الوضع المظلم
الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
الانقلابات العسكرية.. الفشل والنجاح “مالي”
إبراهيم جلال فضلون

كانت الانقلابات وسيلة شائعة للاستيلاء على السلطة، عبر متمردين، أو لنقُل مُسيسين، وعلى نقيض الثورات، التي هي انتفاضات جماهيرية، فإنّ الانقلابات تحدث فجأة ولا تشمل سوى مجموعة صغيرة من كبار المسؤولين العسكريين. الانقلابات العسكرية


ولعل أشهرها تاريخياً، زحف نابليون إلى السلطة، وتتويج نفسه إمبراطوراً على فرنسا عام 1804 ميلادي، فور عودته من حملته العسكرية الشهيرة من مصر (أكتوبر عام 1799 م)، غير أنّ أغلب تلك الانقلابات تفشل كفشل الإخوان في مصر وتشريدهم بدول احتوت أفكارهم الإرهابية، وكفشل الحوثيين في اليمن، لتبقى الكلمة الأخيرة في فصولها لقوات الجيش بكل وطن، كونه من الشعب يخاف عليه ويحميه، كحال دولنا العربية في الجيش المصري والسعودي وغيرهما، يقابلها ديكتاتورية لا ترى إلا نزواتها وأفكارها الشيطانية، كما فعلت وسحلت وأعدمت واعتقلت تركيا كبار قادة جيشها، فكان عاراً تاريخياً، وما حدث بالعراق ليس ببعيد ولا سوريا ولبنان، فتلك إيران وأذيالها ما تركوا شبراً إلا وأهلكوه.


وقد أدّى انعدام الثقة المتأجّج تاريخيّاً بجمهورية مالي إلى أربع انتفاضات بعد الاستقلال في (1963و1991و2006 و2012)، منهم انقلابات عسكرية ثلاثة (1991، وتمرد الطوارق 2012، و2020). وعلى الرغم من توقيع اتفاقيات السلام لم ينجح أي منها في تطبيع العلاقة بين الشمال والسلطة المركزية.


إذ أدّت هذه الإخفاقات المتكررة، إلى مزيد من الانقسام، والإطاحة مؤخراً برئيس الدولة “كيتا” الذي فضل الاستقالة، قائلاً: «لا أريد سفك الدماء من أجل بقائي بالسلطة». لكن من هم الانقلابيون أصحاب «اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب»، ممن تعالت أصواتهم بعدم البقاء في السلطة، وإجراء انتخابات عامة، رئاسية وبرلمانية، هادفين التعجيل بتشكيل حكومة مدنية؟ وكيف تكون مدنية والجماعات الإرهابية المسلحة منذ 2017، أعلنت أربع مجموعات ــالقاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي، وأنصار الدين، وحركة تحرير ماسينا، والمرابطون_ توحيد صفوفها تحت راية جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، بخلاف تأثير تنظيم داعش الآخذً فى الازدياد بالصحراء الكبرى وعلاقتها بجماعة بوكو حرام الإرهابية النيجيرية، بشكل أساسي فى منطقة بحيرة تشاد. الانقلابات العسكرية


انقلاب أدانته الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي بقوة، والمنظمات الدولية ذات العلاقة، ووصفته بأنّه خروج مشين على الشرعية، لما له من تداعيات محلية وإقليمية وعالمية، جعلت من عُرس الديمقراطية عجوزاً يحيا منتظراً إعلان وفاته، في ظل الديكتاتوريات العسكرية الأكثر فشلاً وبطشاً وعُنفاً تجاه شعوبها، مثلما شهدت قارات أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا، الكثير من الانقلابات في العصر الحديث (القرن 20)، والتي خفت مع بداية (القرن 21)، وغالباً ما نجد فيها قوات الدول المسلحة تستولي على السلطة فور الانقلاب، متمثلاً في كبار قادته، الذين قد يشكلون (المجلس العسكري) لممارسة الحُكم، سراً وعلناً.


وقد ينفرد قائد معين بالسلطة، بعد تهميش كل ما حوله، أو تصفية بعضهم، ثم يقوم ببعض الشكليات الديمقراطية، ليكون غطاءً مدنياً، ورغم كون الجيوش فقط للدفاع، وإن حكم الدولة يكون مدنياً، إلا أنّ هناك حالات مستثناة، فكم من دول مدنية قفز عليها من لا يعرفون للإنسانية معنى، مثل تركيا وقطر وإيران، دول في أضلعها الشر، ما أن تواجدوا حتى دمروا ما فيها، لكن في حالة مصر فقد شاهد العالم عبث الإخوان وعالمهم الخفي، محاولين النيل من جيشها، وما إن فشلوا حتى أرادوا تسميم دول جوارها، في ليبيا والسودان، ثم أرادوا العبث باليمن.


فوقفت لهم السعودية شامخة، فمن لتلك الدول إلا حُماتها، وما كان سيحدث لولا تدخلات قواتنا المسلحة، وتلك الجيوش يُحمد لها انضباطها، وحرصها على الدفاع عن حياض وطنها ضد الإرهابيين ومن يمسّها بسوء، وهذا النوع من الجيوش أضحى نادراً في العالم. فكم أهانت تركيا كبار قادة جيشها، وكم أدارت العراق ظهرها لجيش كان يُحسب له الحساب، وارتمائها بأحضان طهران؟ وهؤلاء يؤسسون لديكتاتوريات قمعية مُتسلطة، تمارس كل صنوف التنكيل ضد من يعارض تسلّطها.


المخاطر مختلفة هذه المرة فى مالي، ومن المرجّح أن تسعى فرنسا والأمم المتحدة لقيادة الجهود الأفريقية والدولية لصياغة ملامح مرحلة ما بعد الانقلاب، وربما يكون الدور الأمريكي محدوداً فيه لانشغال إدارة «ترامب» بالمعركة الانتخابية. الانقلابات العسكرية


ليفانت – إبراهيم جلال فضلون  

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!