-
تركيا بين أسوأ 10 دول على مؤشر الحقوق العالمية للاتحاد الدولي لنقابات العمال
بعد محاولة الانقلاب المزعومة على نظام الحكم في تركيا بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان عام 2016 غادر ما يقارب 250 ألف تركي وفق ما رصدت نيويورك تايمز في تقريرها عام 2019. كانت دوافع الهجرة الخوف من العقاب بسبب المواقف السياسية وفقدان الثقة بالقضاء وضعف الرواتب والتمييز في العمل. كان الصحفيون والأكاديميون والمهندسون والحرفيون المهرة في طليعة المهاجرين للأسباب السابقة.
ركّز التقرير حول شريحة محدّدة من المهاجرين الأتراك؛ فحتى عام 2019 هاجر ما يناهز 25 ألف مهندس عامل متخصص، مئات منهم يعملون في مؤسسات وشركات مهمة كشركات الدفاع "أسليسان" و"روكيتسان" وكانت وجهتهم أوروبا وتحديداً هولندا. ردّ أردوغان حينها على هذه الأرقام في لقاء تلفزيوني: هذه أخبار ملفقة.
لكن رئاسة الصناعات الدفاعية التركية أجرت استطلاعاً للوقوف على أسباب هجرة هؤلاء المهندسين والتقنيين المهرة وحمل عنوان "استطلاع حول تجنب فقدان القوى العاملة الماهرة". أُرسل الاستطلاع إلى 272 شخصاً من المهندسين العاملين في أسيلسان، وهافيلسان، وروكيتسان، وسي تي مي، وتوساش، وتقنيات الفضاء والدفاع. كان عدد المجيبين على الأسئلة 80 شخصاً، أي أن نسبة الإجابة والمشاركة بلغت 29%.
من بين أسباب المغادرة حسب الإجابات، عدم كفاية الرواتب، التمييز في العمل، وممارسات ظالمة، وعدم تكافؤ الفرص، عدم الشعور بالرضا الوظيفي، الخوف بسبب آراءهم السياسية والعقاب، ولا ثقة بالقضاء. عطفا على التقرير نفسه، كان 10% من المُستَطلَعين الذين هاجروا بسبب تدني الرواتب و 9 % بسبب نقص الرضا الوظيفي. تلك كانت لمحة عن أوضاع عمّال من الفئة الأولى عملوا في أهم الشركات التركية ما يطرح مزيداً من الأسئلة عن أوضاع بقية الفئات العاملة في تركيا.
معدل الأجور .. عندما تدفع وظيفتك ثمناً لمواقفك
بلغ عدد العاملين في تركيا عموما، وفق الحد الأدنى للأجور، نحو سبعة ملايين موظف، وقُدّرت قيمة الحد الأدنى لأجور العاملين في العام الحالي بألفين ليرة تركية. بينما بلغ الحد الأدنى من الراتب للمواطن التركي في 2019 مبلغ 2.020 ليرة تركية غير متضمنة التأمين الصحي والضمان الاجتماعي.
لا بأس من ذكر قيمة أجور السوريين في تركيا غير الحاصلين على إذن عمل رسمي 1.058 ليرة تركية، أما الحاصلين على إذن العمل فقد بلغ أجرهم 1.312 ليرة تركية في عام 2019، حَسَبَ دراسة أجراها “اتحاد النقابات العمالية في تركيا”. وفي قانون العمل التركي تثير المادة “2\25” سخطاً في الآونة الأخيرة التي تمنح صاحب العمل الحق بإنهاء عقد العامل بسبب حالات لا تتوافق مع قواعد الأخلاق، له القرار في تأويل هذا البند.
أما الخوف من العقاب بسبب الآراء السياسية المعارضة كأحد أسباب الهجرة الذي جاء في تقرير صحيفة نيويورك تايمز المذكور آنفاً، يمكن فهمه عندما بدأت الدولة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية اعتقال الصحفيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية المعارضين لأداء حزب العدالة التنمية في الحكم؛ ولاسيما رأس السلطة رجب طيب أردوغان وفصل الموظفين حتى تجاوز عددهم 130 ألف موظف بحجة صلتهم مع حركة فتح الله غولن التي خططت لقلب نظام الحكم حسب زعم أردوغان.
تذكر هيومن رايتس ووتش في تقريرها لعام 2018 - 2019 نقلا عن وزارة العدل التركية، لقد بلغ عدد السجناء أو المدانين بجرائم إرهابية حتى يونيو/حزيران (48,924) من العدد الإجمالي للسجناء (246,426). من بين الملاحقين والمدانين صحفيون، موظفون عموميون، معلمون، سياسيون، وكذلك عناصر شرطة وعسكريون.
من بين 48,924 محتجزا، بلغ عدد المحتجزين الذين لهم صلات مزعومة بفتح الله غولن 34,241، والذين لهم صلات مزعومة بـ "حزب العمال الكردستاني" المحظور 10,286، والذين لهم صلات مزعومة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) 1,270.
تقاير منظمات دولية عارضت الظاهرة منتقدة تصرفات الحكومة حتى وُصفت تركيا بسجن الصحفيين والانشطين واعتبرت في آخر سلم الحريات في تقارير منظمات دولية كمنظمة العفو الدولية (أمنستي) الشهر الثاني 2017 (تركيا: ممارسة الصحافة ليست جريمة).
لقد أصبح لتركيا في عهد حكم حزب العدالة والتنمية حصة دائمة في السمعة السيئة على سلم الحريات الصحفية ولاسيما بعد الانقلاب، لكن الواقع الاقتصادي المتراجع لتركيا منذ عام 2015 وتشديد الرقابة بعد الانقلاب سببان انعكاساً على كل فئات العمال في تركيا وهذا ما رصده تقرير الاتحاد الدولي لنقابات العمال.
تركيا دولة لا ضمان لحقوق العمال فيها
في هذا السياق، أصدر الاتحاد الدولي لنقابات العمال، في 30 يوليو المنصرم، تقريره المتعلّق بمؤشر الحقوق العالمية للاتحاد الدولي لنقابات العمال لعام 2021، أظهر تعرّض العمال الأتراك ونقاباتهم لانتهاكات حقوقية جسيمة بسبب الملاحقات الأمنية.
وذكر التقرير أنواع الانتهاكات بحق العمال في تركيا التي بلغت أعلى مستوياتها منذ ثماني سنوات، كالحق في الإضراب، تكوين النقابات والانضمام إليها، الأنشطة النقابية والحريات المدنية، والحق في حرية التعبير والتجمع. هذه إحدى الفقرات المتعلقة بملف العمال بتركيا، التي جاءت في التقرير الصادر مؤخراً عن الاتحاد الدولي لنقابات العمال (ITUC) بخصوص أسوأ عشر دول في حقوق الإنسان.
أُدرجت تركيا ضمن الدول التي "ليس لديها ضمان لحقوق العمال"، إلى جانب أفغانستان والجزائر والبحرين وبنغلاديش وبيلاروسيا والبرازيل والصين وكولومبيا وغيرها الكثير.
يركز الاتحاد الدولي للنقابات، بشكل خاص، على حق العمال والنقابات في حرية التعبير والتجمع، في إشارة إلى احتجاز رئيس اتحاد النقابات التقدمية في تركيا (DİSK)، أرزو سيركيز أوغلو، والأمين العام لـDİSK، عدنان سيردار أوغلو، في 1 مايو 2020،
يقول الاتحاد بإيجاز: "في تركيا ، أغلقت شرطة إسطنبول في يوم مايو 2020 المكتب المركزي لاتحاد DİSK في ساعات الصباح الباكر، واعتقلت رئيس DISK، أرزو تشيركيز أوغلو، والأمين العام لـDİSK، عدنان سيردار أوغلو، وخمسة وعشرون عضواً من DISK".
اقرأ المزيد: لماذا يلتقي “نصر الحريري” الصحفيين الأتراك ويتجاهل نظراءهم السوريين؟!
ووقعت المواجهة، حيث منعت الشرطة المسيرة إلى ساحة تقسيم في إسطنبول، مستخدمة حظر التجول بسبب COVID-19 كذريعة، وتم إطلاق سراح النقابيين في وقت لاحق من بعد الظهر. وكانت هذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها اعتقال القادة في ذلك العام.
واتهم “الاتحاد الدولي لنقابات العمال”، الحكومة التركية التي يقودها حزب “العدالة والتنمية” الحاكم باتباع سياساتٍ معادية للعمال وممثليهم في النقابات. كما اتهم أنقرة بانتهاك حقوقهم أيضاً، إضافةً إلى حقوق المدافعين عنهم.
🚨BREAKING NEWS🚨
— ITUC (@ituc) June 30, 2021
The 2️⃣0️⃣2️⃣1️⃣ #RightsIndex is out, rating 149 countries for working people!
Find the rating for your country and take action 👉🏿https://t.co/QB8oZf9YyF pic.twitter.com/glilP7PwnE
في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، شنّت الشرطة التركية حملة قمع على أعضاء نقابة بيرليسك ميتال إيز، التي نظمت مسيرة من جبزي إلى أنقرة للاحتجاج على الفصل التعسفي للعمال في العديد من الشركات واستخدام COVID-19 كذريعة لمفردهم، خارج أعضاء النقابات العمالية لإجازة غير مدفوعة الأجر. وجاء في التقرير: "منع الوجود المكثّف للشرطة من بدء المسيرة، وتم احتجاز 109 من أعضاء بيرليسيك ميتال-إيز لدى الشرطة، وتظهر لقطات فيديو للاعتقالات عنف الشرطة الشديد في هذه العملية".
صادق أكبر اتحادٍ لنقابات العمال الأتراك على المعلومات التي وردت في تقرير “الاتحاد الدولي لنقابات العمال” الذي صنّف تركيا ضمن “أسوأ 10 دول تُنتهك فيها حقوق العمال في العالم”، ورصد أيضاً حادثة سجن 26 مدرّساً من أعضاء مؤسسة “اتحاد التعليم” بعد مداهمة بيوتهم في مقاطعة ديار بكر ذات الغالبية الكردية، والواقعة جنوب شرقي تركيا، وكذلك عقب تفتيش محتويات مكاتبهم في أماكن عملهم.
اقرأ المزيد: صراع النفوذ والسلطة يتواصل ضمن هيكليات النظام السوري
الجدير بالذكر أنّ الانتهاكات لحقوق العمال طالتهم في 45 دولة، بحسب التقرير، وتشمل النتائج الرئيسية لمؤشر ITUC العالمي للحقوق الواردة في التقرير:
- لم يكن للعمال حق الوصول إلى العدالة أو قيدوا في 65 بالمائة من البلدان.
- 87 بالمئة من الدول انتهكت الحق في الإضراب. 79 بالمئة من البلدان انتهكت الحق في المفاوضة الجماعية. 74 بالمئة من الدول استثنت العمال من حق تأسيس النقابات والانضمام إليها.
وارتفع عدد الدول التي أعاقت تسجيل النقابات من 89 عام 2020 إلى 109 عام 2021. ودخلت دولتان جديدتان في قائمة أسوأ عشر دول للعمال (بيلاروسيا وميانمار). أيضا ارتفاع عدد الدول التي حرمت أو قيدت حرية التعبير من 56 في عام 2020 إلى 64 في عام 2021. وتعرض العمال للاعتقال والاحتجاز التعسفيين في 68 دولة. وقُتل النقابيون في ستة بلدان: البرازيل وكولومبيا وغواتيمالا وميانمار ونيجيريا والفلبين.
إعداد وتحرير: وائل سليمان
ليفانت نيوز _ الاتحاد الدولي للعمال _ العربية
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!