-
الدوحة وتعويم طالبان.. التجربة الملهمة لتنظيمات الإسلام السياسي
مما لا شك فيه، أنه ومنذ الخامس عشر من أغسطس الماضي، يوم استيلاء حركة طالبان (المصنفة إرهابياً على المستوى العالمي)، على العاصمة الأفغانية كابول، عبر قوتها المسلحة من جهة، وانهيار الدولة الأفغانية السريع من جهة ثانية.. وهي تبحث عن الاعتراف بشرعية حكمها، كونها دون ذلك ستعمل عبثاً دون أن تنتج، وستصدر جعجعة لكن بلا طحين.
مساعي قطرية لتعويم طالبان
الأمر عينه تدركه الدوحة، التي كانت تعتبر الموقع الرئيس لإقامة متزعمي الحركة خلال السنوات السابقة، ومن هناك، تم التوقيع على اتفاقية أمريكية مع طالبان، العام 2020، تعهدت عبرها واشنطن بالانسحاب من أفغانستان، مقابل ضمانات أمنية من طالبان.. وعليه فقد زعمت لولوة الخاطر، مساعدة وزير الخارجية القطري، في السادس من أكتوبر الماضي، خلال مقابلة مع صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية، إنه "لا يوجد داع حالياً للاعتراف بحركة طالبان، لكن في الحقيقية هناك حاجة ماسة لإقامة علاقة معها"، ضمن محاولات قطر تعويم التنظيم، ورفع صفة الإرهاب عنه.
اقرأ أيضاً: أطاح بقُضاة ومستشار رئاسي بسببه.. أردوغان يخشى كافالا ولن يخرجه
وذكرت الخاطر: "حقيقة أن وزير الخارجية الأمريكية السابق (مايك بومبيو) وقع اتفاقاً في فبراير 2020، والطرف الآخر في هذا الاتفاق كان فيه "طالبان"، وكان الملا عبد الغني بارادار نفسه هناك بجانب وزير الخارجية، كان هذا الأمر لا بأس به في ذلك الوقت، أليس كذلك؟".
وتابعت: "هذا لا يعني الموافقة على أفعالهم أو أسلوبهم في الحكم أو قيمهم، هذا يعني فقط أنهم يشاركون بشروط عملية لتحقيق أهداف مهمة للغاية، الأمر بسيط لذلك هناك حاجة لإقامة علاقة مع طالبان، دون الاعتراف بها بالضرورة، وهذا ممكن"، مدعية أن "طالبان تدرك أنها بحاجة لاعتراف دولي، لذلك يريدون الظهور كما لو أنهم تغيروا بالفعل أيضاً".
الدوحة منصة للقاءات طالبان
عملت الحركة، وفق وجهة النظر القطرية، عبر السعي إلى الترويج لنفسها، ومحاولة الإيحاء ببعدها عن العنف، وإمكانية التعاطي معها، وعقدت في السياق، جملة من اللقاءات الدبلوماسية خلال شهر أكتوبر الماضي، متخذة من الدوحة منصة لتلك المساعي.
فأعلنت حكومة طالبان في التاسع من أكتوبر، أنها بحثت مع الولايات المتحدة "فتح صفحة جديدة" في العلاقات بينهما، وذلك على لسان وزير الخارجية بالوكالة في حكومة "طالبان"، أمير خان متقي، عقب أول اجتماع مباشر عالي المستوى منذ انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، جرى بين ممثلين عن "طالبان" وواشنطن في الدوحة.
اقرأ أيضاً: إلغاء الطوارئ المصرية.. إشارة للتعافي وعودة للريادة بالإقليم
كما التقت حركة "طالبان" في الحادي عشر من أكتوبر، في العاصمة القطرية الدوحة، مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، وفق ما أعلن وزير خارجية حكومة "طالبان" أمير خان متقي، قائلاً: "نحن نعقد اجتماعات إيجابية مع ممثلين عن دول أخرى"، لكن دون أن يكشف عن المسؤولين الأوروبيين أو عددهم، زاعماً: "نريد علاقات إيجابية مع كل العالم، ونؤمن بعلاقات دولية متوازنة.. نعتقد أن العلاقات المتوازنة من الممكن أن تنقذ أفغانستان من عدم الاستقرار".
مبررات قطرية جديدة
بيد أن تلك المساعي القطرية، أخفقت كما يبدو في إقناع العالم بطالبان أو حكومتها، وعليه، اختلقت الدوحة مبررات جديدة لإقناع العالم بالتعاطي مع حكومة طالبان كسلطة أمر واقع، فصرح مطلق القحطاني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري، في الثاني عشر من أكتوبر، بأن بلاده تعتقد أن الاعتراف بحكومة طالبان في أفغانستان ليس أولوية الآن.
زاعماً أهمية التركيز على التواصل مع حكومة طالبان ومعالجة القضايا الإنسانية معها، بالقول: "نعتقد أن هذا (الاعتراف) ليس أولوية"، "الأولوية الأكبر ونحن نتحدث الآن، هي العمل الإنساني والتعليم وحرية انتقال المسافرين"، ما أشار إلى مواصلة المساعي القطرية لإقناع العالم التدريجي بالتعامل مع طالبان، حيث تأمل الدوحة أن يتوسع ذلك التعامل مع مرور الوقت، ما قد يدفع بعض الدول للاعتراف بشريعة طالبان وحكومتها.
اقرأ أيضاً: إيران وأكذوبة الحوار مع السعودية.. تكتيك لقبول النووي ومصالحة العرب
وعليه، تظهر محاولات المسؤولين القطريين، وسعيهم الدؤوب لإقناع الدول المختلفة بالقبول بطالبان، وكأن الدوحة باتت تعتبر نفسها وصية على أفغانستان، أو أن الأخيرة أضحت واحدةً من أوراق القوة التي تظن الدوحة بأنها باتت تملكها، خاصة أن تجربة استيلاء طالبان على أفغانستان، تحولت إلى مصدر إلهام لباقي تنظيمات الإسلام السياسي، ومنبعاً لإمدادهم بالروح المعنوية، عقب الإخفاقات المتتالية لتنظيمات الإخوان المسلمين في سوريا ومصر وليبيا وتونس والمغرب وغيرها.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!