الوضع المظلم
السبت ٠٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
2023 حرب بـ (رقائق موت)
إبراهيم جلال فضلون (1)

حرب بلا قتال ولا جنود ولا دماء شتات شعوب وتهجير ولطم للحياة، هي بلغة المال وحدها تساوي نحو 600 مليار دولار سنوياً، لتكون الحرب النانوية، هي التاج العالمي للرقاقات الإلكترونية العالقة بين عولمة التكنولوجيا وقومية السياسات، التي أفرزتها الغزوة الروسية لجارتها الأوكرانية، ليلعب بميدانها حرب أخطر (حرب أشباه الموصلات)، لا حدود لها، ستلعب دوراً كبيراً في صنع النظام العالمي، لا سيما مع التطور المستمر في الأجهزة التقنية القابلة للارتداء "ويرابل تكنولوجيز".

فكل الأجهزة المتطورة المدنية والعسكرية حتى الأسلحة والهواتف الذكية تحتاج إلى متنفسها وهي الرقاقات الإلكترونية، التي تمتلك منها 70% من الإنتاج العالمي (كوريا الجنوبية وتايوان)، وهو سر التقارب الأميركي لهما وحمايتهما من أي تهديد سواء من كوريا الشمالية أو الصين خوفاً من وقوع الكنز الثمين بأيدي الدولتين الأخيرتين، وتأثير انقطاع المنتج في السوق الصينية سيكون أكبر وأخطر بكثير عليها، ليوقع الرئيس الأميركي جو بايدن على قانون الرقائق والعلوم "CHIPS"، في 8 أغسطس 2022، لتكون الرقائق جزءاً من الحرب التجارية الدائرة، واستكمالاً للحرب الاقتصادية التي بدأتها إدارة الرئيس الأميركي السابق ترامب، والجزء الأكبر من تلك الحرب هي التكنولوجيا...

بالتالي خرج تقرير مجلس الشيوخ الأميركي يُثبتُ أن انقطاع الرقاقات عن السوق الأميركية لمدة عام يؤدي إلى خسارة الناتج القومي 3.2 % وملايين فرص العمل. فالعالم يبدو في مرحلة اللايقين لمرحلة ما بعد حرب أوكرانيا، ولا فرصة أمام أهل الأيديولوجيا لمنافسة أهل التكنولوجيا.

يقول أستاذ العلوم السياسية باري بوزن إن "مرحلة ما بعد الثورة الصناعية نقلت الجيوش من تسليح الرجل إلى جعل الرجل يخدم السلاح، إذ صارت الأسلحة أهم من الرجال"، ولذلك أنهكت الحرب الروس ليُعانون من نقص في الحصول على أشباه الموصلات لإنتاج الصواريخ وحتى الأجهزة المدنية، ليُعاني السوق العالمي من مشاكل في صناعة التكنولوجيا بسبب الضغوط التضخمية، وتوقعات بتراجع الطلب على الرقائق عالمياً، خاصة بعد أن خفضت شركة صناعة الرقائق التايوانية "تي إس إم سي" ميزانيتها الاستثمارية أي إنفاقها الرأسمالي 2022 بنسبة 10%، وبالتالي قيدت أميركا حدود التعامل مع الصين في مجال الرقائق، ما يهدد بخفض مبيعاتها، بسبب الحصار الأميركي للحد من قدرتها على استيراد الرقاقات، في حين يدرس الكونغرس الأميركي قانون لتخصيص 70 مليار دولار لتنشيط صناعة الرقاقات بالسوق الأمريكي بدعم شريكتيها (كوريا الجنوبية وتايوان)، ليصل إنتاجها إلى 30% من الإنتاج العالمي. بينما خصصت الصين اللدودة 100 مليار دولار لذلك.

إذاً ستُحدد الرقاقات الإلكترونية المعالم الجيوسياسية للعقود المقبلة كما رسم النفط المعالم الجيوسياسية لعقود طويلة، لا سيما بعد التوصل إلى بطارية نانوية بعرض شعرتين لتشغيل رقاقات قد تزرع في الجسم، وقابلة لإعادة الشحن، مما تُحدثُ ثورة في الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء، فما بالك بالمجال العسكري النووي. 


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!