-
دولة الإمارات في قلب عملية الإخلاء الكبير من أفغانستان
إن عمليات الإجلاء التي ساهمت فيها دولة الإمارات لم تتوقف على طائرة جاء فيها الرئيس الأفغاني الهارب أشرف غني، أو طائرة عسكرية أسترالية أقلّت 26 شخصاً، بينهم مواطنون أستراليون وأفغان وأجانب. لقد كان للجهود الفعّالة لدولة الإمارات التي أشاد بها المجتمع الدَّوْليّ دور واضحٌ في تسريع العملية، فمرّ عبر مطارات الدولة عشرات الآلاف واستنفرت مرافقها ذات الصلة 24 ساعة حتى الآن.
كانت الإمارات تراقب من كثب تطورات المشهد الأفغاني، ولاسيما أنها فاعلة في مِلَفّ المساعدات الإغاثية في البلاد، وأبدت وزارة الخارجية الإماراتية، في 17 آب/ أغسطس، بياناً عبّرت عن أملها بأن تعمل الأطراف الأفغانية على بذل كافة الجهود لإرساء الأمن وتحقيق الاستقرار والتنمية في أفغانستان، بما يلبي آمال وتطلعات شعبه الشقيق، لكن طالبان كانت أسرع بشكل فاجأ العالم.
آنذاك، علّقت هيئة العامة للطيران المدني في دولة الإمارات، الرِّحْلات الجوية إلى أفغانستان وقالت إنها تتابع التطورات الأخيرة التي تشهدها دولة التي يكتسحها تنظيم طالبان، وتجري تقييماً للأوضاع الراهنة بالتنسيق مع الجهات المعنية والناقلات الوطنية في الإمارات.
لم تتوانَ دولة الإمارات العربية المتحدة عن المشاركة في عمليات الإجلاء الكبير للمواطنين الأفغان من دولتهم التي انهارت بعد استيلاء حركة طالبان المتشددة على العاصمة كابول، فكانت معبراً مهماً من الناحية اللوجستية في خُطَّة الإنقاذ الدولية لرعايا غربيين عاملين في البلاد بالإضافة لأفغان، سخّرت فيها الدولة مواردها في مطار دبي وأسطول طيرانها الذي كان متوقفاً مؤقتاً باتجاه كابول.
كان إصرار الإدارة الأميركية على الانسحاب الكامل والنهائي بتاريخ 31 آب غير قابل للتعديل برغْم ضغوطات المجتمع الدَّوْليّ لإرجائه حتى أواخر شهر أيلول، على اعتبار أن الجدول الزمني ضيق ولن يسمح بإجلاء كل العاملين من الأفغان مع القوات الأجنبية أو المؤسسات والمنظمات الدولية.
خضع القرار للمراجعة مع بداية الأسبوع الماضي وبتّ الأمر، في مساء الثلاثاء، لا للتمديد، خلال هذا الوقت كانت عمليات الإجلاء تجري على قدم وساق على مدار الساعة وخرجت تصريحات حكومية من دول أوروبية، كإسبانيا، أنهم قد لا يستطيعون ضمن الجدول الزمني إجلاء الأفغان العاملين مع قواتهم أو المنظمات الدولية. لذلك، استخدمت الولايات المتحدة أساطيل جوية من الطيران المدني الأميركي والعربي، جرياً على ذلك قامت دول أخرى لها جاليات عاملة في البلاد لتلحق بالجدول وتجلي أكبر عدد ممكن من الهاربين من طالبان.
اعتمدت الولايات المتحدة على محطات استراحة في رحلة نقلها للاجئين الأفغان من مطار كابول، كانت فيها الإمارات بواسطة مطاراتها محطة مهمة لوجستياً، وعَبَرَ من طريق مطاراتها أكثر من 39.827 شخصاً حتى مساء 26 آب، راعت فيها السلطات الإماراتية أعلى معايير وشروط الصحة والسلامة في ظل جائحة كورونا، ما لاقى ترحيباً وشكراً من دولة عدة، كان على رأسها فرنسا، خلال زيارة وزير خارجيتها جان إيف لودريان، وفلورنس بارلي، وزيرة الدفاع الفرنسية، إلى الإمارات، 23 آب المنصرم، لنقاش آخر التطورات في أفغانستان وسير عمليات الإجلاء وملفات أخرى.
إشادة أممية بفعالية الدور الإماراتي في عمليات الإجلاء من أفغانستان
في هذا السياق، أكد بيان الوزيرين أنّه، منذ 15 من أغسطس، وصل قرابة 100 مواطن فرنسي و40 مواطناً من دول شريكة، وأكثر من ألف أفغاني، من الذين كانوا مهدّدين بسبب عملهم في منظمات غير حكومية ومؤسسات فرنسية، أو بسبب عملهم في مؤسسات المجتمع المدني. ولاحقاً، وصلت، في نفس اليوم مساءً، طائرة سادسة تنقل 250 فرنسياً وأفغانياً، إلى باريس، ثم طائرة سابعة، ليل الأحد الاثنين، مع 150 شخصاً.
https://twitter.com/JY_LeDrian/status/1429762373431201793
لقد نقل الوزيران شكر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وتقديره الكبير على التسهيلات المهمة والفعّالة في هذا الوقت العصيب وَسْط جائحة كورونا، التي قدمتها دولة الإمارات في إجلاء الدبلوماسيين والرعايا الفرنسيين من كابول خلال اللقاء، الذي تم في قصر الشاطئ في أبو ظبي، بجانب مواطني العديد من الدول الصديقة وتوفير العبور الآمن لهم، بجانب دور الدولة في دعم جهود الإغاثة الدولية في أفغانستان خلال السنوات الماضية.
من جهته، وفي مَعْرِض اللقاء مع وزير الخارجية الفرنسي، نوّه ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، إلى أنّ التعامل مع الجانب الإنساني لتداعيات الأحداث في أفغانستان بحاجة إلى التكاتف والتضامن وهو يقع ضمن رسالة الإمارات الإنسانية.
وبالتزامن، أكّد الدكتور أنور قرقاش، مستشار رئيس الدولة للشؤون الدبلوماسية، وجود كثير من القصص الإنسانية المؤثرة التي تعاملت معها الفرق الإماراتية بكل اهتمام وقال في تغريدة على توتير: "انطلاقاً من قيمنا، فإننا عازمون على مساعدة النساء والأطفال والأسر الأفغانية في هذه الأوقات الصعبة".
وأعربت الخارجية الأميركية، في 21 آب، عن امتنانها لـ الإمارات، لتسهيل عبور المواطنين الأميركيين وموظفي السِّفَارة من أفغانستان في إطار عمليات الإجلاء من مطار كابول. ووجه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الشكر لدولة الإمارات ومملكة البحرين، والكويت، ودول أخرى، لمساعدة بلاده في عمليات الإجلاء من أفغانستان.
وجاء في بيان وزارة الخارجية: “تعرب الولايات المتحدة عن امتنانها للإمارات العربية المتحدة لجهودها الإنسانية وعرضها الكريم لتسهيل العبور الآمن للمواطنين الأمريكيين وموظفي السفارات والمواطنين الأجانب الذين تم إجلاؤهم من كابول إلى دول ثالثة، وتقدر الولايات المتحدة تقديراً عالياً دعم الحكومة الإماراتية، إنه رمز لشراكتنا القوية والدائمة نشكر شركاءنا الإماراتيين على دعمهم في هذا الجهد”.
من جهته، اطّلع السفير البريطاني في دولة الإمارات “باتريك مودي”، في زيارة له، 20 آب المنصرم، لمطار دبي، على سير العمليات الإغاثية التي تديرها بريطانيا على خط كابول - دبي - لندن. وأشاد بجهود دولة الإمارات في تسيير الجهود الإغاثية وإتاحة المطار كنقطة انطلاق ثانية للاجئين الأفغان نحو بريطانيا ممن عمل مع مؤسسات حكومية بريطانية أو الجيش البريطاني. وقتئذ، أشار إلى أن عمليات الإجلاء لرعايا بريطانيا وصلت إلى نقل 1600 شخص، وما تزال العمليات مستمرة، مضيفاً: “استطعنا القيام بهذه العملية لأن لدينا فريقاً رائعاً من جميع أطراف حكومة المملكة المتحدة، الذين يديرون هذه العملية، كزملائنا العسكريين والمدنيين”.
https://twitter.com/PMoodyFCDO/status/1428608157966815233?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1428608157966815233%7Ctwgr%5E%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Fthelevantnews.com%2F2021%2F08%2Fd8a5d8b4d8a7d8afd8a9-d8a8d8b1d98ad8b7d8a7d986d98ad8a9-d8a8d8afd988d8b1-d8a7d984d8a5d985d8a7d8b1d8a7d8aa-d981d98a-d8b9d985d984d98ad8a7%2F
وأكّد مودي على الفضل الكبير والمؤازرة الهائلة من دولة الإمارات، "التي جعلت هذا المطار وغيره متاحاً (دبي) لنا وقدموا لنا كامل أشكال الدعم، من أجل ضمان بَدْء هذه العملية وتفعيلها في أسرع وقت ممكن، وكان ذلك بالتعاون بين جميع وزاراتنا”.
وأثنت مارغريتا روبلز،وزيرة الدفاع الإسبانية، اليوم 28 آب، على الجهود المقدمة من دولة الإمارات لدعم عمليات إجلاء رعايا إسبانيا من أفغانستان. وأشادت بالدور الحيوي الذي قامت به وزارة الدفاع بدولة الإمارات خلال الأيام الماضية وما قدمته من خِدْمَات لوجستية للقوات الإسبانية التي عدّتها تَرْجَمَة حقيقية لعمق العلاقات الثنائية بين البلدين. وأجلت القوات المسلحة الإسبانية 1898 أفغانياً مع عائلاتهم، هم موظفون عملوا لحساب إسبانيا والولايات المتحدة والبرتغال والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والحلف الأطلسي، إضافة إلى موظفي السِّفَارة الإسبانية في كابول، بينما أعلنت السويد انتهاء عمليات الإخلاء من طرفها بما مجموعه 1100 شخص، وتعلن اليوم بريطانيا بشكل رسمي انتهاء عملياتها.
الإمارات تستضيف لاجئين أفغان
إلى جانب عمليات التيسير اللوجستية والإغاثية، باشرت الإمارات العربية المتحدة، باستضافة عائلات أفغانية من نساء وأطفال، في إطار توجيهات لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان.
وذكر ولي العهد بأن الإمارات اتخذت “جميع الإجراءات اللازمة لتوفير الرعاية والدعم اللازمين لهم في المجتمع بصفة مؤقتة، بما يوفر لهم مقومات الحياة الكريمة ويحقق الأهداف النبيلة لدولة الإمارات العربية المتحدة في ظل مجتمع متسامح ومتكاتف”.
ولفت كذلك إلى أن دولة الإمارات سهّلت عمليات الإجلاء لقرابة 39.827 من الأجانب والأفغان من أفغانستان، وذلك باستعمال طائراتها وعبر مطاراتها.
وفي الأثناء، تعمل الإمارات حالياً لاستضافة 5000 من المواطنين الأفغان الذين تم إجلاؤهم من أفغانستان مؤقتاً، وذلك قبيل توجههم إلى دولٍ أخرى. وذكرت وزارة الخارجية والتعاون الدَّوْليّ أن الإمارات، وبطلب من الولايات المتحدة الأميركية، ستستضيف المواطنين الأفغان بشكل مؤقت، قبل سفرهم إلى دول أخرى.
وعطفاً على جهود دولة الإمارات في عمليات الإجلاء، قال مدير إدارة التعاون الأمني الدَّوْليّ بوزارة الخارجية والتعاون الدَّوْليّ، سالم محمد الزعابي: "تتبنى دولة الإمارات منذ تأسيسها نهجاً إنسانياً قائماً على توفير الحماية للشعوب الأكثر ضعفاً، ومد يد العون إلى الدول الأخرى في أوقات الحاجة، وتتشرف دولة الإمارات بالعمل جنباً إلى جنب مع شركائها في المجتمع الدَّوْليّ لتحقيق كل ما يخدم مصالح الشعب الأفغاني، وكذلك الرعايا الأجانب الذين يتم إجلاؤهم من أفغانستان لأسباب إنسانية".
ومن المقرر أن يغادر المواطنون الأفغان الذين تم إجلاؤهم إلى الإمارات، خلال الأيام القادمة، على متن طائرات أميركية. وأعلنت الوزارة أن اللاجئين الأفغان سيبقون في البلاد لمدة 10 أيام.
جدير بالذكر، أن الإمارات أنشأت، بالتعاون مع الولايات المتحدة، مركزاً في أبو ظبي يخضع المسافرون فيه من أفغانستان لفحوصات صحية وتدقيق أمني قبل المتابعة إلى الولايات المتحدة أو دول ثالثة، وذلك بتنسيق من الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث.
وائل سليمان
ليفانت نيوز
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!