الوضع المظلم
الجمعة ٢٩ / مارس / ٢٠٢٤
Logo
  • السفير السعودي في لبنان واستعلاء حزب الله الإرهابي على منطق الدولة

السفير السعودي في لبنان واستعلاء حزب الله الإرهابي على منطق الدولة
السفير السعودي بلبنان \ ليفانت نيوز

أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان "وليد البخاري"، في تغريدة له على منصة تويتر، أنَّ "خيارات حزب الله السياسية فاشلة"، وذلك بعد دعوة حسن نصرالله الأمين العام للحزب اللبناني، المدعوم من النظام في إيران، ما يسمى بالمعارضة السعودية لعقد مؤتمر لها في بيروت، رغم رفض وزارة الداخلية اللبنانية لهذا اللقاء.

وغرد الدبلوماسي السعودي على حسابه الشخصي، قائلاً: أنَّ "القَفزُ فوقَ آلامِ وَآمالِ الشّعبِ اللُّبنانيِّ الشّقيقِ ما هو إلَّا تَغاضٍ عنِ الحقيقةِ السّاطِعَةِ أمامَ أَعيُنِ اللُّبنانيّين أَنفُسِهم وإنكارٌ مقصودٌ لِحقيقةٍ مُؤْلِمَةٍ سببُها لَوْثَةُ استِعْلاءِ حزب الله الإرهابيِّ على مَنطِقِ الدّولةِ وَفشلِ خَياراتهِ السّياسيّة".

وأضاف البخاري، بأنَّه "لا شرعيَّةَ لخِطابِ الفتنةِ والتقسيمِ والشَّرذَمة، لا شرعيَّةَ لخِطابٍ يقفِزُ فوقَ هويةِ لُبنانَ العَرَبِيّ".

بدوره، تبرأ رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، من التصريحات المتواترة لنصر الله ونائبه نعيم قاسم، موضحاً أنَّه " لطالما دعونا إلى اعتماد النأي بالنفس عن الخلافات العربية وعدم الإساءة إلى علاقات لبنان مع الدول العربية ولا سيما السعودية".

وكرر ميقاتي دعوته للرأفة بلبنان وإبعاده عن المهاترات التي لا طائل منها، مطالباً، أن يتعاون الجميع" لإخراج اللبنانيين من وحول الازمات التي يغرقون فيها، وإعادة "ترميم أسس الدولة، والانطلاق في ورشة الانقاذ المطلوبة"، مناشداً القوى السياسية بقوله، "بالله عليكم ارحموا لبنان واللبنانيين واوقفوا الشحن السياسي والطائفي البغيض".

إياد الرفاعي
الأكاديمي السعودي إياد الرفاعي

الأكاديمي السعودي والمحاضر بالعلاقات الدولية في جامعة لنكاستر البريطانية "إياد الرفاعي"، قال في حديثه لـ"ليفانت نيوز"، أنَّ "تصريح معالي سفير المملكة يأتي شارحاً ومفسراً لحالة اختطاف الدولة في لبنان من قبل ميليشيا حزب الله، وبأنَّ؛ هذه الحالة ليست جديدة في هذا البلد المنقسم طائفياً، إلا أنها الأكثر خطورة منذ توقيع اتفاقية الطائف عام 1989".

وتابع، بأنَّه "بعد هذه الاتفاقية أقدمت جميع التنظيمات اللبنانية على تسليم أسلحتها الثقيلة، سوى حزب الله، بذريعة "مقاومته لإسرائيل"، رغم الانسحاب الكامل من الجنوب اللبناني عام 2001"، "إلا أن تغول الحزب على سلطات الدولة في لبنان استمر تحت الرقابة العسكرية السورية، تلك التي انسحبت إثر مجريات 14 آذار 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري".

مردفاً: "وفي تغريدته، نجح معالي السفير في توصيف تغلغل حزب الله في الحياة السياسية والعسكرية في لبنان، الأمر الذي أدى إلى تعطيل منظومة الدولة وقدراتها في مقابل منظومة "اللا دولة"، وهنا القول للرفاعي.

وأكمل الأكاديمي السعودي، بأنَّه "من الملاحظ أنَّ المشروع الايراني في المنطقة يعتمد على التنظيمات الميليشياوية لتحدي فكرة وسلطة الدولة؛ ومن الممكن مشاهدة نفس الحالة في العراق واليمن وسوريا، إذ أن الاصطفافات الإقليمية تتضح بين المحاور الدولية والإقليمية، ويأتي هذا التصريح من قبل السفير البخاري، في خضم تصعيد إقليمي متبادل من قبل الأقطاب المتصارعة في المنطقة، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية".

اللواء اللبناني أشرف ريفي، علق على دعوة حزب الله لمؤتمر الضاحية الجنوبية، بأنه يمس الأمن القومي للمملكة السعودية والخليج، فيما تغط سلطة بلاده رأسها في رمال الاحتلال الإيراني، الذي يستعمل لبنان وغيره على طاولة المفاوضات، وبأنَّ؛ السلطة اللبنانية واجهة للحاكم الفعلي الذي يطيح بمصلحة البلد لتحسين مفاوضات إيران في فيينا.

وأكمل، موجهاً دعوة لسلطات دولته بالاستقالة، ولحزب الله والمشاركين في المؤتمر: قائلاً، "اعتبروا من قضية زميلكم الإرهابي (أحمد المغسل) الذي كلفته إيران بجريمة الخُبر وسلّمته ليلقى مصيره العادل على هامش مفاوضاتها النووية عام 2015".

وبشكل واضح، كان اللقاء الذي دعا إليه حزب الله يوم الأربعاء 12 يناير، يستهدف المملكة السعودية وقيادتها، متهماً رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، هاشم صفي الدين، الرياض بالتنمر على العالمين العربي والإسلامي، كما وطالب رئيس الجبهة التقدمية العربية، نجاح واكيم، بكف العدوان السعودي عن لبنان، حسب قوله.

واستدعت الرياض في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2021، سفيرها من لبنان وطلبت من السفير اللبناني مغادرة بلادها ووقف كل المستوردات اللبنانية، أثر تصريحات مسيئة من قبل وزير الإعلام المستقيل " جورج قرداحي"، طالب فيها "وقف العدوان على اليمن"، متجاهلا بذلك الهجمات شبه اليومية على المنشآت الحيوية السعودية، عبر طائرات مسيرّة تطلقها ميليشيا "أنصار الله" الحوثيين، مستهدفةً الشركات النفطية والمطارات المدنية جنوب المملكة.

ويسود فتور في علاقة السعودية مع لبنان، بسبب سياسات حزب الله المزعزعة للاستقرار في المنطقة، التي توجه من قبل فيلق القدس الإيراني، الذي أرسى قواعده قائده السابق، قاسم سليماني، خارج حدود بلاده، وتسبب بقتل مئات آلاف السوريين وتدمير مدنهم التي خرجت عن سيطرة نظام بشار الأسد.

ولم يكن ملف تهريب الكبتاغون إلى الخليج العربي، وتحديداً - المملكة السعودية - أقل أهمية لدى القيادة السعودية، التي طالما حذرت الحكومة اللبنانية من اتخاذ إجراءات رادعة في هذا الشأن، لكن الأخيرة لم تكون حازمة، مما أدى لمزيد من التدهور في العلاقات بعد ضبط ومصادرة السعودية خلال فترة لا تتجاوز الستة أشهر 5 ملايين حبة في شحنة رمان، و14 مليون حبة مخبأة في ألواح حديدية، و100 ألف حبة في أجهزة تعقيم طبية، بالإضافة إلى 37.2 كجم حبوب مخبأة في مضخات مياه.

وفي تصريح سابق لمسؤول لبناني رفيع، أكد أنَّ "الغاية من تهريب الكبتاغون من قبل حزب الله والنظام السوري، ليست مادية فحسب، بل إنَّ هناك أهداف سياسية أبعادها إيديولوجية"، وهو ما تؤكده الكميات التي تصادرها دول الخليج من وقت لآخر، وخاصة المملكة السعودية والكويت، وبدرجة أقل في الإمارات العربية المتحدة.

عيسى ال فايع \ ليفانت نيوز
    اللواء عيسى ال فايع

اللواء الطيار الركن المتقاعد "عيسى ال فايع" المتخصص بالشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي، قال في معرض حديثه لـ"ليفانت نيوز"، أنَّ "تعليق سعادة السفير السعودي في بيروت على الحالة اللبنانية، يأتي في إطار الشفقة على الشعب اللبناني العربي الشقيق، الذي يعاني اليوم على جميع الأصعدة بسبب إرهاب (حزب الله) الذي لا يمكن أن يكون ذا هوية وطنية لبنانية أو ثقافية عربية أصيلة، بل إيرانية، انتماءً وولاءً وأيديولوجية، ويمارس الحزب إرهابه على الشعب والدولة اللبنانية على حد سواء".

ويضيف اللواء عيسى: "في هذه الأثناء الناتج القومي اللبناني دون (20) مليار دولار، بينما كان قبل سنوات (55) مليار دولار، الأمر الذي انعكس على سعر صرف الليرة اللبنانية، عوضاً عمّا يلمسه المواطن اللبناني من ضيق العيش وفُقد الهوية، مما انعكس على الحياة الاجتماعية، أما على المستوى السياسي، فقد انخفض تأثير الأحزاب السياسية في لبنان، ويكاد صوتهم لا يُسمع، ولم تعد هناك كلمة للحكومة، وليس للبرلمان أي قيمة مقابل القتل والترهيب والتهديد الذي يمارسه (حزب الله) على السياسيين، خصوصاً منذ اغتياله للشهيد رفيق الحريري على يد سليم عياش عام 2005".

ويرى ال فايع، بأنَّه على المستوى العلاقات الدولية، "نجد لبنان دولة معزولة عن محيطها العربي والدولي نتيجة اصطفافها إلى جانب النظام الإيراني المارق، وتجنيد المكون الأقوى فيها للميليشيات الإرهابية، وتصديرها للإرهاب خارج حدود الدولة اللبنانية في سوريا والعراق واليمن وشمال أفريقيا، وبالإضافة إلى ذلك يقوم (حزب الله) بجمع الأموال التي يحصلها من الخمس وزراعة الحشيش وتهريب الكبتاجون وتجارة المخدرات وغسيل الأموال في لبنان وسوريا، وما يعرف ﺒ (كارتيل حزب الله) في أمريكا الجنوبية، ويصدر المخدرات إلى السعودية ودول الخليج العربي، مما اقتضى اتخاذ هذه الدول إجراءات أمنية تمنع فيها استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية لحماية شعوبها".

ويستطرد ال فايع حديثه، بالقول أنَّه "على الرغم من دعم الدول العربية، وتحديداً (السعودية) للشعب والدولة اللبنانية، إلا أنَّ حزب الله أصبح عائقاً بين التعاون والاستثمارات والمساعدات العربية والدولية وبين الشعب اللبناني، حيث أنَّ حزب الله ميليشيا مصنفة منظمة إرهابية في معظم الدول ولا يمكن أن تتعامل الدول المحترمة مع ميليشيا إرهابية، على عكس نظام إيران الذي أنشأ الحزب عام 1982 ويعده نسخة منه؛ وتعيش هذه الميليشيا على أمرين: قوت الشعب والفوضى التي تخلقها".

مختتماُ بالقول: "هذه أيديولوجية سوداء لا تستطيع التعايش مع مفهوم الدولة ومؤسساتها، مما يحتم التحرك الثنائي داخلياً (مؤسسات الدولة والمجموعات الشعبية) بالإضافة إلى تحرك دولي يهدف إلى الضغط على طهران (المركز) وعزل حزب الله (الذراع) للامتثال بتسليم سلاحه المنفلت، وانخراط الحزب في المجتمع اللبناني، وتمكين مؤسسات الدولة من أداء دورها بعد استبعاد الفاسدين عنها".

ليفانت-خاص

إعداد: درويش خليفة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!