-
لماذا يتم العفو عن ضباط النظام السابق.. وماسر وثيقة المخابرات
-
وماهو القرار الدولي السري الذي اتُخذ اثناء معركة حماه، وماذا ُطلب من الجولاني مقابل حكم دمشق

بعد دخول الجولاني الى دمشق وبهجة الشعب السوري بفرحه التحرير التي لم تستمر حتى تفاجأ السوريون بتصريحات الجولاني بالعفو عن المجرمين ورفع شعار اذهبوا فانتم الطلقاء وبفتره ليست بعيده عن هذه التصريحات بدا في الظهور اعلاميا مجموعه من المجرمين من اتباع فلول النظام الذين تم توثيقهم بارتكاب مجازر بحق المدنيين السوريين امثال المجرم فادي صقر المتورط في مجزرة التضامن، والذي تم العفو عنه من قبل حكومه الجولاني وتعيينه رئيس لجنه السلم الأهلي في الساحل السوري والذي قام الأخير بالتسويه عن مئات المجرمين من فلول النظام والتوسط لهم عند هيئه تحرير الشام.
مما أثار غضباً شعبياً سورياً بسبب التهاون بدماء السوريين الأبرياء التي سفكت على يد هؤلاء المجرمين. ولم يكتفِ الجولاني وحكومته بإصدار العفو والتسويات على المجرمين، حتى بدأ بإطلاق سراح ضباط وعسكريين وأمنيين من أتباع نظام الأسد ونشرهم في المجتمع السوري.
لماذا يلجا الجولان الى فعل هذا؟
حتى نسرد الإجابه يجب علينا ان نعود بالتاريخ إلى الوراء حتى نفهم جيداً ما يحصل الآن على الساحة السورية.
في منتصف عام 2011، أصدر نظام الأسد عفوًا رئاسيًا شمل عددًا كبيرًا من الإسلاميين المعتقلين في صيدنايا، بينهم زهران علوش وآخرون أصبحوا لاحقًا قادة في جيش الإسلام، أحرار الشام، وجبهة النصرة.
كان الهدف من هذا العفو سياسيًا بامتياز: دفع الثورة نحو الطابع الجهادي، وتحويلها إلى صراع طائفي لتبرير قمعها، وإجبار المجتمع الدولي على الاختيار بين النظام أو "الإرهاب"، ما سهّل على الأسد استعادة شرعيته الدولية تحت شعار "محاربة التطرف".
منذ إعلان جبهة النصرة عن نفسها في سورية عام ٢٠١٢ ببيان تبنت فيه عملية تفجير إرهابية قرب أحد الفروع الأمنية، كانت الشكوك بأن تلك العملية من تدبير المخابرات ذاتها، وقد تعززت تلك الشكوك عندما نُشرت إحدى وثائق المخابرات التي تأمر بتنفيذ العملية، بعد سقوط النظام.
فقد باشرت على ما يبدو أعمالها في سورية بتنسيق مع مخابرات النظام العسكرية، نظرًا لحاجة النظام إلى إلصاق تهمة الإرهاب بالثورة السورية، ولِقطع الدعم الغربي والعربي عن الجيش الحر، تلك العمليات أعطت التنظيم الجديد شعبية جعلت الكثير من الإسلاميين ينضمون إليه، وجذب الكثير من المتطوعين الخارجيين أيضًا، بعد زيادة عددها ونشاطها عملت خلف الجيش الحر وضده ولم تحرر سوى المحرر، ثم انفصلت جبهة النصرة بزعامة الجولاني عن أبو بكر البغدادي، بمبايعتها للقاعدة والظواهري، عندما كان الاتحاد الأوروبي بصدد رفع حظر توريد السلاح للمعارضة، قاتلت جبهة النصرة الجيش الحر في الجنوب وفي الشمال، وتصارعت مع داعش في الشرق وهزمت هناك وزادت من نشاطها في الجنوب لكنها أُجبرت على الرحيل نحو الشمال عندما توضّح دورها الخياني، وقد تم نقلها بسيارات تابعة لحزب الله من الجنوب للشمال (المقاتلين وعتادهم وأسرهم)، وهناك اضطرت للتحالف مع أحرار الشام نظرًا لضعفها، تحت عنوان جيش الفتح، وما إن استتب لها الأمر حتى حاربت فصائل الشمال وإدلب، وقتلت منهم الالاف، وبعدها قامت بتفكيك أحرار الشام وضمها لها وأصرت على فك حصار حلب، فدخلت من فتحة تركها لها النظام عبر مدرسة المدفعية الحصينة ودخل ٥٠٠ مقاتل منها لحلب، كانت السبب في تبرير القصف الهمجي الروسي لحلب وبالتالي سقوط حلب بتوافق مع محور سوتشي، ثم أصرت على المشاركة في الدفاع عن ريف حماة واستلمت تقاطعًا في خان شيخون، سرعان ما سلمته وانسحبت منه مجبرة بقية المدافعين على التراجع خوفًا من الحصار، وكذلك سلمت مناطق شرق السكة للنظام، ثم ساهمت بتسليم سراقب ومعرة النعمان، وتحوّلت لهيئة تحرير الشام التي حكمت إمارة إدلب.
وطبعا قاتلت معظم الفصائل في الجنوب ودمشق وريف دمشق، وفي حلب وإدلب، أما الفصائل الإسلامية التي تحالفت معها فسرعان ما غدرت بها وفككتها، قضت قضاء مبرما على جبهة ثوار سورية وحلفائها في إدلب، وعلى حركة حزم والفاروق في حماة وحمص، وقضت على أحرار الشام، كذلك تصارعت مرارا مع جيش الإسلام، واستمرت في ملاحقة الثوار واعتقالهم وإعدامهم حيث بلغ عدد ضحاياها ٢٠ الف ثائر، قسم منهم غيّب في سجونها.
وأهم خدمة قدمتها الهيئة للنظام كان اختطاف راهبات معلولا، ثم خطف جنود لبنانيين مما برر تدخل حزب الله، كذلك تفجيرات في برج البراجنة في بيروت ذهب ضحيتها العشرات، وقد كان سقوط حلب بسببها، وكذلك خان شيخون وتسليم شرق السكة، ثم سراقب والمعرة.
حتى انطلاق عملية ردع العدوان.
وعندما اصبحت سوريا ساحه لعب كبير لايران التي اعتبرت سوريا ولايه ايرانيه تابعه لها خرج الوضع عن سيطره بشار الاسد الذي استاءت اسرائيل منه ومن سياسته التي سلمت القرار الفعلي لايران ولم يكن هناك في هذه الفتره اي اتفاق دولي على رحيل الاسد او ايجاد البديل عنه الا بعدما وصلت قوات الفصائل السوريه الى مدينه حماه وهي المدينه الوحيده التي شهدت اشتباكات لعده ايام، وكان اثناء هذه المعركه يوجد مناقشات بين دول صناع القرار هل ستمنع تقدم هيئه تحرير الشام ام تسمح لها بالوصول الى باقي المحافظات حتى دمشق وبعد الضغط على ايران في ملفها النووي وانسحابها من حلب وتوقف روسيا عن دعم الاسد ونظامه المتاكل و والضربات القوية التي وجهتها إسرائيل إلى الحزب في لبنان ومقرات الحرس الثوري الإيراني.
سقط نظام الاسد وتم تسليم محافظة حمص ودمشق إلى هيئة تحرير الشام التي تم اخذ ضمانات منها بعدم ملاحقة فلول النظام واصدار العفو العام واتُخذ القرار اثناء معركه حماه وبذلك نستطيع أن نفهم أن الجولاني يقوم بتنفيذ مهمه موكلة له دوليا ودخوله الى دمشق كان بسبب اتفاق مقابل العفو عن فلول النظام وليس لانه حرر دمشق من نظام الأسد.
ومن المفترض ان يقود الجولاني مرحله عداله انتقاليه تضمن محاسبه مرتكبي الجرائم في حق الشعب السوري لا ان يتحول الى غطاء قانوني لهم، لكن ما يحصل على ارض الواقع يمثل خيانه واضحه لهذه المبادئ ويعكس نهجا انتقاميا.
وما تبرره حكومه الجولان ان اطلاق سراح الضباط النظام هو لعدم استفزاز منظمات حقوق الانسان او لمنع انفجار داخل طائفي لا يصمد هذا التبرير امام الحقائق فهؤلاء ليسوا معتقلين سياسيين بل مجرمي حرب بملفات دامغه مسؤولين عن التعذيب والاعدام في سجون صيدنايا الذي اصبح ايقونه الاجرام لنظام الاسد.
فهل يعقل ان نقنع الضحايا بان الافراج عن جلاديهم بسبب منظمات حقوق الانسان ان العداله لا تتحقق بارضاء الخارج بل باحقاق الحق داخليا وان كان الجولاني يخشى تقارير حقوق الانسان فليؤسس محاكمات شفافه وليس الافراح السري عن مجرمين يعيدهم الى الشارع السوري.
سيناريو الأسد، يعيده الجولاني
ان قضيه الافراج والعفو عن المجرمين من اتباع النظام الاسد من الضباط والامنيين ليس بطريقه حقوق الانسان والتسويه مقابل المال بل الامر اخطر من ذلك بكثير هؤلاء الضباط ليسوا مجرد عناصر او امن او مجرمين عاديين بل ضباط مخابرات وقاده كتائب ومسؤولون عن فرق موت خلال حكم الاسد ويملكون خبرات ميدانيه في تشكيل خلايا نائمه والتخطيط للاغتيالات،
الجولان يعلم انه محاصر سياسيا وشعبيا مع غياب اعتراف خارجي لحكومته فانه يبحث عن ادوات لضرب اي مشروع سياسي بديل قد يخرج من رحم المعارضه او من حتى داخل الهيئه.
ومن خلال الافراج عن ضباط نظام الاسد يعيد الجولاني تمكينهم لكنه يلبسهم ثوبا جديدا يسمح لهم بالتغلغل في مفاصل الدوله الجديده واحداث اختراقات مستقبليه قد تؤدي لاسقاط اي سلطه لاحقه لا ترضيه وبفضل خبرة هؤلاء الضباط الامنيه والعسكريه يبدا هؤلاء بانشاء شبكات سريه في المدن خاصه في مناطق الساحل العلويه،
ويعيدون الاتصال بعناصر نائمه من النظام القديم وكون ايران لا تزال تبحث عن اختراق جديد في اي سلطه سوريه جديده فهؤلاء الضباط قد يكونون حصان طرواده لعودتها مجددا الى سوريا.
فما غايه الجولاني من كل هذا الفساد والاضطرابات الأمنيه؟
لنعود الى العراق بعد صدام حسين حتى تتضح الصوره عندما حُل الجيش العراقي لم تتم محاكمة كبار الضباط بل اُفرج عن بعضهم لاحقا وكثير منهم كانوا خلف تاسيس تنظيم داعش وعلى راسهم الضابط البعثي (حجي بكر) الذي وضع الهيكل الامني لداعش في الموصل، وفي سيناريو ليبيا الكثير من قاده ميليشيا طرابلس والغرب الليبي حاليا هم ضباط سابقون في مخابرات القذافي البعض منهم عملوا على اغتيال رموز الثوره، وفي اليمن بعد مقتل علي عبد الله صالح ضباط مخابراته شكلوا خلايا عملت مع الحوثي لاسقاط مارب ومناطق الجنوب مستغلين معرفتهم بالبنيه العسكريه اليمنيه وكذلك ما حصل في السودان بعد الاطاحه بعمر البشير ضباط من جهاز امن الدوله شكلوا ما عرف بكتائب الظلم ونفذوا عمليات اغتيال ناشطين وعرقله اي مسار ديمقراطي.
ان الجولاني لا يبني دوله بل يزرع شوكا في طريق الدوله القادمه ويريد ابراز نفسه امام الشعب انه المخلص المنتظر لهم في حال بدا الرفض الشعبي له وذلك عبر التلاعب بوتر الحاكم السني الوحيد المنقذ لهم من محاولات انقلاب من ضباط حلول النظام او اي معارضه عسكريه اخرى ضده حتى لو كانت من الحاضنه السنيه.
ومن مبدأ إن لم ابقى في السلطه فسأشعل البلد واحولها الى جحيم من الارهاب، كما قالها نظام بشار الاسد عندما رفع شعارات (الاسد او نحرق البلد) يعيد اليوم الجولاني نفس السيناريو خطوه بخطوه.
فكما أطلق بشار الاسد الإسلاميين من صيدنايا وخلق وحشاً إرهابيا داخل الثوره لتدميرها من الداخل ولإرهاب الداخل والخارج فيظهر النظام نفسه لاحقا كضمانة للاستقرار،
و يطلق اليوم الجولاني الضباط والشبيحه الذين يمتلكون خبرات امنيه عسكريه لتنفيذ مخطط فوضى جديد اذا تم اسقاط نظام الجولاني فكما اظهرت وثيقه المخابرات التنسيق السري بين مخابرات نظام الاسد مع قاده المتشددين الذين يستخدمون الاسلام لمصالحهم الشخصيه ومع المعطيات التي تجري على الساحه السوريه اليوم يبرز لنا انه كان هناك اتفاقيه سريه لتحويل الثوره الشعبيه السوريه الى ساحه ارهاب وفوضى وهذا ما قاله بشار الاسد قبل هروبه بساعات عندما تحدث في مكالمه هاتفيه قائلا سيندمون كثيرا اي الشعب السوري يقصد.
_هل الجولاني يعبئ الفراغ الذي تركه بشار الاسد؟
_وهل كان حقاً يوجد تواصل بين الجولاني والنظام السوري؟
هناك شكوك مبررة بأن النظام هو من أرسله للعراق قبيل الغزو الأميركي، عبر مشايخ وأئمة مساجد سمح لهم بالدعوة للجهاد دفاعاً عن العراق، أشهرهم أبو القعقاع (قول أغاسي) ومنهم شيخ جامع كان يصلي به الجولاني يومها، لكن النظام العراقي سقط سريعاً فعادوا، ثم أُعيد تنظيمهم وإرسالهم مرة أخرى ضمن خطة استنزاف الاحتلال الأميركي كي لا يخطو الخطوة التالية نحو دمشق.
معظم العمليات التفجيرية في العراق كانت بسيارات تفخخ في سورية ويقودها جهاديون يدخلون بها للعراق، وهذا ما دفع نوري المالكي لتقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي ضد سورية يومها متهماً إياها بتدمير دولة العراق عبر مقاتلين إرهابيين تدربهم وترسلهم، فقد كانت سورية البوابة الرئيسية لدخول وإمداد حركات المقاومة الإسلامية في العراق بدءاً بأبو مصعب الزرقاوي وعشرات الآلاف غيرهم من كل الدول، كل تنظيمات المقاومة الإسلامية في العراق كانت على علاقة بمخابرات النظام السوري، بما فيهم النصرة وداعش، وما تزال.
عندما عاد الجولاني عام ٢٠١٢ احتضنه فرع الأمن العسكري، وساعده، وبقي حريصاً على دعمه وتسليمه بعض مخازن الأسلحة، وإعطائه انتصارات رمزية، ولم يستهدفه ولا مرة رغم قصفه الهمجي لكل ما عداه، فالنظام السوري لم يقاتل النصرة ولا داعش، ولا هيئة تحرير الشام، ولم يستهدف الجولاني ورفاقه ولا مرة طيلة ١٣ عاماً من الحرب المزعومة بينهما.
حتى قام نظام بشار الأسد بتسليمهم مقاليد السلطة يداً بيد في عملية ردع العدوان التي كانت مدبّرة ومتفق عليها، ضمن فيها رموز النظام خروجهم آمناً، وضمن فيها أتباعه المقربين بقاءهم بالحفظ والصون كما يظهر حالياً، الشبكة المالية التي كان يستخدمها النظام، هي ذات الشبكة التي كانت تمول الهيئة، وهي اليوم تعمل كما كانت برموزها ومؤسساتها.
باعتراف خالد الأحمد مستشار بشار الأسد لصحيفة أجنبية قال إنه زار الجولاني عدة مرات في إدلب وكان يُستقبل هناك بالحفاوة، وهو اليوم عرّاب المصالحات ومقرب من الجولاني، هو والمجرم فادي صقر، كما وأن سامر فوز ومحمد حمشو ما يزالون على رأس أعمالهم بحراسة أمنيات الجولاني ذاته الذي صار شريكهم الجديد ومشغلهم هو وإخوته الأربعة ومقربيه وذويهم من عدلاء وأبناء خالة وعمة، منظر السلطة اليوم يقول إن النظام بقي كما كان لكن بتبديل شخص الرئيس فقط.
ليفانت: نتانيا مردخاي
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!