الوضع المظلم
الإثنين ٢٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
في خضم غزة.. السودان حاضرة
إبراهيم جلال فضلون (1)

بالفعل، أهوال حرب السودان المنسية تقترب من الشر المُطلق، وسط وضع مأساوي رهيب فكما غزة توقفت فيها الحياة، ففي السودان أُغلقت المستشفيات وتوقفت إمدادات المياه، وتوقفت البنوك وارتفع التضخم إلى أرقام من 3 خانات.. وكأن "مليشيا آل دقلو (حميدتي) الإرهابية"، تُزاحم إسرائيل في نيل جائزة نوبل لمجرمي الحرب في السودان من حيث اتباع "الدعم السريع" سياسة الأرض المحروقة والتهجير كـ "إسرائيل ونينياهو"، كلاهما سواء بفارق المكان والمحيط الجغرافي المثير للجدل لا سيما مع الحدود المصرية وقواتها المعهودة بالحروب.

لكن ما تسبب به الدعم السريع من انتهاكات لشعب السودان، بمقتل أكثر من 12 ألف شخص خلال 8 أشهر، ونزوح أكثر من 5.4 ملايين شخص داخل البلاد وفرار قرابة 1.5 مليون آخرين إلى دول مجاورة -بحسب الأمم المتحدة- هو السيل الصامت في خضم الحرب الماسونية الصهيونية الغربية الأمريكية على قطاع شعب غزة الصامد، والذي ضرب أروع المثل في البسالة والبطولة.

وآخر "مليشيا آل دقلو الإرهابية"، ما لا يقل عن 250 إلى 300 ألف شخص فروا من ولاية الجزيرة السودانية منتصف الشهر الجاري، وهي الولاية التي كانت تستضيف نحو نصف مليون نازح من الخرطوم ومناطق أخرى، من بينهم 85 ألفا كانوا في ود مدني عاصمة الولاية، بل وهي الثانية في عدد السكان والثقل الاقتصادي بعد العاصمة، وفيها أكبر مشروع زراعي في البلاد عمره 98 عاما، ولديها موقع استراتيجي في وسط السودان، فتربط الخرطوم التي تبعد عنها 186 كيلومترا مع ولايات شرق البلاد، وتؤوي أكثر من نصف مليون نازح، أغلبيتهم من العاصمة. لكن السؤال عن حركة الفيل للدعم السريع بتلك الخطوة المفاجئة التي تُعدُ تحولا نوعيا في مسار القتال يستهدف توجيه رسائل متعددة، في خضم التهجير للمدنيين ونهب المنازل والممتلكات، وكذلك ممارسة ضغوط على المؤسسة العسكرية لضمان مستقبل عسكري وسياسي لهم عبر طاولة المفاوضات التي لم تثمر عن جديد ولن تأتي بجديد طالما.

إنه "حميدتي"، أراد أن يُثبت ومليشياته أنهم ما يزالون قوة إرهابية مُتماسكة على الأرض، تستطيع زعزعة الأمن والاستقرار في وسط البلاد وليس دارفور فقط، ومن جانب آخر تُريد تخفيف الضغط على قواتها في الخرطوم بعد ضغوط الجيش عليها، ودحر قوات الدعم وإلحاق خسائر كبيرة في صفوفهم في عمليات صامتة، استخدم الجيش فيها أسلحة نوعية جديدة ومسيّرات بكثافة، مما حولهُ من لعبه المدافع عن مقاره الحيوية إلى الهجوم، ليواجه (حميدتي) صعوبة في تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية وإعلامية بولاية الجزيرة، أيضاً كونه يُقاتل في بيئة غير صديقة، وتضاريس جغرافية مفتوحة تسمح للجيش بتوجيه ضربات جوية مؤثرة، وذلك لقرب ود مدني من مناطق عسكرية للجيش في سنار والنيل الأزرق والقضارف يمكنها من الحصول على إمداد عسكري وبشري متواصل.

إنه الإرهاب مُدعياً بشعارات كذوبة تتضمن الديمقراطية، التزامه بالقانون الدولي بمساعدة المتأثرين بالحرب، ومن الخلف يطعنهم، داعيًا "آل دقلو" المواطنين إلى عدم مغادرة منازلهم، ثُم يُثير الهلع بينهم ونهب منازلهم وممتلكاتهم، بل وقتلا وترويعا، وهو الفعل الغير مُبرر، ويعد انتهاكا صريحا لحقوق المدنيين وحمايتهم، هكذا يفعل اليهود في فلسطين، فما الفارق؟ حيثُ يواجه السودانيون واقعا مأسويا دون أن يلاحظه أحد، لتتحول السودان إلى حافة الإبادة الجماعية بسرعة مذهلة.

لك الله يا سودان يا قطعة من بلاد العرب وأبعدك الله عن أطماع الخارج، وسياسات التقسيم مرة أخرى كما حدث من قبل وحدث في ليبيا. وهو ما يُثيرُ القلق ويتركنا في خطر متزايد من أي وقت مضى، بأعيُن الخارجين وأطماع الدُخلاء في خيرات السودان، الذي يعتبر "قُنبلة موقوتة" قد غابت عن اهتمام العالم، لكنها لا تظهر أي علامة على نهايتها، فالأمر يزداد سوءاً، وسط عالم تنهكه الحروب في غزة وأوكرانيا والمنافسات "الجيوسياسية" الأوسع نطاقا.. لكننا لم ننسه شعباً وبلداً طيباً وجاراً غالياً.

ليفانت: إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!