصر الكثير من العبر التي يجب الاستفادة منها في التعاطي مع نظام الملالي في الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة اليوم؛ فبعد خروج القوات العراقية من الأراضي الإيرانية في العام 1982 أطلق خميني شعار «الطريق إلى القدس يمرّ بكربلاء»، ليترجم أهداف مواصلة الحرب ويبررها، ونشرت قوات الحرس آنذاك خريطة سريّة لشرح كيفية تطبيق هذا الشعار على أرض الواقع، وبناء على هذه الخريطة تخرج قوات الحرس من خمسة محاور من الحدود الإيرانية إلى داخل العراق وتتمركز في كربلاء، ومن ثم تتحرّك باتجاه دول المنطقة، ولولا حرب الـ 8 سنوات الطاحنة التي شنها خميني على العراق وتصدى لها العراق في حينها لكانت جميع الدول العربية الأسيوية في قبضة الملالي اليوم متقاسمين المنطقة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وضمن الشواهد على نوايا ومخططات خميني قال قائد الحرس الأسبق وهو يسرد أحد الأحداث: أمرنا خميني بالعودة من جبهة الحرب مع إسرائيل في لبنان من أجل القتال في العراق ذلك لأن طريق فتح القدس يمر عبر كربلاء.. هذا بحسب قول خميني.
ويقول محسن رفيق دوست، القائد السابق للحرس ووزير الدفاع السابق: "بعد احتلال بيروت (من قبل إسرائيل)، عندما انتقلنا إلى بيروت للقتال هناك، بقيت هناك لأشهر وقمنا بإعداد التنظيم، لكن الإمام (خميني) قال "إن طريق القدس يمر عبر كربلاء فارجعوا». (القناة الثالثة لتليفزيون نظام الملالي – 9 نوفمبر).
الملالي يشعلون الحروب في دول المنطقة كوسائل للحفاظ على نظامهم الفاشي
أكد أمير حسين عبد اللهيان، وزير خارجية الملالي في مقابلة تلفزيونية: "إذا لم ندافع عن غزة اليوم فسنضطر غداً إلى التعامل مع القنابل الفسفورية في مدننا". (موقع "ديدبان" الإيراني – 22 أكتوبر).. ومن ينظر في تصريح عبد اللهيان هذا يجده تكراراً لمنطق النظام الإيراني ورأسه في إيران، وهذا يعني وبكل وضوح أن النظام يقوم بإجراءات استباقية من شأنها خلق أزمات وجعل الآخرين دروعاً لحمايته من السقوط والزوال، ومن يسمع كلام عبد اللهيان قد يعتقد فعلا أنهم دافعوا عن غزة وقد شهد العالم كله كيف خذلوا غزة وتآمروا عليها وجعلوا منها وأهلها قرابين فداء لخامنئي ونظامه.
وفي السياق ذاته، قال خامنئي ولي فقيه النظام الحاكم في وقت سابق: "لو لم تقاتل هذه القوات (قوات الحرس) من أجل حماية حكومة بشار الأسد في سوريا وذبح الشعب السوري، لدخل هذا العدو البلاد.. ولو لم يتم إيقافه لكان علينا أن نقاتلهم هنا في كرمانشاه وهمدان وغيرها من المحافظات ونوقفهم" (موقع "تسنيم" التابع لقوة القدس الإرهابية - 5 فبراير 2016).
تجاهل الشعب الإيراني لسياسات الملالي المثيرة للحروب وشعارات النظام المخادعة وادعاءاته بدعم فلسطين، وفرض عزلة تامة على النظام وانتفض عليه ساعياً لإسقاطه حتى بات النظام في الداخل قاب قوسين أو أدنى من السقوط إلا أن الغرب والعرب يقومون بإعادة الحياة إليه من خلال التطبيع والدعم المالي والسياسي، وهنا نرى مبرراً لدعم الغرب للملالي؛ لكننا لا نرى في دعم العرب للملالي أمراً معجلا بدمار العرب.
- أهداف النظام الإيراني من التحريض على الحروب في المنطقة
- إرباك المنطقة والتوسع فيها والهيمنة عليها.
- نقل صراعاته خارج أراضيه والقفز على أزماته الداخلية بخلق أزمات إقليمية وعالمية.
- قلب أنظمة الحكم في المنطقة على النحو الذي يبتغيه الملالي كما هو الحال في العراق واليمن ولبنان وسوريا.
وبهذا الشأن، قال أمير حسين عبد اللهيان، وزير خارجية النظام في مقابلة مباشرة له على شاشة تليفزيون النظام في 17 أكتوبر: "تنصب كل جهودنا حول ضمان الأمن القومي للبلاد وأمن المنطقة، وكل الإجراءات تتم في هذا الإطار.. وبالنسبة لنا هي فرصة ليتوقف الصهاينة داخل بيوتهم".
مخططات نظام الملالي
كتب موقع الدبلوماسية الإيرانية التابع للنظام في 26 نوفمبر:"يجب على جمهورية إيران الإسلامية باعتبارها قوة إقليمية مؤثرة أن تسعى إلى ممارسة النفوذ والضغط على الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي وتشجيعهم على اللعب على الأرضية المشتركة في الوضع الحالي، وقد أدى التحريض القوي للرأي العام العالمي ضد أعمال إسرائيل المعادية للإنسانية في غزة إلى خلق بيئة مناسبة لإيران للعمل في هذا المجال".
في 20 يونيو، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا) عن خبير للنظام في شؤون غرب آسيا يدعى هاني زاده قوله: «سنشهد في المستقبل مواجهة جدية ومشتركة (حرب) بين فصائل المقاومة مع الكيان الصهيوني، وفي الواقع سيتم إنشاء جبهة واسعة في المنطقة ضد الكيان الصهيوني، وفي هذا الصدد أقام إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس التابع للحرس فعالية لحل الخلافات والتنسيق بين المجموعات التابعة للنظام في المنطقة وكان لها هدفان:
- أولاً: حل بعض الخلافات الميدانية والسياسية ووضع استراتيجية واحدة لمواجهة العدوان الصهيوني.
- ثانياً: تشكيل غرفة حرب وجبهة مشتركة من سوريا والعراق ولبنان والأراضي المحتلة ضد عدوان الكيان الصهيوني».
كثف نظام الملالي الغارق في الأزمات الداخلية وغير القادر على حل أي من أزمات إيران الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، من عمليات القمع والإعدام داخل إيران خوفاً من الإطاحة به، ويروج في الوقت ذاته للحروب في المنطقة لنقل أزماته إلى الخارج، وفي حين يعاني الشعب الإيراني الفقر والجوع والبطالة وغلاء المعيشة ينفق نظام الملالي مليارات الدولارات لتعزيز قواته القمعية في مختلف محافظات إيران، وقد قال قائد قوة الشرطة في محافظة سيستان وبلوشستان حيث يعيش البلوش السنة سيتم هذا الأسبوع: "تجهيز وحدات الشرطة في مقاطعة سيستان وبلوشستان بناقلات أفراد ومركبات مدرعة" بمعنى أن أهالي محافظة سيستان وبلوشستان تنتظرهم عمليات قمع وحشية أكثر من تلك التي وقعت عليهم.
نظام قمعي شوفيني يتسلط على إيران ويبيد الحرث والنسل، ويريد اليوم الهيمنة على المنطقة ونقل أزماتها وتنفيذ مخططاته فيها وراء ستار (تحرير القدس).
ليفانت - د. سامي خاطر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!