-
توجهات جو بايدن والتصعيد الإيراني
تختلف توجهات الرئيس الأمريكي "جو بايدن" عن سلفه الرئيس "دونالد ترامب"، فبينما كان ترامب يؤمن بأهمية لغة القوة في التعامل مع إيران، وسعى إلى إحداث ترجمة حقيقية لمسألة الخيار العسكري والانتقال به من خيار ظلّ على الطاولة الأمريكية إلى واقع على الأرض عبر التعزيزات وعملية الحشد العسكري الأمريكي غير المسبوق، والتي شهدتها المنطقة خلال عهده. جو بايدن
بينما عند النظر لتوجهات جو بايدن نجده أنّه يؤمن بلغة الدبلوماسية التي كان يؤمن بها باراك أوباما في التعامل مع إيران، وبالتالي ابتدأ عهده بسياسات تهدف للتخفيف من حدة التعامل الأمريكي تجاه إيران لخلق أرضية خصبة لتهيئة اللغة الدبلوماسية، فسعى لسحب حاملة الطائرات الأمريكية من مياه الخليج العربي، وأوقف دعم العمليات العسكرية في اليمن، وألغى تصنيف الحوثيين "كمنظمة إرهابية"، في خطوة لإرسال رسائل التهدئة للطرف الإيراني للجلوس على طاولة المفاوضات، على أمل إحداث عملية إنعاش بالتنفس الصناعي للاتفاق النووي.
تلقفت العقلية السياسية الإيرانية هذه الخطوات الأمريكية بمحاولة توظيفها لتعزيز قوة موقفها التفاوضي، فهذه الإجراءات التي اتخذتها إدارة بايدن هي كانت بمثابة الأوكسجين لإنعاش النفوذ الإيراني في المنطقة، والذي ظلّ يختنق طوال الأربع سنوات من عهد إدارة ترامب، وبالتالي ذهبت إيران إلى انتهاج سياسة التعنّت في مسألة الجلوس على طاولة المفاوضات، لأنّ العقلية الإيرانية ترى أنّه من السابق لأوانه الجلوس على طاولة المفاوضات قبل أن تستثمر جيداً الاندفاعة الأمريكية وتعزيز نفوذها في المنطقة، وذلك لتحقيق الجلوس على طاولة المفاوضات من موقع القوة وفي وضع يسمح للإيرانيين فرض شروطهم.
بالنسبة لحالة التصعيد التي تشهدها المنطقة، وبخاصة من قبل الميلشيات الحوثية في اليمن، سواء على صعيد الجبهات الداخلية في اليمن، "مأرب إنموذجاً"، أو على صعيد تهديد أمن السعودية ومحاولة تكثيف الهجمات لاستهداف المدنيين، نجد أنّ السبب الرئيسي خلف ذلك هو محاولة من قبل الإيرانيين للضغط على الإدارة الأمريكية لتحقيق شروط الإيرانيين في التفاوض.
ففي الحالة الأمريكية – الإيرانية، نجد أنّ الولايات المتحدة تريد من إيران وقف تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات، وتسعى لإنتهاج لغة الدبلوماسية والتهدئة في سبيل دفع الإيرانيين لتنفيذ ذلك، بينما إيران نجدها تريد من الأمريكيين رفع العقوبات أولاً ومن ثم وقف تخصيب اليورانيوم، وتسعى لدفع الأمريكيين لتنفيذ ذلك عبر تكثيف مشروعها الفوضوي واستهداف أمن واستقرار المنطقة وتهديد الاقتصاد العالمي، كما حدث قبل أيام من محاولات حوثية لاستهداف ميناء رأس تنوره الاقتصادي.
ومن هنا نجد أنّ هناك حالة من الخلل، فالإجراءات التي اتخذتها إدارة جو بايدن اتجاه إيران كانت خطوة غير مسؤولة سعت للعبث بحالة التوازن التي أرست قواعدها إدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي كانت تتعامل مع السياسات الفوضوية الإيرانية عبر لغة القوة، وهو ما قاد بالتالي لضبط ميزان التوازن، الأمر الذي قاد لخفض مستوى التهديد الإيراني لأمن المنطقة واستقرارها، وهو مادفع بالتالي إلى انحسار النفوذ الإيراني بشكل كبير.
استمراريّة حالة الخلل التي تشهدها المنطقة ستعطي الإيرانيين فرصة أكبر للتوسّع في مشرعهم الفوضوي، وبالتالي دخول أمريكا في مفاوضات مع إيران سيكون خطأ، لأنّ مخرجات هذه المفاوضات ستعطي للإيرانيين الكثير من المكاسب الإقليمية، وبالتالي ستضع إدارة بايدن في مواجهة مع دول الاعتدال والثقل العربي (السعودية ومصر) التي لن ترضى ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام الخطوة الأمريكية بتسليم المنطقة من جديد لإيران. جو بايدن
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!