الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • انفضوا من حوله بعد غلظة.. ملالي إيران تحت وطأة العزلة الداخلية يصلون خلفه غير مؤمنين به

انفضوا من حوله بعد غلظة.. ملالي إيران تحت وطأة العزلة الداخلية يصلون خلفه غير مؤمنين به
د. محمد الموسوي

يحضرني قول الله تبارك وتعالى: فبما رحمةٍ من الله لِنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. صدق الله العظيم.

فبما رحمةٍ من الله لنت لهم، والرحمة التي رافقت نبي الإسلام نبي الرحمة رافقته بقلب لين نقي وبرسالة الإسلام السمحاء، وذاك هو رسول الله محمد الذي عُرِف قبل النبوة بالصدق والاستقامة والتسامح وحسن الخلق وكانت نبوته تتمة لمكارم الأخلاق، ورغم ادعاء خامنئي ورهطه بالولاية لآل البيت الأطهار إلا أنهم أبعد ما يكونون عن قيم الإسلام وسنة رسول الله وأخلاقه صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى نهجهم الذي ينتهجونه لم تكن هذه الرحمة الإلهية لترافقهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا لأنفسهم ظالمين.

من المعروف أن كلمة إمام كلمة كبيرة وذات مدلول قيادي وروحاني وفي أصلها وأساسها تعني رأس الأمة الذي يؤم العباد وتهتدي خلفه مقتدية به مؤمنة بأهليته وصلاحه، أما في حالة نظام الملالي فهناك إمامين؛ إمامٌ من آل بيت رسول الله الأطهار يستخدمون اسمه ليخادعون الناس ويعبثون بمشاعرهم، وإمام آخر من زمرتهم يرتدي عُدة الدين ويستخدم عتاده للترويج للنظام السياسي دون تثقيف وتوعية دينية وأخلاقية ودون أدنى اهتمام بعملية متابعة أوضاع المجتمع والسعي إلى إصلاحها، ويصلي بالناس ولكن دون إيمان به كإمام جماعة يصلح لصلاة الجماعة، ويصلون خلفه بعد خطبة الجمعة الاستعراضية التي لا تتخطى المطلوب من الشعب وترويضه لصالح النظام، ولذلك ما أن تنتهي الصلاة يخرج الناس منفضين هاربين من موقع حملة الخداع النفسي التي طالت نصف ساعة أو أكثر ولم تتناول أي شيء من هموم الناس والحياة الكارثية التي يعيشونها فكثير من الموظفين والمعلمين وغيرهم يعملون قرابة 20 ساعة يومياً حتى يتمكنون من تلبية الحد الأدنى من الأدنى للمعيشة ولا يوجد وقت لدى فقراء الشعب حتى للنوم الكافي، وأغلبية الشباب صغار السن يعملون ليل نهار بنفس القدر حتى الأطفال تم زجهم إلى أتون العمل المُهلِك من أجل الحياة، وأما الحاضرون بدافع ديني عقائدي فهم قلة والأغلبية من الحضور مستمعون تم تعبئتهم من داخل المناطق وعناصر للبسيج والحرس وذويهم، ونتيجة لذلك كله بات وضع الملالي من الناحية السياسية في إيران مشيناً ومخزياً إلى درجة أن المُلا دري نجف آبادي ممثل خامنئي في محافظة مركزي توسل إلى مستمعيه وليس المصلين خلفه لأنهم لو كانوا مصلين خلفه لاستمعوا له دون ترجٍ أو توسل؛ توسل إليهم قائلا سنسير 100 أو 200 متر بعد صلاة الجمعة من أمام المُصلى بعشرة خطوات ونقول الموت لإسرائيل الموت لأمريكا وهذا عمل عصامي ولن يُكلف شيئاً؛ عند النظر إلى هكذا موقف وتحليله نجد أنه لم تعد هناك ثقة ولا قناعة بالنظام حتى في أوساط المحسوبين عليه ولا يربطه به عقيدة دينية أو سياسية وإنما يربطهم به المصالح أو شراكة المصير الأليم في حال وقوع النظام من على ظهر بعير السلطة، ويذكرني الموقف الحرج المثير للشفقة الذي مر به هذا المُلا دري نجف آبادي بذيول الملالي في العراق الذي تسلطوا على العراق بدعم غربي وبهيمنة الملالي على العراق بعجز ذيول الملالي طيلة السنوات الأولى لاستلامهم السلطة في العراق عن تعبئة ألف شخص يحضر مؤتمراتهم داخل مدينة بغداد في حين كانت منظمة مجاهدي خلق في مخيم أشرف بالعراق تحشد قرابة الـ 45 ألف شخص لحضور أحد مؤتمراتها في محافظة ديالى العراقية وكان الحضور من محافظات: ديالى، وبغداد، وبابل، والأنبار، وكربلاء، والديوانية، وصلاح الدين وسائر المحافظات، والحضور من مختلف الأوساط الشعبية سنة وشيعة وعرب وأكراد وتركمان ومسيحيين وشباب ومسنين ونساء ورجال؛ والفارق والمقياس هنا هو عامل الشرعية.  

شعارات كبيرة الحجم

رفع نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران شعارات أكبر من حجمه في مسيرته السياسية العبثية ولم يستطع إدراك هذه الشعارات والسير بها بشكل موفق بل قام يتعثر بها ويتنقل من عثرة إلى حفرة ومن هذه إلى أخرى، ولم تكن عباءة الإسلام التي تلحفوا بها تليق بهم بل تليق بأهل العلم والتقوى والعدل، وقد كانت عباءة واسعة عليهم طويلة فضفاضة وكأنها عباءة عملاق يرتديها طفلٌ بالأمس كان يحبو واليوم مشي لتوه لا يعرف للعباءة قيمة ولا معنى ولا يقوى على ارتدائها ولا السير بها ونتيجة المكابرة والسير بها كانت الهلاك وتلك هي نهاية مسيرة كل مدعٍ مخادع، وسرعان ما أقام الشعب عزلة بينه وبين نظام الملالي غير مبالٍ به وبنهجه ورافضاً له ولشعاراته ولولا دعم قوى المهادنة والاسترضاء في الغرب للملالي وسماحهم بالبطش بالشعب وبالتوسع بالمنطقة لكانوا اليوم في عداد الأموات وذكرى سوء في سواد التاريخ.

كان لخروج الملالي عن الدين الذي يدعون به الأثر الأكبر في العزلة القائمة بينهم وبين الشعب بجميع فئاته ومن بينهم فئة كبيرة من الموالين لهم ولولا انتفاعهم منهم لتركوهم وهنا قد تُصبِح نسبة الـ 4% المؤيدة للنظام والمستفيدة منه بحسب قول قاليباف رئيس مجلس النظام قد تُصبِح وتتحول من 4% إلى 1%، وانطلاقاً من إدراك الملالي لاضمحلالهم داخلياً وأنهم قاب قوسين أو أدنى من الزوال سعوا منذ بداياتهم إلى التمدد خارجياً تارةً بشعار الدين المحمل بالأموال، وتارة باللعب على الوتر الطائفي واثارة القلاقل في أوساط الشيعة بالمنطقة من جهة، ثم العودة وإبراز التعاطف معهم من جهة أخرى والأمثلة على ذلك كثيرة، ولم يستطع الملالي بناء شرعية داخلية لهم ذلك لأنهم سلبوا سلطة الشعب بالخداع والدم الذي روى أرضية الشوارع وأروقة السجون ومواقع مقاصل الإعدامات وما زال الأمر قائماً على هذا النهج، كذلك لم يستطيعوا إيجاد موقع قبول لهم في المنطقة وفي العالم الإسلامي بسبب فكرهم العبثي المتطرف الذي يمسّ بشكل مهين بقيم وعقائد الغير؛ أضف إلى ذلك نهجهم التوسعي الذي بدأ بلبنان وفلسطين وسوريا ووصل اليوم إلى البحرين واليمن والعراق والسعودية ويسعى لقنص الأردن، وانتهى التمدد اليوم باحتلال وسلب إرادة أربعة عواصم عربية وشق صفوف الفلسطينيين وإبادة غزة وقتل الشرعية الفلسطينية وتحقيق مآرب الغرب بالمنطقة، ونقل صراعاته من الداخل إلى الخارج ومطارحة الغير على غير أراضيه وبعيداً عن ميادينه.

لا يملك نظام ولاية الفقيه في إيران مقومات البقاء.. فمن وراءه؟

ليس الحال الذي عليه نظام الملالي الآن بجديد سلطة غير شرعية ونهج أهوج دموي قمعي، وسياسة متخبطة، وحكومة مزاجية رعناء يقودها الأشقياء والمتردية والنطيحة، وكل خط فيها يدور في عالمٍ بمفرده، ولولا إدارة الشعب للسوق ومعظم مناحي الحياة لهلك الملالي من أول شهر لهم في السلطة، وقد دخلوا مع القوى الوطنية في حرب طويلة دامية بسبب استماتتهم على السلطة والحكم، وكان من الممكن أن تكون نهاية هذه الحرب هلاك الدولة الإيرانية المعاصرة وزوال كل تضحيات الشعب الإيراني على مدار أكثر من 100 عام من الثورات والإصلاحات المتواصلة؛ ومَن كان مِن الغرب داعماً للشاه هو من جاء بالملالي إلى سدة الحكم ولا زال يدعمهم حتى اليوم ليُكملوا دور الشرطي الشقي بالمنطقة، وها هم يكملونه على حساب الشعب الإيراني وشعوب المنطقة وها هي أربع دول عربية آيلةً للزوال بفضل الملالي والغرب الداعم لهم.

حال المنطقة العربية والشرق الأوسط اليوم حالٌ مبكي ومُحزِن ويستحق مراجعة كافة الحسابات مع نظام الملالي الذي فقد شرعيته كلياً داخل إيران، ولم يعد مرغوباً فيه في البلدان العربية التي يحتلها، وإذا تحدثنا عن حجم ولاء الشيعة له على سبيل المثال في العراق فأغلبية شيعة العراق يرفضونه منذ عام 2005 ويتزايد هذا الرفض ويشتد حتى يومنا هذا.. وقد رفض ثلاثة ملايين شيعي عراقي بالغ من أبناء وسط وجنوب العراق في بيانٍ رسمي لهم رفضوا نظام الملالي ووصفوه بخنجر مسموم في خاصرة شيعة العراق، ورحبوا بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل سياسي في إيران إدراكاً منهم لأسباب سوء أوضاعهم وأوضاع المنطقة، وكذلك رغبة منهم في عراق أفضل لن يكون إلا بزوال نظام الملالي وذيوله من الوجود، وقد كان هناك شهود دوليين على هذا البيان الذي تم نشره في حينها.

واليوم لا يملك نظام ولاية الفقيه في إيران أدنى مقومات البقاء في السلطة، ومنذ سنين طوال والنظام يبرر تمويله للإرهاب، ولمخططاته الخارجية لكنه لا يجد آذاناً صاغية لما يقول إلا في بعض الأوساط الضحلة هنا وهناك، ولا وسيلة أمامه سوى القمع والعنف والقتل والخداع والمساومة والابتزاز من أجل الاستمرار في السلطة، واليوم نعيد ونتساءل من يقف وراءه؟ والجواب؛ يقف تيار المهادنة والاسترضاء الغربي وراء نظام الملالي بكل تأكيد والكثير من الشواهد دالة على ذلك؛ لكن بقاء هذا النظام في إيران لم يعد سوى مسألة وقت وبات سقوطه الحتمي قاب قوسين أو أدنى، ولو تبلورت إرادة عربية تكتيكية من أجل إقامة إيران جديدة حرة وديمقراطية وغير نووية لكان ذلك من أفضل الخيارات التي تحتاجها المنطقة من أجل الخلاص من أكبر أزماتها والتوجه نحو التنمية والاستقرار.. فما مصير مشاريع التنمية في منطقة مهددة بنيران الفوضى بين الحين والآخر.

د. محمد الموسوي   

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!