-
الثورة الإيرانية بين الواقع والادّعاء
-
لا بد للثورة أن تنتصر ومن حق الشعب الدفاع عن نفسه بكل وسيلة ممكنة
ليست الثورة الحالية في إيران بالثورة الأولى طيلة حكم نظام ولاية الفقيه، فقد سبقتها العديد من الثورات العارمة؛ لكن الموقف السياسي الدولي المهادن للنظام الإيراني، والموقف الإعلامي المتجاهل، كانا معاً من أهم أسباب قمعها، ومن هذه الثورات كانت ثورة نوفمبر 2019 التي راح ضحيتها 1500 شهيد، إضافة إلى آلاف الجرحى والمفقودين، بغض النظر عن المعتقلين الذين ما يزال البعض منهم قابعاً خلف القضبان، وغيرها من الانتفاضات التي لم تخرج واحدة منها عبثاً ولا شغباً ولا بدافع الانقلاب سعياً وراء السلطة على الإطلاق، وإنما كانت لأجل العيش الحر الكريم في بلد متعدد الثروات والمداخيل.
عندما يجف نهران كبيران، وتصبح أرضيتهما مسرحاً للتجمهر وحركة وإقامة الناس عليها كما حدث في أصفهان مثلاً، ولم يكن هذا الجفاف بسبب عوامل طبيعية بل كان تجفيفاً بفعل فاعل أوقف فعله الحياة وأضر بالبشر والكائنات على حد سواء، وتثور الناس وتخرج ثم يتم خداعها بأساليب احترفتها السلطة الحاكمة في إيران وتناوبت عليها، ولا تمر ثورة أو انتفاضة دون قمع وقتل واعتقالات وعذاب مرير مُذل بالسجون تعقبه إعدامات، وهناك من يختفون من ميادين المواجهات مع السلطة ثم لا ترى لهم أثراً ولا ذكراً، وسعيد الحظ منهم من يجده ذووه ملقى ومهملاً في مراكز الطب العدلي تحت عنوان مجهول الهوية فيجد على الأقل دفناً لائقاً ويعرف ذووه له قبراً فيزورونه ويترحمون عليه، فما بالكم بوالدين فقدا فلذة أكبادهم الذين كبروا أمام أعينهم وكبرت معهم الآمال في غد أفضل؛ فقدوهم ولا يعرفون لهم قبراً ولا أثراً فتترافق الحسرات والونات مع ساعات حياتهم ويموتون كمداً على أبنائهم، وتتراكم المحن على مدى 44 سنة من الإجحاف والظلم والقهر والتردي والنهب، والفئوية حيث يصبح الوطن لفئة لا تكاد تشكل نسبة أما غالبية الشعب العظمى غير المعترف بها عندما يتعلق الأمر بالحقوق.
44 سنة ولن أقول عاماً؛ تراكمت فيها المصائب والكوارث التي صبوها عمداً على رؤوس الشعب وجيرانه مسوا فيها الكرامة والشرف والقوت، مسوا شرف النساء وعروا أجسادهن أمام الملأ العام في الشارع ثم أمام العالم على الإنترنت؛ يمسون شرف بنات الناس ويقتلون بناتهم بحجة أن الحجاب لم يكن مكتملاً، ويقتلون أبناءهم إن ثاروا تحت ذريعة مثيري الشغب؛ ينهون عن فعل ويأتون بأقبح منه؛ وبعد هذا كله كيف يكون حال الشعب الإيراني المحتقن احتقان العقود والأجيال، وشرائح الثوار اليوم من الفقراء والمعدمين وأبناء المعدومين والمعتقلين وبناتهم وذويهم، والعمال والمثقفين والطلاب وكل من لا يقبل بالظلم والقهر والإفساد، وهنا لن يبقى مؤيد للنظام على حد قول قادة النظام أنفسهم سوى 4% فقط من الشعب، ويقول البعض بل أقل من ذلك لأنها إن خُليت قُلِبت، وهنا لمن يتكلم عن منطق السلمية والعنف كيف لهذا الشباب المتفجر أن يتعامل على أرض الشارع مع جلاديه وقطعانهم الهمجية المسلحة في حين أن قادة القطعان لا يستجيبون ولا يكترثون لأي من نداءات من يفترض بهم أنهم شعبهم وهم حكام يحكمون كخلفاء لله على الأرض باسم الدين.
لقد قامت الثورة الإيرانية الحقة ولا بد أن تنتصر، ومن حق الشعب الدفاع عن نفسه بكل وسيلة ممكنة، ولولا حكمة قيادة الثورة لاستخدم الشعب السلاح منذ زمن وأنهى هذه الحقبة الكريهة من تاريخ إيران والمنطقة.
ليفانت - د. محمد الموسوي
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!