الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
عن مستقبل وکلاء النظام الايراني
حسين عابديني

 

قبل أن نسترسل في الحديث عن مستقبل وکلاء النظام الايراني في بلدان المنطقة، لابد لنا أن نتحدث أولا هل إن وکلاء النظام الايراني من أحزاب وميليشيات قد أصبحت أمرا واقعا وصار التعايش والتآلف معها طبيعيا؟ وکأهم مثال على ذلك، هل إن حزب الله اللبناني"بإعتباره أقدم ذراع للنظام الايراني في المنطقة"، قد أصبح موضع قبول وقناعة تامة من قبل الشعب اللبناني، وهل ينظر إليه کطرف سياسي له جذور في الواقع اللبناني؟

حزب الله اللبناني، وبحسب ماهو سائد عنه منذ تأسيسه ولحد الان، لازالت يمثل حالة طارئة وغريبة على الواقع اللبناني وحتى إن التعامل والتعاطي معه من قبل الاطراف السياسية اللبنانية، يتم على أساس کونه قوة سياسية محسوبة على إيران وهذا يعني بأنه يمثل ويعبر عن دولة خارج الاطار اللبناني والاختلاف والاصطدام معها يعني الاختلاف والاصطدام مع النظام الايراني نفسه.

ذکرنا حزب الله اللبناني نموذجا، لأنه ومنذ تأسيسه کان ولازال بمثابة طرف سياسي يمثل إيران، وحتى إننا يمکن أن نقول إذا ماکانت السفارة الايرانية تمثل النظام الايراني سياسيا، فإن حزب الله يمثل هذا النظام عسکريا، ولکن ليس کملحق عسکري إذا ماذهب الخيال بالبعض الى ذلك المآل، وإنما کقوة ردع عسکرية تتحرك متى ماأراد وشاء لها النظام الايراني ذلك.

من دون شك إدا ماکان حزب الله بالنسبة للواقع اللبناني حسب ماذکرنا(وهو حقا کذلك)، فإن وکلاء النظام في العراق واليمن وسوريا ليسوا بأفضل منه إن لم يکونوا أسوء بکثير، ولاسيما إذا ماأخذنا العامل الزمني بالحسبان ووضعنا في الاعتبار کون هذا الحزب أول وکيل للنظام في المنطقة، وتذکرنا کيف قاد لبنان الى حرب مدمرة مع إسرائيل وکيف عطل الحياة السياسية لأکثر من مرة وأثار الفوضى وإنعدام الامن وحتى بسط سيطرته قسرا على بيروت.

حديثنا سارد اتذکر عن حزب الله وطبيعة علاقته الجدلية بالنظام الايراني والتي لايتمکن من الفکاك عنها خصوصا وإن معظم أموره المالية والعسکرية تعتمد على النظام الايراني إعتمادا کليا، ولو قمنا بإفتراض حزب الله من دون الدعم الايراني المالي والعسکري، فهل سيبقى على وضعه الحالي کقوة سياسيـة ـ عسکرية؟  لامناص من إن الاجابة بالنفي، لأنه من دون ذلك الدعم يفتقد التغول على القوى السياسية اللبنانية الاخرى علما بأن هذا الحزب سعى في بعض الاحيان الى التغول على دول في المنطقة بدفع وتحريض من طهران.

ماذکرناه آنفا عن حزب الله في لبنان، يمکن سحبه على بقية وکلاء النظام في بلدان المنطقة الاخرى، إذ ينظر إليها کقوى سياسية ـ ميليشياوية طارئة ولازالت لا تتمکن من التآلف والانسجام مع المکونات السياسية الوطنية الاخرى، والانکى من ذلك، إن هذه الاذرع ليست تتغنى بالنظام الايراني کقدوة لها بل وحتى إنها تقوم بالتحرك والتهديد على خلفية کونها قوى تابعة للولي الفقيه الايراني.

المثير في الامر، إن شعوب المنطقة عموما والشعبين العراقي واللبناني، يقفون علانية ضد هذه الاذرع وإن حدوث إنتفاضات شعبية في العراق ولبنان ضد هذه الاذرع وحتى ضد نفوذ وهيمنة النظام الايراني، قد أعطى إنطباعا کاملا بأن هذه الاذرع موضع رفض شعبي في هذه البلدان وإنها غير مرحب بها لأنها مفروضة قسرا بفعل نفوذ وهيمنة النظام الايراني، ومن دون أدنى شك فإن رفع الغطاء الايراني عن هذه الاذرع وإنتهاء وکالتها المکشوفة للنظام الايراني، سيصبح بمثابة العد التنازلي لتلاشيها وإنتهاء أمرها، وثمة ملاحظة مهمة هنا يجب أخذها بنظر الاعتبار وهي إن هذه الاذرع مکروهة کرها شديدا من قبل الشعب الايراني حيث ينظر لها على إنها سبب إهدار ثروات إيران.

شکل وصيغة العلاقة المرسومة والمحددة بين النظام الايراني ووکلائه في المنطقة لو لاحظناها فإن جميعها وفق أطر تتفق مع ماتقتضيه مصالح النظام الايراني، وليس في وسع الوکلاء أن يتمکنوا من جعل تلك العلاقة تخدم مصالح بلدانهم، وهذا يعني بأن علاقة هذه الاذرع بالنظام هي علاقة التابع للمتبوع وهي علاقة مصيرية کما يتبين من الخط العام لجميعها، وهذا يعني بأن مستقبلها يخضع بالضرورة القهرية لمستقبل النظام الايراني.



ليفانت: حسين عابديني

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!