الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
مصير المعارضة السنّية إلى أين؟
حسين أحمد

بداية لا بد من التوضيح بأن الجغرافية السورية واحدة والكل يتأثر ببعضهم البعض من الناحية السياسية والعسكرية, ولذلك كما يحدث الآن في إدلب ومناطق أخرى في سوريا، وما يحدث في أية بقعة من سوريا يؤثر على مجملالأوضاع السياسية في سوريا وبالتالي يؤثر حتى على المناطق الكردية وخاصة حالات النزوح التي يحصل إزاء الحرب الدائرة في إدلب وحلب من قبل النظام وروسيا والذين يتوجهون إلى الأراضي التركية ومن ثم يعودون لاستيطانهم في المناطق الكردية بهدف إحداث تغيير ديمغرافي لسكان هذه المناطق الأصليين .




وأكدت الأمم المتحدة نحو 350 ألف سوري معظمهم من نساء وأطفال نزحوا من إدلب إلى مناطق قرب حدود تركيا منذ 29 ديسمبر. وإن تركيا تريد تطبيق هذه الإستراتيجية مع الفصائل الراديكالية التي سلمت أمرها للأمن القومي التركي, وكذلك النظام في دمشق الذي يمارس كافة الضغوطات العسكرية لتهجير السكان في المناطق التي تزعم بأنها حررتها من الإرهابيين خاصة تلك المساحات التي تمثل العمق السنّي كـ حلب وحماة, وريف إدلب, فكل هؤلاء وكل هذه العوامل تؤدي إلى تغير ديمغرافي في المناطق الكردية. وان أغلب هذه العناصر التي تنتمي إلى تنظيمات مسلحة راديكالية تأتي إلى تل أبيض (كري سبي) و(سري كانيه) رأس العين، ينفذون سياسات تركيا على الأرض وهذه المعارضة السنّية لا تدري كيف تمضي بمصيرها إلى التهلكة ما بين مقتول ومهاجر ونازح في إدلب، وبالنهاية ستتثقف هذه التي تدعي المعارضة الثقافة التركية, وهي ثقافة سطحية, لا دينية, ولا علمانية لدرجة الإشفاق عليها.


وبعد عقود من الزمن سينسى هذا "السنّي" السوري إنه عربي بحت وقد تعلم اللغة التركية حتى أنه سيعتقد بأن لا منفذ له إلا بوابة تركيا ولا تعليم له إلا تعلّمه اللغة التركية، و لا مسجد له إلا وهو يصلي خلف أئمة الجوامع الأتراك، وسيأتي اليوم الذي سينسجمون فيه مع الأتراك شانهم شأن لواء الاسكندرون، وبهذا سيتم مرة أخرى تمييع القومية باسم الدين، وبالتالي إلغاء التعصب القومي والديني، حيث الديانة علمانية في الظاهر لكنهم يفطرون على "العرق والبيرة" والمفطر يؤجل عشاءه لحين آذان المغرب احتراماً للصائم وهو بالأساس مفطر. لا ننسى أن تركيا تريد إنهاء المسألة الكردية والنظام يريد إضعاف وجود السنّة في العمق السوري ولكن الحل يكمن في أن تنتهي كل هذه الفصائل المتطرفة الراديكالية منها جبهة النصرة، وهيئة تحرير الشام وأحرار الشرقية وكل الفصائل التوحيدية، وأن يتم انفكاكها مع تركيا والعودة إلى الحالة الوطنية السورية وخاصة ما تبقى من الجيش السوري الحر وانفكاكه أيضاً من تركيا والانخراط ضمن الثورة السورية حيث ثبت أن الكثير من هذه التنظيمات الراديكالية في شمال شرقي سوريا أصبحت مرتزقة تحت الطلب, والدليل على ذلك كيف يقبلون على أنفسهم بأن يذهبوا إلى ليبيا لقتال إخوتهم هناك، كيف سيقبلون بشركائهم من الكرد وغيرهم مقابل حفنة من الدولارات.




إن المعارضة السورية وعبر الاجتماع الذي حصل في رياض في 27- 28 - 2019 لانتخاب المستقلين لقوى الثورة والمعارضة السورية, وأحداث أخرى خاصة تلك البيانات التي أصدرتها هيئة التفاوض العليا, ومؤتمر نصر الحريري ثمة إيحاء واضح بأن هناك انشقاق سيحدث في جسم الائتلاف سياسياً, وهذا الانشقاق بالتالي سيخلق كتلتين كتلة برعاية قطرية وتركية وكتلة أخرى برعاية خليجية وأوربية وأمريكية, وبالتالي ستكون الشرعية لكتلة أوربا, وسيظهر على المشهد السياسي السوري جسم جديد للمعارضة، أما المعارضة التي سلمت أمرها لتركيا وقطر فبدون شك ستبقى منعزلة على نفس سيناريو المعارضة الليبية كما هو الواقع ما بين فايز السراج والخليفة حفتر من الناحية السياسية, وحيث أكد قائد ليبي تركيا وقطر ملاذ قادة المليشيا بعد تحرير طرابلس, وقالت مصادر سورية لـ صحيفة الجارديان ان المرتزقة السوريين وقعوا عقوداً لمدة 6 أشهر مباشرة مع حكومة فايز السراج غير الشرعية في ليبيا بدلاً من الجيش التركي مقابل 2000 دولار شهرياً.




وتأكيداً لما ستؤول إليه هيئة التفاوض يظهر من حديث هدى أبو حلاوة، عضو اللجنة التحضيرية لـ "العربية"، أن هيئة التفاوض السورية ليست حزباً أو منظمة أو تحالفاً سياسياً، هي بمثابة قيادة للمعارضة السورية، وإنما هي كيان سياسي وظيفي مهمته قيادة وإدارة العملية التفاوضية وجميع الأنشطة السياسية والدبلوماسية المتصلة بها لذلك على ما يبدو انه سيحدث انشقاق كبير في هيكلية الائتلاف – هيئة التفاوض- التي تتوجه نحو التقسيم بين اسطنبول والرياض وهذا يعني ضعف المعارضة من جهة وتقوية موقف روسيا والنظام في دمشق من جهة أخرى وانتهاء دور اللجنة الدستورية وإعادتها إلى المربع الأول وتشكيل إطار جديد، وإبعاد البعض أمثال: نصر الحريري وكل هذا سيتغير من خلال الاتفاقات على الأرض، ويؤدي إلى التشرذم بين صفوف الفصائل المسلحة الموجودة في إدلب وشمال سوريا بشكل عام. والآن مؤتمر رياض الذي يمثل الخليج سيفرز معارضة غير المعارضة التي تدعمها تركيا فهناك رؤية جديدة لسوريا ثمة تغير في مفاهيم لواقع سوريا.


كاتب سوري

العلامات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!