-
الانهيارات السورية.. من الإنسان إلى الليرة ومن ثم الدولة
الدولة السورية تنهار. هذه هي الحقيقة التي يرفض رعاة الدولة حد الآن الاعتراف بها، وهذا الانهيار أو كل هذه الانهيارات لم تكن مفاجئة ولم تأت وليدة الصدفة، بل بدأ الانهيار تدريجياً مع انهيار الإنسان السوري والذي تعرض بدوره لعملية انهيار منظمة استمرت لعقود من الزمن.
البلاد التي يتم تشييدها على أجساد بشر مُنهارين، لن تكون سوى بلدٍ منهكةٍ منهارة تزداد دماراً وخراباً وفساداً يوماً بعد يوم.
سوريا اليوم هي نتيجة للسياسات الإدارية والاقتصادية والعقلية التي تم من خلالها حكم البلاد لعشرات السنين، فلا شيء يأتي من الفراغ سواء كان إيجابياً أو سلبياً.
وهذه النتيجة يعيشها جميع أفراد الشعب السوري بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية والفكرية والطبقية، ولكن مع وجود بعض الفروقات في طريقة المعيشة اليومية. حيث يعيش أصحاب الأموال داخل منازلهم بطريقة تشبه طريقة المرفهين في أي دولة غنية، إلا أنهم جميعاً يتشاركون نفس الشارع ونفس المسؤولين وبالتالي هم يتشاركون نفس المصير تقريباً إن استمروا في البقاء داخل هذه البلاد التي تنبعث منها رائحة الموت في كل ساعة وكل دقيقة.
لم تعد للأخبار التي تتحدث عن انهيار الليرة السورية أي تأثير على أهل الدار، فهم باتوا يعلمون علم اليقين بأن عملتهم في انحدار يومي؟ هذه العملة التي استسلمت للزمن وباتت وبالاً على أهلها.
وفي الجوار السوري أيضاً هناك انهيار للعملات المجاورة، فالدينار العراقي في سباق رهيب مع الليرة التركية والثمن الإيراني والليرة اللبنانية وذلك في عملية التضخم، فبات السوري مهتماً بعملة الدول المجاورة أكثر من اهتمامه بعملة بلده، ربما لمعرفته بأن هناك أملاً للتعافي خلف هذه الحدود، ولكن لا أفق للحل داخل هذه الحدود المنغلقة على أهلها والمفتوحة لكل مسلحي العالم وجيوشهم المدمرة.
تحاول دمشق اليوم ترميم الاقتصاد والليرة قدر المستطاع ولكن هيهات، فلن تستطيع أي دولة التعافي من أزماتها طالما بقي الإنسان فيها منهاراً، وبقي هذا الانهيار مغلَّفاً بشعارات مزيفة توحي بالمقاومة واقتراب النصر على المؤامرة الكونية.
تتناسى دمشق أقرب الطرق إلى التعافي وتسلك دروباً مختلفة، وفي كل درب هناك مصيدة، وفي كل مصيدة يقع فيها حكام دمشق تشتد أهوال الحرب.
أقرب طريق للتعافي يمر من الداخل السوري، وهو إعادة بناء الإنسان السوري الذي تعرض لطعنة تلو الأخرى فما عاد جسده يحتمل طعنة أخرى وأصبحت روحه مثقلة بالآلام وبات الأمل يلوح خلف الحدود.
ليفانت - محمد محمود بشار
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!